هل الحل هو الهدم ؟

مواطن مصري يخاطب رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بشأن مصالحات مخالفات البناء

 

أمر طبيعي أن تتعمد الأزمات إذا لم تجد من يتصدي لها بموضوعية ووعي وإنصاف ! وهذا ما جري مع أزمة السكن والعمل في القري المصرية وعددها ٤٧٢٦ لها  ٢٦٧٥٧ تابع؛  من الشعب المصري التي تعمل ليل نهار في توفير الأمن الغذائي للمصريين ، وهي مهمة ليست سهلة لكن الأنظمة التي حكمت مصر من عام 1952 كانت تسير بالقصور الذاتي كما يقولون .
وكما قلنا من قبل تُركت القري تحل أزمتها بنفسها فكان فيها الصواب وفيها الخطأ
والذي لم تتداركه الحكومات حتي جاءت حكومة الانقلاب علي ثورة 25 يناير وأهدافها التي كانت نتاج معاناة طويلة تبحث عن حلول لمشاكل كثيرة.
 أولها وأهمها السكن تراكمت حتي تعقدت واندفع السيسي ليحل مشكلة السكن بالهدم والغرامات الباهظة التي يعجز أهل القري عن دفعها فهم بين نيران متعددة الجهات ، الهدم أو الغرامة وأحياناً هما معاً والأزمة النفسية الشديدة من فقد السكن والحياة في العراء.
والأصل في قضية السكن وأنه ضرورة وحق للمواطن أن يكون للدولة إستراتيجية لحقوق الإنسان الأصلية، وعلى رأسها حق السكن وأن تضع من خلال مؤسسات الدولة وأطيافها الفكرية والسياسية والاجتماعية والأمنية رؤية بعيدة المدي تؤسس لعلاقة إجتماعية وطنية وإنسانية بغض النظر عن الإمكانيات المالية للشرائح المجتمعية التي يجب صهرها وتقوية ترابطها للتبشير بمجتمع عادل متماسك تماسكا صحيحا يحمي من كل السوالب الاجتماعية والأخلاقية ويحقق له الغايات البعيدة من السلام والأمن الاجتماعي الرشيد.

حاولت حكومات سابقة التصدى لمشكلة إسكان العشوائيات التي انتشرت في مصر بسبب الفقر وفقدان فرص العمل وهجرة البعض من القري وبيع مصانع القطاع العام ؛ وتسريح العاملين بإنشاء صندوق تطوير العشوائيات سنة 2005 التي وصل عددها 1221 يسكنها 12 مليون مواطن.

غياب هذه الرؤية أدى لسياسات حل المشاكل الجزئية،  وفقا لاستفحال الظواهر وليس لتبني رؤي استراتيجية متكاملة تراعي تشابك الأنشطة الحياتية ،وتداخل الوقائع إلي حد عدم إمكانية تفكيكها دون ترك أثار سلبية تواصل تطورها إلي مشاكل أعقد ونتائج وآثار اكثر سوءاً وأشد هدما .
وذلك الذي تسبب في كثير من الأزمات ،نال القري نصيب كبير من هذا القصور والتقصير من قبل الدولة كظاهرة العشوائيات لكن العشوائيات لوجودها في المدن وما نتج عن وجودها من مخاطر (تجارة المخدرات والبلطجة والانحراف والإدمان وأعمال السلب والنهب ) دفعت الحكومة للحركة ضد الظاهرة ومحاولة حلها .
لقد حاولت حكومات سابقة التصدي لمشكلة إسكان العشوائيات التي انتشرت في مصر بسبب الفقر وفقدان فرص العمل وهجرة البعض من القري وبيع مصانع القطاع العام ؛ وتسريح العاملين بإنشاء صندوق تطوير العشوائيات سنة 2005 التي وصل عددها 1221 يسكنها 12 مليون مواطن.
ورصدت له 500 مليون جنيه ومبالغ أخري حتي 2014 رصد له 42 مليون جنيه فأنشئت مساكن الإيواء ومنحتهم الشقق في المدن الجديدة لتتخلص من مشاكل العشوائيات .
 تحركت الحكومة وهو أمر واجب عليها وقد كانت هي السبب في ظهوره بسلبيتها وعجز أجهزتها عن التحرك المناسب منذ بداية ظهور العشوائيات.
 إلا أن مشاكل السكن في القرية المصرية لم تعامل بأي قدر من الأهمية رغم توصيات المنظمات الدولية ودعمها للحكومة المصرية إلي أن جاءت ثورة 25 يناير وأنشأت وزارة المرافق التي تحركت في هذا الاتجاه ببعض الافكار لتحسين الأوضاع في القري المصرية.
 ثم حدث الانقلاب على الرئيس الشرعي والتجربة الديمقراطية فألغي السيسي وزارة المرافق تماماً .
إن من الأمور التي يجب أن تكون واضحة أن الفلاح المصري بطبيعته لا يحب أن تستغل الأرض في غير الزراعة فهي مصدر رزقه وفرصة عمله؛  ومعني وجوده هو وأسرته.

الهدم ليس حلاً والإسراف في البناء علي الأرض الزراعية خطر كبير؛  ولكن البناء لا يتم دفعه واحده وهناك أجهزه وإدارات يمكنها تتبع البناء في مراحله الأولي

 إلا أن تطورات الحياة وظروفها وحاجته وأولاده لتوسيع بيته أو إنشاء بيت لأحد أبناءه دفعته لذلك دفعاً حلاً لمشاكل كثيرة في إطار أسرته وعلي ملكه .
عدم تبني الحكومة والمنظمات الأهلية الخاصة بالفلاحين (الاتحاد التعاوني الزراعي) وممثلي الفلاحين في البرلمان وجمعيات المجتمع المدني والمجالس المحلية لم تتحرك في هذا المسار لارتباطها جميعاً بالفساد والسطحية التي غلبت علي المنتسبين للحزب الوطني ساهمت إلي حد كبير في عدم الالتفات للأمر واعطاءه قدره من الاهتمام والمواجهة بالحل والتفكيك.
كما أن الحكومة بسوء إجراءاتها وعدم صدور الأحوزة والقرارات التنفيذية لها وإدارة الحوار المباشر المسؤل مع اصحاب الشأن لحل المشكلات دفعت وضخمت الأزمة دون أن يباشر المسؤول الكبير واجبه في البعد عن افتعال الأزمات لحل أزمات أخري ليس هذا هو البديل لحلها .
الهدم ليس حلاً والإسراف في البناء علي الأرض الزراعية خطر كبير؛  ولكن البناء لا يتم دفعه واحده وهناك أجهزه وإدارات يمكنها تتبع البناء في مراحله الأولي وتستطيع أن توقفه فلماذا لا يتحركون في الوقت المناسب لمنع حدوث الأزمات ؟
لقد كشف الفساد للركب عورة الحكومة فاندفع السيسي يسترها ولو على حساب الغلابة فانطبق عليه المثل (بدل ما يكحلها عماها) ولنا عودة للموضوع .

 

 

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها