أدهم أبو سلمية يكتب: انتفاضة فلسطينية ثالثة بنكهة شبابية

إن ما يحدث اليوم في الضفة والقدس هو البداية الفعلية لانتفاضة فلسطينية ثالثة يقودها الشباب الفلسطيني الذي يمتلك رصيداً من الوعي والإدراك لخطورة المرحلة وحساسيتها. يتبع

  الكاتب الفلسطيني / أدهم أبو سليمة

لم يكن استشهاد سبعة فلسطينيين في كانون- أول ديسمبر عام 1987إلا الشرارة التي أشعلت نار الانتفاضة الأولى”انتفاضة الحجارة.

 ولم تكن زيارة شارون للقدس إلا الشعلة التي أشعلت انتفاضة الأقصى المباركة عام 2000م، ومعها أعلنت نهاية عهد من المفاوضات والانهزام.

 
سبق انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى سنوات من التصحر حاول الاحتلال الاسرائيلي  خلالها تفريغ القضية الفلسطينية من محتواها ودفع الشباب الفلسطيني للانخراط في أمور جانبية بعيداً عن الهموم الوطنية والثوابت.

تسابقت قوات الاحتلال والأجهزة الأمنية الفلسطينية التي جاءت في اعقاب اتفاق أوسلو بملاحقة المقاومة وقيادات الفصائل الفلسطينية وزجت بهم في السجون وسخرت كل إمكاناتها في محاولة لوأد نار الانتفاضة لكن الانتفاضة استمرت وحققت جزءًا مهماً من أهدافها والتي تمثلت بتحرير أجزاء مهمة من فلسطين.

ما يميز الانتفاضتين الأولى والثانية هو ما سبقهما من حالة غليان كانت أشبه بالبركان المتحرك الذي يصارع الزمان قبيل ساعة الانفجار وكانت شظايا هذا البركان تتطاير هنا وهناك حتى كانت اللحظة التي انفجر فيها البركان في وجه الجميع معلناً ميلاد الانتفاضة الفلسطينية والتي انخرطت فيها لاحقاً كل الفصائل وعملت على تطوير أدواتها القتالية بما يؤلم العدو، وكان الشباب هم عمادها الحقيقي ووقودها الملتهب.

وما أشبه اليلة بالبارحة فالأحداث المتواصلة في الضفة المحتلة والقدس اليوم تؤكد أن البركان يقترب بشكل متسارع نحو ساعة الصفر وأن لحظة الانفجار قد دنت، وأن انتفاضة القدس قد بدأت إرهاصاتها قوية خلال النصف الأول من أكتوبر الحالي وما عمليات الطعن والدهس وإطلاق النار والمواجهات الكبيرة اليومية إلا دليلا على ميلادها الذي طال انتظاره.
 
ويبدو أن الرهان على الشباب الفلسطيني الذي تعرض لأبشع حملات الترويض الأمني والفكري طوال السنوات الماضية في الضفة قد فشل، وأن كل محاولات التسوية والسلام الاقتصادي قد سقطت عند أول اختبار جدي للمساس بالمسجد الأقصى وتقسيمه، وأنه في اللحظة التي يشعر فيها الشباب أن القيادة الفلسطينية باتت عاجزة تحرك هو لاستلام زمام الأمور وطرح نفسه بديلاً قوياً لانتزاع الحقوق الفلسطينية.
 
إن ما يحدث اليوم في الضفة والقدس هو البداية الفعلية لانتفاضة فلسطينية ثالثة بوصلتها القدس وأهدافها واضحة المعالم، يقودها الشباب الفلسطيني الذي يمتلك رصيداً عالياً من الوعي والإدراك لخطورة المرحلة وحساسيتها.
 
ويمكن القول هنا إن الشباب الفلسطيني وضع لنفسه خارطة طريق مهمة نحو هدف يتخوف منه أعداء شعبنا وهو إشعال انتفاضة فلسطينية ثالثة توقف حالة العبث المتواصل بالقضية الفلسطينية وتضع حداً لمفاوضات هزلية تحاول طمس الحقائق وتمييع الثوابت والقفز على الحقوق وقتل روح المقاومة لدى الشباب.

وإن كل المحاولات الأمريكية والإقليمية والعربية وحتى المحلية لوأد الانتفاضة ستسقط أمام عزيمة الشباب المنتفض، وإن المطلوب من الفصائل الفلسطينية والسلطة أن توفر حاضنة حقيقية لحماية الشباب كما أن المطلوب عربياً دعم ومساندة هذه الإنتفاضة وعدم التآمر عليها وقتل روح الإرادة التي تسكنها.
 
وسيذكر التاريخ قريباً أن الشباب الفلسطيني كان دائماً  طليعة العمل النضالي والعمل المقاوم، وإننا على موعد قريب مع الحرية والتحرير.

  أدهم أبو سلمية
كاتب فلسطيني وناشط إعلامي


المدونات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع الجزيرة مباشر.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها