إيمان مسعود تكتب : أشعل أنوارك الحمراء لطموحك

الكثير من قصص الناجحين تنبأ من حولهم لهم بالفشل إلا أنهم قرروا أن يكونوا ذووا شأن ، المُهم أن نُركّز على ما نستطيع فعله وما تُسعفنا الإمكانيات التي بين يدينا لفعله. يتبع

 إيمان مسعود / مدونة مصرية

” مهند ” موظف في شركة عقارات ، اجتمع بهم المدير ذات يوم وأعلن ترقية زميل لهم لأنه كان سبباً في أن تحوز الشركة إحدى الصفقات الهامة في تاريخ الشركة ، تسرّب إلى داخل “مهند ” أنه ليته لو كان حاز هو هذه الترقية ، بعد نهاية دوام ” مهند ” عاد للمنزل وأثناء ما كان يهم للدخول إلى المنزل لاحظ أن جاره قد اشترى سيارة فارهة فحدّث نفسه أنه لو كان هو نال الترقية لكان تمكن من اقتناء سيارة مثلها بالمكافأة التي سيمنحه إياها المدير .

وعندما ولج لداخل البيت أتاه صوت الهاتف فلما أجاب كان صوت صديقه يبشره أنه قد نال درجة الدكتوراه !! فقال لنفسه : زميل دراستي صار دكتوراً ومازلت موظفاً ! لم أحوز ترقية تمكنني حتى من تغيير سيارتي بأخرى جديدة !!

مقارنة الإنسان نفسه بالآخرين أمر فطري وغريزة بشرية لذا جاء التوجيه الديني والنبوي أن يتم تأطير مقارنة النفس بمن هو أقرب منه سعيا لله للتحفيز على مزيد من العمل  تقرباً لله ، بينما في أمور الدنيا يقارن الإنسان نفسه بمن هو أقل منه حظاً ليقنع بنعم الله عليه ..

زميل دراستي صار دكتوراً ومازلت موظفاً ! لم أحوز ترقية تمكنني حتى من تغيير سيارتي بأخرى جديدة !!

إلا أن هناك نوعاً من المقارنات يكون مُحبذاً وهو ما كان في أمور النجاح كأن نقارن أنفسنا بنظراء لنا باغتتهم عوائق مشابهة لنا فتغلبوا عليها وحققوا طموحاتهم بأقل الإمكانيات فيكون ذلك تشجيعاً لنا أن نحقق أهدافنا بأقل ما نمتلك .. على أنه من المقارنات المحببة أيضا مقارنة النفس بالماضي وما أنجزناه من خطوات صوب تحقيق الهدف وتقوية جوانب الضعف والإلمام بالخبرات التي اكتسبناها .. 

إن وضع المرء أحد الأشخاص نداً له يعود عليه بالسلبية فهو يجعله يحصر سقف طموحاته في اكتساب نجاحات ذلك الشخص ، وهذا أمراً كارثياً لأن الظروف المحيطة يستحيل أن تجتمع بدقة وإن تشابهت ويبقى الحاسد في حلقة مفرغة بين حقده وبين عجزه عن تحقيق ذات الهدف الذي يظن أنه إذا ما حققه فإنه سيجرّد الآخر من إنجازاته ! فالإنسان عندما يٌقارن نفسه بندّاً له يربط قيمته بهذا الشخص وليس بذاته

مقارنة الإنسان نفسه بناجح في محيطه يعتبره نداً له تُبرز أمام عينه السلبيات التي يحملها بداخله والمزايا التي يفتقر إليها إلى الحد الذي تحجبه من رؤية مميزاته ..لذلك عند مقارنة النجاح بآخر هناك قاعدة لا بد من أخذها في الإعتبار } لكل منا قدرات متفاوتة صاغتها عوامل مختلفة { ..

كثيراً من تقويم الأهل لأبنائهم قائم على المقارنة بآخرين !! لذا فاللتربية علاقة مباشرة في زرع مشاعر سلبية لدى أبناءهم تجاه الناجحين

كثيراً من تقويم الأهل لأبنائهم قائم على المقارنة بآخرين !! لذا فاللتربية علاقة مباشرة في زرع مشاعر سلبية

 بعبارات مثل ( شقيقك أذكى منك !!  انظر زميلك في الصف أكثر هدوءا من إزعاجك !! ، ابنة صديقتي نالت درجات متقدمة عنك واخجلتني بدرجاتِك الفاشلة !! ) وغيرها من المقارنات التي تقتل ثقة الطفل بقدراته فيكبر وتنمو معه غيرة الطفولة فتصبح حقداً وحسداً ..

من اعتقاداتنا الخاطئة أننا سنشعر بالراحة إذا ما نجحنا في تحقيق أهداف الشخص الذي نعتبره نداً لنا ! كلا سنجد لنجاحنا الجديد نداً ثالثاً ورابعاً !!

أرى أن لجوء الإنسان للمقارنة مع من حوله يعود إلى خلل ما في ثقته بنفسه ربما لتعرّضه لإنتقاد دائم ممن حوله أو إخفاقه في الماضي في إحدى جوانب حياته رغم أن الكثير من قصص الناجحين تنبأ من حولهم لهم بالفشل إلا أنهم قرروا أن يكونوا ذووا شأن ، المُهم أن نُركّز على ما نستطيع فعله وما تُسعفنا الإمكانيات التي بين يدينا لفعله وليس ما يذهب إليه خيالنا أن نفعله وأن نتيقن أن إرضاء كل الناس غاية لا تُدرك فلو ربطت إنجازك برأي من حولك فيك فإنك لن ترضى عن نفسك مُطلقاً

 

 إيمان مسعود

مدونة مصرية

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها