وليد حسين يكتب عن رابعة: لم أزل أمشي

قال لي صاحبي: جاءت رابعة بذكرياتها, فقلت له: رابعة ليست ذكريات فقط، بل هي رمز وحدث لقضية حق، رابعة ليست ميدانا يتغير اسمه فينتهي الأمر, بل أصبحت رمزا لكل صاحب حق.. يتبع.

 

وليد حسين

 قال لي صاحبي : جاءت رابعة بذكرياتها, فقلت له: رابعة ليست ذكريات فقط، بل هي رمز وحدث لقضية حق، رابعة ليست ميدانا يتغير اسمه فينتهي الأمر, بل أصبحت رابعة رمزا لكل صاحب حق، ومناد بالحرية, أصبحت رمزا وحدثا يتلى عبر الزمان والأيام إلى الأجيال في مصر وغيرها.

نعم أصبحت مثل  قصة أصحاب الأخدود ويوم الزينة وقصة سحرة فرعون الذين قالوا “فاقض ما أنت قاض” وجب يوسف عليه السلام وشعب أبي طالب, أصبحت رابعة ـ بحق ـ أيقونة الثورة والأحرار في كل مكان.

يارابعة الصمود والثبات والتحدي يارابعة التعبد والمناجاة, يارابعة الحب والإخاء, يارابعة العيد, يا رابعة المنصة والحرس, يا رابعة الشهداء, يا رابعة فيك ميلاد جيل النصر والتمكين, يارابعة الكاشفة لحقد وشراسة الباطل.

رابعة الصمود والثبات والتحدي, نعم صمود وثبات وتحد، هذا ما يخرج به من يراقب رابعة عن كثب وله مظاهر كثيرة, كانت في الحر الشديد كما كانت يناير في البرد الشديد, وفوق ذلك صيام، والصيام في الحر مجهد متعب، فكيف به وأنت تستظل بلهيب الشمس وتفترش تراب الإسفلت, ومع هذا تخرج المسيرات بالساعات الطويلة من بعد الظهر ترجع على الإفطار ومن بعد العشاء وتعود على السحور.

ويأتي العيد فنظن أن الناس ستنصرف، فإذا بهم يأتون بأولادهم وزوجاتهم وأحبابهم ليحضروا العيد في الميدان، والذي نظنه عيدا لن يتكرر، كان له طعم خاص وفرحة خاصة ومشاعر خاصة.

وأضف إلى ذلك جرائم الخونة القتلة “المنصة والحرس وغيرها” لعلها تثني العزائم وترجع الأسود من حيث أتوا, فإذا بالميدان يمتلئ أكثر والإصرار أكثر وأعمق, لأن الدماء الطاهرة النقية حين تراق توقظ الهمم وتحيي الموات.

رابعة الدماء الطاهرة الزكية

رابعة الشهداء, نعم “ويتخذ منكم شهداء” نعم يختار ويصطفي منكم له سبحانه تكريما وتشريفا، نعم أفرادا محددين في توقيت محدد في مكان معين “قل لوكنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم” إلى مصارعهم المقدرة لهم, فلم ينقص من آجالهم شيء ولا من أرزاقهم، ولم يخالفوا ما قدر الله لهم.

وكان هتافهم مع حبيب بن عدي رضي الله عنه:

وما بي حذر الموت, وإني لميت, وإني إلى ربي إيابي ومرجعي

ولست أبالي حين أقتل مسلما, على أي جنب كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الإله, وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع

فلست بمبد للعدو تخشعا, ولا جزعا إني إلى الله مرجعي

صدقوا ما عاهدوا الله عليه “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا “.

أحبابي … يا أيها الأحرار … يا أيها الأبطال

أصبحتم يا أحبابي ورثة هذه الدماء الطاهرة التي سطرت على هام الزمان آيات الفخار, نعم أصبحتم ورثة دماء ” يناير – الحرس – المنصة – رمسيس – رابعة والنهضة – وكل ميادين مصر وغيرها, فاعملوا واثبتوا وجاهدوا حتى لا يهنأ قاتلوكم بحياة، ولا يرتاح لهم بال، ولا يمكن لهم في البلاد.

أحبابي … لستم أضعف من غيركم … لستم أضعف من أهل الباطل، إذا كان الباطل يصر ويصبر ويمضي في الطريق , فما أجدر بكم يا أهل الحق أن تكونوا أشد إصرارا وثباتا ومضيا إلى النصر “يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا وأتقوا الله لعلكم تفلحون”.

رابعة كاشفة لحقد وشراسة وبغي أهل الباطل

يا لحقد وشراسة وبغي الباطل, يقتل الركع السجود, نعم يقتل الأبرياء العزل, يقتل النساء والرجال, يقتل الاطفال والكبار, يقتل المصابين, يقتل ويحرق الجثث ويجرفها بالجرافات، نعم أوقد من قبل بنار حقده على الزيت حتى وصل للغليان ثم أتى بأولاد ماشطة بنت فرعون وأنزل واحدا تلو الآخر لترجع الأم عن دينها، هكذا في مشهد رهيب ورحمة نزعت من القلوب.

أوقد بعد أن حفر الأخدود وألقى الواحد تلو الواحد ليرجعوا، حتى جاءت الأم بطفلها لينادي بثغر المستقبل “يا أماه اثبتي فإنك على الحق”.

 قتل أصحاب الأخدود, نعم قالها “سعيد بن جبير” للحجاج بن يوسف الثقفي, حين قال”الحجاج” لسعيد بن جبير اختر قتلة أقتلك بها, فقال له سعيد بل اختر لنفسك أنت فوالله ما قتلتني قتله إلا قتلك الله مثلها يوم القيامة.

رابعة وميلاد جيل النصر والتمكين

نعم الأحداث العظام تصنع جيلا عظيما, جيل أصبح شعاره سأعيش معتصما بحبل عقيدتي أو أموت مبتسما ليحيا ديني, جيل صاح: ما الحر من يثور على الظلم وقد ثارت لحقها الأقوام ..إنما الحر من يسير إلى الظلم فيضنيه والأنام نيام, جيل يقول في تحد مع مطر:

لم أزل أمشي … وقد ضاقت بعينيَّ المسالك

والدجى داج … ووجه الفجر حالك

غير أني لم أزل أمشي

والمهالك تبدي من أبواب الممالك

أنت هالك … أنت هالك

غير أني لم أزل أمشي

جيل أعلنها مدوية:

فوالله لن يصلوا لديننا بجمعهم … فوالله لن يصلوا لدعوتنا بجمعهم

فوالله لن يصلوا ليثنونا عن الطريق بجمعهم … حتى نوسد في التراب وندفنا

جيل جعل قسمه

أقسمنا بربي لن نخضع لن نهدأ يوما لن نركع

سنثور وربي يؤيدنا في كل الأرض لن نركع

يا كل العالم فلتشهد اخترنا الحق ولن نرجع

 

وليد حسين
مدون مصري

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها