13 سببا ليسقط حكم العسكر!(2)

عناصر من الجيش المصري في سيناء

السبب الأول: أزمة محدودية القدرات الذهنية وتشكّل ثقة الجاهل.

يهرب البعض من سرد الحقائق بشكلها المجرد خشية أن يتم فهمهم بشكل خاطئ، وفي الحقيقة هذا العيب العاطفي غير المنطقي يسبب الكثير من الكوارث.

الحقيقة أن الناس متفاوتون في قدراتهم الذهنية بشكل فردي بل ويمكننا الحكم على بعض الجماعات بشكل إجمالي، إذا ما كانت هنالك معايير تحكم تكوين تلك الجماعات كأن نقول أن الوعي والمهارات والقدرات الذهنية لدى جماعة الأطفال في المرحلة قبل الابتدائية أقل منها في المجمل عن مثيلاتها لدى خريجي الجامعات!
يتميز العسكريون بصفات إدارية وتنظيمية جيدة بحكم طبيعة عملهم، وصفات بدنية عالية بحكم طريقة انتقائهم، وصفات الانضباط الذاتي و الإلتزام بالقواعد بحكم طريقة تدريبهم.

إلا أن الواقع مع ذلك كله –وليس في ذلك عيب- أنهم يفتقدون لقدرات متميزة في نواحِ أخرى وعلى رأسها القدرات الذهنية كالمعرفة العلمية العامة والمستوى الفكري والثقافي والوعي الفلسفي وتطور الفكر المنطقي والتجريدي والتحليلي وتشكّل الفكر النقدي والوعي التكنولوجي ومعرفة اللغات الأجنبية وتشكل العقلية الاقتصادية وغير ذلك.

وهم مع افتقادهم لهذه القدرات الذهنية والمعرفية لا يشعرون بذلك من الأساس فبيئة العمل ويومهم الروتيني لا يحتّم عليهم استخدام كل تلك المهارات السابقة ولا تساعدهم طبيعة عملهم على اكتسابها من الأساس، بل من كانت له بعض المهارات الذهنية والفكرية قبل التحاقه بالوظيفة العسكرية فإنه لا يتطور في تلك المهارة بل ويفقدها مع الوقت نتيجة عدم استعمالها خلال فترة العمل!

الفرد العسكري متخصص في عمل بعينه، وأن الجماعة العسكرية في مجملها جماعة غير متميزة في الجانب الذهني ولا ينشأ بينهم العباقرة، وإمكانية خروج فلتات فكرية تحمل قدرات ذهنية استثنائية أمرا نادرا لا يُعوّل عليه وقد لا نجد له أي أثر.

كل شخص يجيد في مجاله، والعالم المتقدم كله يتجه منذ زمن نحو التخصص، ومن الواضح للغاية لكل مُبصر قد ألتحق بالقوات المسلحةِ فرداً مجنداً هو أن القيادات بالداخل لا يستطيعون القيام بأدوار تتطلب قدرات ذهنية وفكرية متطورة أو متوسطة حتى بعيدا عن أدوارهم العسكرية.

قد جبلتهم الصحراء على الغلظة والاستعاضة بالجانب البدني عن الجانب الذهني في تنفيذ مهامهم المتنوعة، وجبلتهم صرامة الأوامر العسكرية على الطاعة لا التفكير وتنمية الجانب الذهني والنقدي، ومنعهم ضيق الوقت من متابعة العلم والتكنولوجيا، وكذا فقد عزلهم ابتعادهم عن الحياة المدنية عن تشكّل وعي اجتماعي ومرونة ذهنية لاستيعاب التغيرات الموجودة في البشر والحياة من حولهم.
عادة لم يكن الضباط كذلك من المتفوقين دراسيا ولم تكن من أسس اختيارهم للكليات العسكرية القدرات الذهنية المرتفعة! كذلك لا يجد الضباط الوقت للقراءة لفترات طويلة أو حضور الندوات الثقافية المدنية (الغير موجهة)، وكذت لا يخالط الشخص العسكري كل أطياف الفكر في محاورات جدلية تثري فكره فمقامه بصفته ضابطا عسكريا يبعده عن ذلك ويبعد الناس عن محاورته!
الشخص العسكري يتدرب طوال حياته وفق نمط ثابت على خطة محددة ليتم تنفيذها بنفس الشكل والطريقة عند اندلاع الحرب، وبالتالي فالعقلية العسكرية ثابتة وبعيدة عن  الإبتكار و مجبولة على اتباع القواعد الصارمة المحددة مسبقا والمتكررة يوميا .. تلك النمطية التي قد تناسب طبيعة عملهم تجعل من تطور قدراتهم الذهنية أمرا يكاد يكون مستحيلا.

الجيش المصري

حاول أن تسأل نفسك ..كم ضابط جيش تعرفه مولع بالقراءة؟ كم منهم له بعض المؤلفات؟ كم منهم تكلم في الفلسفة وقضايا الفكر بعد تقاعده حتى؟ كم منهم ابتكر شيئا؟

كم منهم منكب على البحث التاريخي؟ كم منهم يكبت منشورات غير سياسية على مواقع التواصل ويحصد العديد من المتابعات حتى؟ كم منهم ينشر أبحاثا علمية في مجال يهتم به ولا تمنعه قواعد العسكرية من النشر فيه؟ كم منهم يبهرك في الحديث عن الاقتصاد؟

كم منهم لديه ذكاء اجتماعي فذ ويستعين به أقاربه لحل المشاكل التي تواجههم؟ كم منهم يعمل بصناعة المحتوى؟ كم منهم يتعلم اللغات الأجنبية ويهتم بمتابعة العلوم والمقالات المدونة بغير لغته الأم؟ .
اسأل نفسك ذات الأسئلة ولكن ضع الطبيب أو المهندس أو أستاذ الجامعة أو أي وظيفة أخرى تحتاج قدرات ذهنية عالية مكان كلمة ضابط!
من الضروري وجود القدرة الذهنية والمعرفية العالية ووجود قدر من العبقرية في الحاكم ومن حوله ممن يستمع لهم، وهؤلاء العباقرة المتميزون هم فقط من يمكنهم رسم استراتيجيات الدول وتقدير أهمية دراسات الجدوى ويتجهون إلى الاعتماد على أهل الكفاءة لا الثقة ويستطيعون رسم مستقبل الأوطان والميل إلى الاهتمام بالعلم وتطويره ووضع أموال الدولة في محلها والتحلي بالحكمة لا بالقوة الغاشمة عند اتخاذ القرارات.

العبقرية ضرورة لإيجاد حلول من خارج الصندوق وسط الواقع الصعب، أما الشخص الفقير ذهنيا فهو الذي يُرجع فشله إلى الظروف والوضع المأساوي للبلد قبل أن يتسلمها وهذا ما يردده كافة العسكريين عند فشلهم المحقق على مر الأزمان وكأن دورهم ليس أن يحولوا هذا الواقع السيء إلى واقع مشرق!

العبقرية ضرورة لإيجاد حلول من خارج الصندوق وسط الواقع الصعب، أما الشخص الفقير ذهنيا فهو الذي يُرجع فشله إلى الظروف والوضع المأساوي للبلد قبل أن يتسلمها وهذا ما يردده كافة العسكريين عند فشلهم المحقق على مر الأزمان وكأن دورهم ليس أن يحولوا هذا الواقع السيء إلى واقع مشرق!
الخلاصة أن الفرد العسكري متخصص في عمل بعينه، وأن الجماعة العسكرية في مجملها جماعة غير متميزة في الجانب الذهني ولا ينشأ بينهم العباقرة، وإمكانية خروج فلتات فكرية تحمل قدرات ذهنية استثنائية أمرا نادرا لا يُعوّل عليه وقد لا نجد له أي أثر.

ومن الغريب أنه مع هذه الندرة المنطقية نجد أن العسكر ينتشرون على كراسي دول العالم الثالث بكثرة! .. لماذ؟ .. لأن الجهل يولّد الثقة في النفس ..

والعوام يحبون الشخص الواثق! تلك الثقة النابعة من كونهم يجهلون أنهم يجهلون!
إن من مآسي هذا العالم هو أن العلماء والعباقرة متشككون مترددون والجهلاء واثقون ثابتون. ولو أن الشعب لديه وعي كاف  لما ترك العسكر يسيطرون على كرسي الحكم ليوم واحد (وهذا ديدن الشعوب الواعية كما هو مُلاحظ)، فالعسكر لهم دور محدد في الثكنات وخروجهم إلى العالم المدني مفسدةٌ لهم ومحرقةٌ لحاضر الدول وتسميمٌ لمستقبلها!

اقرأ أيضا

13 سببا ليسقط حكم العسكر!

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها