براء الحلبي يكتب : صورة الموت الفائزة

ووسط ضباب من الغبار وبين أنقاض مبنى، ومسجد تدمر جزئياً، رأيت هذا الرجل يركض باتجاه سيارة إسعاف وبين ذراعيه شقيقته الصغيرة التي أصيبت بجروح بالغة.. يتبع

خرجت كعادتي أتجول بالمدينة الأحب إلى قلبي بسوريا الحبيبة وتحديدا بحي الكلاسة في حلب ، فالسماء صافية ، والشمس ساطعة,  ولما لا فاليوم هو الثالث من حزيران/يونيو 2014، يوم الانتخابات الرئاسية في سوريا والتي حاز بشار الأسد بموجبها على تسعين في المئة من نسبة الاصوات.
على بعد أمتار من ذاك الحي، كان السكان في الاحياء الواقعة تحت سيطرة النظام ، يقبلون على صناديق الاقتراع. وكنت بصدد التجول بسيارتي لحظة سقوط قنبلة في مكان قريب.
ووسط ضباب من الغبار وبين أنقاض مبنى، ومسجد تدمر جزئياً، رأيت هذا الرجل يركض باتجاه سيارة إسعاف ويحمل بين ذراعيه شقيقته الصغيرة التي أصيبت بجروح بالغة،  وربما كانت ميتة بالفعل. لم أعرف أبدا ماذا حلّ بهذا الرجل وبهذه الفتاة.

 صورة براء الحلبي التي فازت بجائزة فيبكوم

أستوقفني هذا المشهد الذي سجلته كاميراتي كثيرا ، وقررت أن اتجه للتصوير فمهمنتي الجديدة لم تعد هواية،  بل وسيلة لإخبار العالم بما يجري في وطني من مذابح وتفجيرات وبراميل متفجرة، وجرائم يرتكبها النظام دون هوادة,  أرسلت تلك الصورة لوكالة فرانس برس لعلها عكس جزءا من المعاناة ، لكني وأنا أقف اليوم استلم  جائزة الفجيرة الدولية للتصوير الصحافي “فيبكوم ” التي حصلت عليها بسبب تلك الصورة اتذكر أهلي ووطني ومئات الصور والجراح التي لم تتوقف بعد

ففي كثير من الاحيان لا استطيع أن أصور بسبب فظائع المشاهد التي أراها بعد القصف فأنا أوثق موت أشخاص,  أبناء بلدي وأحبهم,  وهم من الناس البسطاء فـ سفري لفرنسا كان لتسليط الضوء على معاناتنا بأننا لسنا فقط أرقام أو صور
ومع شعور بالفخر بعد منحي هذه الجائزة، لكنني آمل أن تتمكن الشعوب حول العالم من رؤية ما هو أبعد من هذه الصورة.  صور التفجيرات والمعاناة لا تختصر سوريا، هي عبارة عن مجموعة من الناس يطالبون بالحرية ويريدون بناء بلدهم. وأخشى أن نتحول على المدى الطويل، ونصبح أكثر قسوة في مواجهة الرعب لكني سأظل أصور وأوثق حتي ننتصر.

براء الحلبي

مصور سوري

فائز بجائزة فيبكوم الدولية للتصوير الصحفي بفرنسا الأسبوع الماضي

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها