أسامة عودة يكتب: رسالة إلى ملك الموت

عندما كنا صغاراً تعرفنا عليه أو بالأحرى علمنا عنه شيئين لا ثالث لهما. به تكون النهاية، هذا ما أخبرونا عنه، أخبرونا أن للموت هيبة يخشاه حتى الجبابرة. يتبع

 أسامة عودة

عندما كنا صغاراً تعرفنا عليه أو بالأحرى علمنا عنه شيئين لا ثالث لهما. به تكون النهاية، هذا ما أخبرونا عنه، أخبرونا أن للموت هيبة يخشاه حتى الجبابرة. سألناهم هل ننتظره ؟ إجابتهم كانت قصيرة وحاسمة  “يأتي فجأة ليأخذ روحاً و يرحل”

ونبقى صغاراً و إن كبرنا، حتى أدركنا شيئا عجابا.

مات نفرٌ من الرجال، لم يكن صديقي ولكني كنت أعرفه، فذهبنا لأداء الواجب، كلمتين هما الأدق في وصف ذلك المشهد “أداء الواجب”  حيثكنا نؤدي حتى تمايلنا يميناً و شمالاً لننتهي من الصلاة عليه؛ وبعدها انطلقنا إلى الحياة.

ذهبنا لنأكل بعض ما يُبقي الجسد متماسكا، وضحكنا حتى نسينا بأن رجلا نعرفه قد مات .

حينها ابتسمت النفس لنفسها بعد أن ظهرت الحقيقة، لقد سقطت هيبة الموت من قلوبنا، فأصبحنا يمر علينا مرور الكرام، يلقي علينا سلاماً فنبادله السلام “هَلُم خذ ما شئت فلم نعد نعبأ”

كنت أخاف من سكرات الموت، ذلك الألم رفيق الروح حتى تبلغ عنق الحياة لتخرج منه دون عودة. زادت وتيرة تفكيري لحيرة أعلم شيء من اجابتها، كم جسد أعرفه استبقى روحه حتى يأتي مَلكٌ ينازعه عليها. حتى الأعمى رأى الحقيقة.

أرى في نفسي و من حولي أجساداً بلا روح.  روح نزعنها بأيدينا.

كنا أدرى الناس بأرواحنا، سلمنا الروح لملوك الخديعة، سلمنها بمليء إرادتنا لتدفن في سجون كُتب على أبوابها “كابوس”؛ حينها تتذكر صرخات اعتقدنا أنها كصرخة المولود المعلن أن  روحه لها مكان في دنيا الحياة، ولكنها لم تكن كذلك، لم نكن نعلم حينها أن صرخات أطلقتها حناجر الروح ما كانت إلا تحذيراً لا هوادة فيه أن تبقى الروح في أجسادها. وغلب الجسد الروح في صراع هو الأقصر والأعنف أملا منه أن ينعم بنعم لم ولن تكون له، واستسلمنا لسحر الأحلام وأعلنت طائفة من الأجساد الفوز بمعركة زائفة وسلموا الروح لقاتلها؛ حتى رأينا القاتل لم يجد حياة في أرواح لينزعها فانتقم من أجسادٍ خدعته فاستباحها وقتما وأينما شاء؛ ولم يدرك أي أياً من القاتل والجسد” أن الروح تموت إن فارقت الجسد.

لم يبقى في الجسد روح ينزعها ملك الموت؛ فجيل بأكمله حاله كحالي ؛إن جئت يا ملك الموت فلم نعد نهابك وارحل سريعاً فما جئت لأجله نزعناه بأيدينا بأمرنا، بأمر الأموات نُبلغك بأنك موقوف عن العمل مؤقتاً حتى تجد روحاً تقبضها

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها