المقاطعة الخليجية … بعيون فلسطينية

يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحماس في قطاع غزة
يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحماس في قطاع غزة

الثاني والعشرين من رمضان 1393 هـ (1973م) تاريخ اتحدت فيه الدول العربية المصدرة للنفط واتخذت قرارها بمنع تصدير البترول للولايات المتحدة الأمريكية والدول الداعمة للكيان الصهيوني بالتزامن مع حرب أكتوبر 1973.

العاشر من رمضان 1438 هـ (2017م) اتحدت ذات الدول واتخذت قراراها بقطع علاقتها بـ “قطر” لدعمها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في نضالها ضد ذات الكيان الذي قاطعوا من يدعمه بالأمس القريب!!

مفارقة (تضع العقل بالكف) فلطالما كانت القضية الفلسطينية هي محور القضايا العربية والإسلامية، ولطالما كان النضال ضد العدو المحتل هو النضال العادل والمبدأ السامي الذي لا يحتمل الخلاف، أما انقلاب الموازين بهذا الشكل الدراماتيكي وفي هذا الوقت الزمني القصير نسبيا فإنه أمر يدعو للعجب.

في كتاب ” فلسطين ودول الخليج العلاقات الفعلية” أَجمَل الكاتب طبيعة العلاقة الخليجية بالقضية الفلسطينية منذ الانتداب البريطاني وقبل إعلان قيام دولة الكيان الصهيوني عام 1948، وما تبعه من حروب عربية مشتركة ضد العدو عامي 1967 و 1973، وقد كانت جميع المواقف الخليجية في مجملها مواقف مشرفة سجلها التاريخ وتناقلتها الأجيال بكل فخر واعتزاز.

واليوم يتغير المشهد السياسي العربي إلى مشهد قاتم مشوش في خطابه وتوجهه ومبادئه التي لا يتسع لعقل أي عربي مسلم استيعابها.

فحماس آخر ما تبقى من حركات المقاومة والنضال الفلسطيني تصنف اليوم بأنها حركة ارهابية تقاطع دول شقيقة شقيقتهم الصغرى من أجلها مطالبة إياها بطرد قياداتها من أراضيها وتجميد أرصدتهم ووقف تمويلها ودعمها في حين تمنح هذه الدول للولايات المتحدة مليارات طائلة من الدولارات يطير بعدها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مباشرة لتل أبيب في زيارة بهدف “السلام”.

أما المشهد الصهيوني متمثلا في إعلامه، والذي لم يكن يوما واضحا في مواقفه وتوجهاته والتي اتسمت بالضبابية في كثير من الأحداث، بارك خطوة السعودية والإمارات واعتبرها تطورا مهما في مسار العلاقات العربية الصهيونية من العداء الصريح أو العلاقة السرية إلى علاقات شرعية معلنة تعتبر دولة الكيان حليفا قويا يتكاتف الجميع معه لنزع الشوكة الوحيدة العالقة  بحلقه “حماس”.

كما ولأول مرة في تاريخه يستضيف التلفزيون الإسرائيلي باحثا سعوديا على شاشته مبشرا بشرق أوسط جديد، وهو ما أيدته صحيفة هآرتس قائلة إن التصعيد الحالي ما هو إلا خطوة أولى في سبيل السيطرة على غزة والقضاء على حماس ولضمان سير الخطة على الوجه الأمثل فإن أولى خطواتها هو تشويه وجه المقاومة وصبغه بصبغة الارهاب، وثانيها هو إخماد صوت الاعلام الحر متمثلا بالجزيرة.

إن تمسك قطر بدعم القضية الفلسطينية نابع من المبادئ العربية والإسلامية الراسخة والتي لم تزعزعها رياح المصالح السياسية والاقتصادية والشخصية، وهو مبدأ أصيل يتشبث به كل مسلم في سبيل تحرير أقصانا ومسرى نبينا من دنس الصهاينة المعتدين.

أما تفلت الآخرين من دعم القضية ومحاولاتهم المستميتة لإخماد كل الأصوات التي تنادي بتحرير القدس وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل الأراضي المحتلة لهو أمر يدعو للعجب !!!

أما نحن كفلسطينيين فإننا نؤمن بوعد الآخرة الذي سيتحقق يوما شاء من شاء وأبى من أبى ” فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا”.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها