الدون رونالدو: “المُنتهي” الحاسم!

يواصل نجم ريال مدريد البرتغالي كريستيانو رونالدو حسم المباريات وتحطيم الأرقام القياسية جولة بعد أخرى، خصوصا على الصعيد الأوربي، حين تمكن خلال الجولات الماضية في تعزيز موقعه في صدارة ترتيب هدافي دوري الأبطال عبر تاريخ المسابقة بـ 103 أهداف، بعد أن نجح في تسجيل خمسة أهداف في ربع النهائي ضد بايرن وثلاثة أهداف في نصف النهائي ضد أتلتكو مدريد.

بكل تأكيد هذا التألق لم يأت من باب الصدفة أو الحظ كما يزعم جمهور كرة القدم في شبكات التواصل الاجتماعي عندما أطلقوا على كريستيانو لقب “المُنتهي”  في إشارة لتراجع مستواه بعد تجاوزه لسن الثلاثين.

هل شاخ رونالدو؟

من الطبيعي أن يتأثر لاعب كرة قدم بعامل السن، خصوصا رونالدو الذي بدأ مسيرته الاحترافية بشكل مبكّر، إضافة إلى ذلك هناك سببان يبرران تراجع المستوى البدني لكريستيانو.

السبب الأول هو أن الـ CR7 يعتمد على الجانب البدني بشكل كبير، كما أن سر نجاحه يكمن في اجتهاده، وعمله المستمر الذي مكنَّه من التطور والاستمرارية، أما السبب الثاني هو أنه بدأ المنافسة بسن مبكرة  قبل وصوله لسن الـ 18، لذلك فمن الطبيعي أن يتأثر جسده بعد الثلاثين. لأن هناك دائما عمر مفترض للاعب كرة قدم.

نفس الشيء حدث مع أسطورة برشلونة كارلوس بويول، الذي بدأ مسيرته الاحترافية باكرا، إذ تم تصعيده للفريق الأول موسم 1999-2000، لتنتهي مسيرته الكروية عام 2014 بشكل أسرع مما توقع البعض، وعلى النقيض هناك مجموعة أخرى بدأت الاحتراف بشكل متأخر قليلا، لذا كان الطبيعي أن يتأخر سن الاعتزال بالنسبة لهم أكثر من غيرهم مثل زيدان، الذي استمر في اللعب حتى سن الـ 34 بنفس الجودة، دون أن ينخفض مستواه أو يتأثر.

مرونة رونالدو وحكمة زيدان

نظرا لتقدمه في السن، لم يعد بوسع كريستيانو اللعب كجناح يبدأ الهجمة على الرواق ليجري، ويراوغ ويسدد، هذه مهارات فقدها رونالدو بسبب تأثره بعامل السن، لكنه عرف كيف يتعامل بمرونة مع تقدّمه في العمر، و استطاع أن يعيد اكتشاف نفسه مرة أخرى عبر دور جديد يتمثل في إنهاء الهجمات وتسجيل الأهداف.

ويحسب لزيدان أنه عرف كيف يتعامل مع صاروخ ماديرا ليستفيد من قدراته بأفضل شكل ممكن ، حيث أقنعه بعدم ضرورة مشاركته في كافة مباريات الموسم، هذا ساعد رونالدو كثيرا في الوصول إلى أهم فترات الموسم، بلياقة ممتازة وحضور ممتاز، كما رسم زيدان خطة واضحة المعالم للاستفادة من قدرات رونالدو.

زيدان مع ريال مدريد يلعب بمزيج بين خطتي 4-3-3 و 4-4-2 لكن الفكرة واحدة، تتمثل في إيصال الكُرة إلى الثلث الهجومي الأخير ليتولى رونالدو تسجيلها. على أن يعمل بنزيمه باستمرار على خلق المساحات.

مركز رونالدو بعد الثلاثين

يُفضّل رونالدو اللعب خلف المهاجم، حيث يسجل كثير من الأهداف مع الريال مستفيدا من تحركات كريم بنزيمه حيث تكمن قيمة بنزيمه في تحركاته على الأطراف وعودته إلى الوراء، من أجل فتح المساحات لرونالدو ولغيره، مستفيدا من ذكائه الحاد ورؤيته الجيدة.

قبل سنوات عديدة مع مورينهو، كان ريال مدريد يلعب بخطة 4-2-3-1 ، وكان رونالدو يلعب في مركز الجناح المقلوب الذي يستلم الكُرة على الجانب الأيسر ويتوغل بشكل قطري، على طريقة روبين حاليا مع بايرن ميونخ.

مع الوقت، تقدم رونالدو في العمر، تراجعت لياقته، وما عاد بإمكانه اللعب في مركزه القديم ، لذا كان لابد من التحول وتغيير الشكل التكتيكي الذي جاء في عهد أنشيلوتي، حيث تخلى الفريق عن خطته القديمة 4-2-3-1 وبات الفريق يلعب بشكل دائم بخطة قريبة من 4-4-2 وكان رونالدو دائما خلف بنزيمه!

نفس الشيء حدث مع البرتغال في الفترة الأخيرة، ورغم أن الفريق يضم مواهب عديدة قادرة على التأقلم سريعا والنجاح بشكل أكبر مع خطط مثل 4-3-3 وغيرها، إلا أن الرهان مستمر على 4-4-2 لأنها تناسب كريستيانو ، وذلك ما أدركه مدرب البرتغال فيرناندو سانتوس منذ بطولة اليورو الأخيرة حيث تخلى عن فكرة رأس الحربة التقليدي وقام بوضع ناني أمام كريستيانو في مرات عديدة من أجل أن يخلق له المساحات على طريقة بنزيمه.

إنهاء الهجمات وفكرة غوارديولا

كنت دائما أقول أن ميزة رونالدو بعد الثلاثين ونقطة قوته هي إنهاء الهجمات، بكافة الطرق والوسائل، الممكنة وغير الممكنة والدليل هو أهدافه الأخيرة في دوري الأبطال ضد بايرن ميونيخ وأتلتيكو مدريد.

في لقاء تلفزيوني مع النجم الفرنسي تيري هنري ، قال لاعب برشلونة السابق بأن غوارديولا كان يقول لهم في برشلونة: 
مهمتي هي إيصالكم للثلث الهجومي الأخير، ومهمتكم هي إنهاء الهجمات وتسجيل الأهداف
“My job is to bring you to the last third; your job is to finish it”

وبالتأكيد فإن مهمة لاعبو ريال مدريد في عهد زيدان تتمثل في إيصال الكرة إلى الثلث الهجومي الأخير عبر صعود ظهيري الجنب وضبط اللعب من جانب كروس- مودريتش، ومهمة كريستيانو رونالدو هي الإنهاء وتسجيل الأهداف في المباريات الكبيرة.

في النهاية، أريد أن أنوه إلى أن من أصعب الأشياء في كرة القدم هو حسم المباريات عبر تسجيل الأهداف من أنصاف الفرص إنه الشيء الذي يستعصي على كثير من الفرق الأوروبية، من ضمنها مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد ، في حين أن رونالدو يقوم بهذا الشيء دون تكلف أو عناء، لذا أعتقد أن لقب المُنتهي لا يعدو على أن يكون مجرد هراء.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها