هل يملك الجيش المصري الأسباب، لعزل “السيسي” والانقلاب عليه؟!

 

 

عقب احتجاجات شعبية واسعة، شهدتها مصر يوم الجمعة الماضي، الموافق العشرين من سبتمبر الجاري، استجابة لدعوات المقاول والفنان “محمد علي” للتظاهر، والتي جاءت عبر مقاطع مصورة، كشف فيها عن وقائع عدة، تبرز أوجها فجة من فساد النظام واهداره الأموال، بات الحديث في الشارع المصري، والذي يتردد بقوة: تُرى، هل يتكرر ما حدث بالخامس والعشرين من يناير عام 2011، هل سيقرر الجيش المصري الممسك بزمام الحكم منذ انقلاب 1952 الانقلاب على السيسي وعزله من سُدة الحكم؟!

السيسي الذي انقلب على سلفه الذي عينه وزيرا للدفاع، الرئيس “محمد مرسي”، هل يتجرع من ذات الكأس؟!

وقراءة الواقع تقول ، إن قيادات الجيش المصري ، التي خانت رئيسها الذي اختاره الملايين من المصريين ، باتت أخيرا تملك الأسباب الوطنية والأخلاقية والمنطقية لعزل السيسي ، ولا يمكن مقارنة ما سيحدث معه بما تم سابقا مع “مرسي” (رحمه الله) ، فهذه المرة ، توسعت دائرة الأصوات المنادية والمطالبة للجيش بإنقاذ البلاد ، ومنع السيسي من استكمال مخططه الرامي لتخريب اقتصادها وتدمير أمنها القومي، لتشمل طبقات عريضة من الشعب المصري ، بكل فئاته وأطيافه ، ووصلت المطالبات لمحاكمته بتهمة الخيانة العظمى ، وتعمده الإضرار بمصالح البلاد،

واليوم، سنكتفي بثلاث وقائع وحسب، يراها قانونيون جرائم مكتملة، وأدلة دامغة على خيانة السيسي بحق بلاده ودستورها وأمنها القومي.

يظل أكبرها ، هو تخليه عن التراب المصري ، في سابقة هي الأولى من نوعها ، من خلال توقيعه اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية في أبريل 2016، والتي تنازل بموجبها عن جزيرتي “تيران وصنافير” لصالح السعودية ، محققا بذلك مصلحة كبرى للعدو الصهيوني، بالتفريط في سيادة مصر على مضيق تيران، المضيق الذي يمثل  البوابة الوحيدة للكيان الصهيوني من خلال البحر الأحمر، وحلقة وصل بحرية تربط بينه وبين إفريقيا والشرق الأقصى ، الأمر الذي خلق حالة فرح عارمة اجتاحت الكيان الصهيوني عقب التنازل، نرصد منها، ما أوردته صحيفة هاآرتس الصهيونية (بإن الاتفاق الجديد بين مصر والسعودية بشأن جزيرتي تيران وصنافير يُعَدُّ جيدًا للغاية لإسرائيل، ولا يهم فيه ماذا حدث ،هل عادوا للسعودية أم تنازلت مصر عنهما)

*باغت السيسي الشعب المصري بصدمة جديدة، مع أواخر عام 2017، حين منح الطائرات الحربية الروسية الحق في استخدام المجال الجوي والمطارات العسكرية لمصر، في اتفاق وصفه مراقبون بأنه انتهاك صارخ للسيادة الوطنية، يشبه تماما فكرة تدشين قاعدة عسكرية روسية في مصر، بل وتتعداها، لتصبح من خلالها أرض مصر بكاملها قاعدة عسكرية روسية،

وبالرغم من أن روسيا أرادت رفع الحرج عن قائد الانقلاب، فأخرجت الاتفاق في شكل تبادلي، يتيح لكل طرف استخدام المجال الجوي للطرف الآخر، لكن الواقع يؤكد أن مصر لا يمكنها استخدام القواعد الجوية أو المجال الجوي الروسي؛ فهي لا تملك أي مصالح في المنطقة المحيطة بروسيا ولا فائدة تذكر ستعود عليها، بينما أقدام روسيا راسخة في المنطقة؛ بسبب مشاركة قواتها في الحرب السورية، مما يجعل منها المستفيد الوحيد من هذه الاتفاقية.

وعن مبرر السيسي في اتفاقية كهذي ، عزا خبراء الأمر ، لذات الغاية التي وقع من أجلها بشار الأسد اتفاقيته مع روسيا، والتي قامت بموجبها بدك المدن السورية وقصف مواطنيها،  حين ثاروا على الحاكم المستبد ، وتطلعوا للحرية والحياة الكريمة.

تُرى، هل انتهى الأمر عند هذا الحد، بالطبع لا، حيث كان لزاما على السيسي تقديمه الترضية الكاملة للراعي الأمريكي، كما أرضى من قبل رعاته الروس، ومن قبلهم الإسرائيليون والسعوديون، فبعد شهر واحد من الاتفاقية الروسية، وتحديدا في يناير 2018، قام “عبد الفتاح السيسي ” بالتوقيع سرا على اتفاقية مذكرة التشغيل التبادلي للاتصالات والأمن، التي تعرف اختصارا باسم سيزموا (CIS MOA)وهي اختصار لـ  Communication Interoperability and Security Memorandum Agreement

الاتفاقية التي كان الشعب المصري آخر من يعلمها، وبالصدفة البحتة، بعد مرور شهرين كاملين على التوقيع ، حينما نشرت صفحة السفارة المصرية بأمريكا على موقع «تويتر»، اقتباسات من شهادة أدلى بها قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال «فوتيل – Votel»، أمام مجلس الشيوخ عن مصر ، وبدون قصد منها ، نشرت كلامه عن سعادته بتوقيع الاتفاقية ، بعد سعي أمريكي دؤوب، ورفض مصري استمر ثلاثين عاما، شمل حكم مبارك ومن بعده المجلس العسكري ، وحكم الرئيس المنتخب محمد مرسي ،

وتحدث الجنرال بفخر عن كون (مصر تدعم طلباتهم في التحليق بسمائها، وتضمن عبورهم قناة السويس، وتشارك أمريكا في حربها على داعش) وهو ما يمكننا وصفه بمرحلة الاذعان الكامل

فما هي خطورة تلك الاتفاقية التي جعلت من الجيش المصري ومبارك متمسكين برفضها طوال 30 عاما، لتتم بعد ذلك بسرية تامة وبمعزل عن أجهزة الدولة؟!!

فعلى الرغم من أن المادة 151 من الدستور والمادة 197 من لائحة البرلمان، تلزم رئيس الدولة بعرض الاتفاقيات والمعاهدات على مجلس النواب، من أجل مناقشتها، ليتخذوا قرارا، إما بالتصويت عليها داخل البرلمان، أو عرضها على استفتاء شعبي، إذا كانت تمس أمن وسلامة البلاد، لكن شيئا من هذا لم يحدث، وقد أعرب عدد من العسكريين في لجنة الدفاع بالبرلمان عن غضبهم الشديد من سرية الاتفاقية، من خلال تصريحات تولت نشرها صحف تابعة للنظام.

ليس هذا وحسب، بل أن هناك برقية كشفها موقع ويكيليكس الأمريكي، أرسلها للقيادة الأمريكية في عام 2007 اللواء محمد العصار، وزير الإنتاج الحربي حاليا (ومساعد وزير الدفاع لشئون التسليح وقتها) يعرب فيها عن رفض مصر التام التوقيع على الاتفاقية.

وتنص اتفاقية (سيزموا) على ربط أنظمة وأجهزة الاتصال العسكرية بالدول الموقعة مع الأنظمة الأمريكية، وباستخدام الأجهزة الأمريكية فقط،

كما تنص على أن أمريكا هي من ترسل الفنيين المختصين لتولي إجراءات الضبط والصيانة للأجهزة، وغير مسموح لأحد سواهم.

-كذلك من حق أمريكا التفتيش على هذه الأنظمة والأجهزة بأي وقت لضمان عدم نقلها إلى أي طرف ثالث، بمعنى أن يكون الجيش وأجهزة اتصالاته العسكرية، مكشوفة تماما للقيادة الأمريكية.

-كذلك تمنع الاتفاقية مصر من تصنيع نسخ مُرخصة من هذه الأجهزة محلياً أو بالتعاون مع طرف ثالت.

باختصار، يمكننا القول إن الاتفاقيات التي وقعها السيسي، وبعضها سري: قام من خلالها بانتهاك أمن مصر لصالح الإسرائيليين، وبيع ترابها للخليجيين، وكشف وتعرية جيشها للأمريكيين، وإهداء “الروس” دعوة مفتوحة، للعربدة على أرضها واختراق جوها وسمائها.

فأعطى بذلك كافة المبررات العقلية والأخلاقية والوطنية لقادة الجيش المصري، لعزله والانقلاب عليه.

 

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها