الاحتراف في مصر نعمة أم نقمة ؟

 “الأندية المصرية اليوم أصبحت أمام واقع يفرض نفسه على الجميع وهو واقع الاحتراف ليس من منطلق الاحترافية ولكن من منطلق هجرة المواهب المميزية من هذه الفرق نحو احتراف أوربي”

 

لم يكن عامل قوة الأندية المصرية هو السبب الوحيد لتفوقهم الأفريقي منذ بداية عهد بطولات أفريقيا للأندية، بل كانت قدرة الأندية على الحفاظ على نجومها من أحلام الاحتراف واحدة من أهم الأسباب وراء ذلك،فأندية أفريقيا بشكل عام، وشمال أفريقيا بشكل خاص عانت من رحيل نجومها للاحتراف في أوربا، بينما حافظ الزمالك والأهلي على نجومهما فضمنوا سيطرة كبيرة على البطولات الأفريقية. 

 الأندية المصرية اليوم أصبحت أمام واقع يفرض نفسه على الجميع وهو واقع الاحتراف، ليس من منطلق الاحترافية ولكن من منطلق هجرة المواهب المميزة من هذه الفرق نحو احتراف أوربي. 

فالبداية كانت باحتراف أحمد حسام ميدو الذي قدم رحلة احترافية ناجحة في عدد من أشهر أندية أوربا قبل أن يعتزل قبل عدة سنوات، ثم كان توهج محمد صلاح في رحلته الاحترافية وانتقاله من بازل السويسري إلى تشلسي الإنجليزي ثم فيورنتينا الإيطالي وأخيرا روما الإيطالي أحد أعرق الأندية الأوربية، وكذلك سار على نفس الدرب زميله السابق في بازل محمد النني الذي انتقل لصفوف أرسنال الإنجليزي، أيضا لا ننسى المردود الطيب الذي يقدمه رمضان صبحي لاعب ستوك سيتي الإنجليزي ومحمود حسن تريزيجه المعار من أندرلخت البلجيكي إلى موسكرون هذا على المستوى الأوربي أما على المستوى الخليجي فلا يمكن أن نغفل النجاح الملفت الذي يقدمه محمود كهربا لاعب الزمالك المعار لصفوف اتحاد جدة السعودي .

نجاح هؤلاء اللاعبين في رحلتهم الاحترافية حتى الآن قد يدفع نجوم المنتخب المصري الحالي أمثال أحمد حجازي وعبد الله السعيد وعلى جبر وطارق حامد وأحمد فتحي للتفكير في خوض تجربة الاحتراف وربما النجاح والاستمرار في رحلتهم الاحترافية . 

إذًا هناك تهديد للأندية المصرية الكبيرة وعلى رأسها الأهلي والزمالك من عدم القدرة على الحفاظ على أبرز نجومها الفترة القادمة وذلك بالتأكيد نتج لعدة أسباب نستعرضها سويا:

  1. حلم ريال مدريد وبرشلونة :

ربما لو سألت أي طفل يمارس كرة القدم في مصر عن أقصى أحلامه لو أصبح لاعب كرة  لأجاب إما اللعب في ناديه المفضل في مصر أو نادٍ من عمالقة أوربا أمثال ريال مدريد أو برشلونة أو بايرن ميونخ والخ .. الحلم كان من قبل صعب المنال أمام مستوى اللاعبين المصريين الذي لا يرتقي لهذه الأندية ولكن مع تجربة أحمد حسام ميدو ومحمد صلاح  ومحمد النني دفع لاعبين كمحمود حسن تريزيغيه ورمضان صبحي واحمد حسن كوكا وعمرو وردة للاحتراف المبكر خارجيا لتحقيق هذا الحلم.

  اختيارات المنتخب :

التجمع الأخير للمنتخب الأول مع المدرب الأرجنتيني “هيكتور كوبر” شمل ١٠ لاعبين محترفين من أصل ٢٥ لاعبا ، رؤية كوبر  وثقته في اللاعبين المحترفين بشكل أكبر بسبب ما يراه من مناخ مناسب لتطور اللاعبين بشكل مستمر في أوربا عن الدوري ، هذا الأمر أيضا دفع العديد من  اللاعبين للاحتراف لإثبات أنهم قادرون على المنافسة والتطور خاصة بعد مشاهدة نماذج للاعبين كسام مرسي لاعب ويغان الإنجليزي وأمير عادل لاعب فيبورغ الدنماركى.

٣غياب الجمهور :

منذ كارثة بورسعيد في العام ٢٠١٢ ولا يزال الجمهور المصري بمختلف انتماءاته بعيدا عن حضور منتظم لمباريات فريقه، غياب جماهيري أفقد البطولة المصرية متعة كانت تجعلها على رأس البطولات الأفريقية والعربية من قبل، هذا الغياب أفقد اللاعبين حافز ومتعة اللعبة والإثارة التي كادت تكون معتادة في مباريات الدوري المصري وأصبحت المباريات كمشاهدة الفيلم دون وجود صوت فاصبحت الملاعب كالقبور.

٤مشكلة الدولار :

منذ نهاية العام ٢٠١٦ ومع أزمة انهيار الجنيه المصري وارتفاع سعر الدولار ، ازدادت الفجوة بين عقود اللاعبين مع أنديتهم المصرية وبين العروض المقدمة لهم من الأندية الخليجية أو الأوربية بفارق كبير وهو ما دفع وسيدفع العديد  من اللاعبين للاحتراف لتأمين مستقبلهم المادي والكروي بشكل أفضل بعيدا​ عن القيمة التي تتضاءل لعقودهم مع أنديتهم المصرية بالجنيه المصري.

 هذه الأسباب أصبحت خارجة عن إرادة الأندية المصرية في تعويضها للاعبين المصريين عدا سبب واحد وهو الوصول للمنتخب والذي يحققه اللعب للأهلي أو الزمالك ، ولكنه ليس سببا كافيا لمواجهة هذه الأندية لطوفان الاحتراف.

وهنا يظهر التحدي في قدرة الأندية المصرية على الحفاظ على نجومها من الرحيل الخارجي أم تستسلم هذه الأندية لواقع الاحتراف ويدق المسمار الأخير في نعش التفوق الأفريقي للأندية المصرية!

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها