نداء ورجاء لأولياء الدم

قضيتكم عادلة، واضحة، أدلتها ملء السمع والبصر، مضى كثير من الوقت بلا عمل ولكن لم تفت الفرصة بعد، ما زال هناك متسع، تحركوا ولا تنتظروا من أماتوا القضية على مدار أكثر من أربع سنوات.

وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا

إلى أولياء الدم … بداية من مذبحة الحرس الجمهوري والمنصة ورمسيس ا،٢ ورابعة والنهضة ومصطفى محمود وكل مذابح يوم الفض وجمعة 16 أغسطس/آب 2013، في القاهرة والجيزة والإسكندرية وسائر ربوع مصر، وكل حالات القتل خارج القانون وحالات التصفية الجسدية الممنهجة التي تلت تلك المذابح وما زالت مستمرة.

إلي أولياء دم ضحايا كل تلك المذابح وغيرها مما قد لا تسعفني الذاكرة لذكرها، أتوجه إليكم وحدكم دون غيركم بهذا النداء والرجاء، فأنتم أصحاب الحق الأصيل في القصاص، انتم من أعطاكم المولى سبحانه سلطانا للقصاص العادل واستيفاء حق الشهداء.

لا تركنوا لأحد أيًا ما كان ولا تتعلقوا بأي من التنظيمات أنها ستنوب عنكم في استيفاء الحق، فقد غلت الأيدي وخرست الألسن واثبتت التجربة أنه (ما حكَّ جلدكَ مثلُ ظفركَ)، فتحركوا يا أولياء الدم، دافعوا عن دماء الشرفاء التي أريقت بغير حق، فقد مرت سنون وستمر أخرى ولن يأتي بحق الشهداء إلا أصحابه.

دعكم من أصحاب الخطب الرنانة والكلمات الطنانة، الذين يحولون المآسي إلى احتفالات صاخبة بالكلمات والمواعظ دونما أفعال، شغلهم شاغل آخر عن السعي لاسترداد الحقوق وليس لديهم ما يقدمونه إلا العجز والفشل، لا مشروع لديهم، ولا رؤية واضحة ترسم لهم طريق استرداد الحقوق.

تبنوا قضيتكم بأنفسكم، وحولوها لمشروع عملي، العمل فيه أكثر من الكلام، مشروع له رؤية واضحة وضوح الشمس، هدفكم النهائي فضح السفاحين ومحاصرتهم حتى القصاص منهم، سبيلكم لذلك تسليط الضوء علي المذابح كمأساة إنسانية – وهي كذلك بالفعل – انشروا في العالم قضيتكم الإنسانية وابتعدوا عن وصمها وارتباطها بالمشروعات السياسية، فالعالم له حساباته السياسية التي قد تتعارض مع قضيتكم في جانبها السياسي، أما جانبها الإنساني الذي لم يستغل حتى الآن فلا يعارضه إلا كل سفاح يقتات على دماء الأبرياء.

حركوا قضية الدماء والقصاص في كل العالم من أدنا لأقصاه في كل محفل تستطيعون الوصول إليه، فمازال بالعالم شرفاء يتفاعلون ويتضامون مع القضايا الإنسانية الحقوقية، اكتسبوا تعاطف هؤلاء ووقوفهم بجانب قضيتكم العادلة، فما حدث بمصر من مذابح منذ الانقلاب حتى الآن مأساة حقيقة قد تفوق الكثير من مآسي شعوب العالم التي يتغنى بها ليل نهار وتستدر عطف وتأييد العالم، فسينصتون لمآسي الأيتام والأرامل والعجائز، للأمهات والآباء والزوجات المكلومين، سيستمعون لمآسيكم الإنسانية بعيدا عن أي غرض لمشروع سياسي قد يتعارضون معه.

دعونا نخرج من حيّز البكائيات واللطيمات، إلى حيّز العمل لاسترداد الحقوق، الشهداء بالآلاف وأوليائهم كذلك، فلتنشئوا روابط واتحادات وتجمعات، أي كان مسماها أو شكلها القانوني، استشيروا أهل القانون – المحلي والدولي – واتفقوا على شكل لتجمعكم وتحركوا من خلاله لتحقيق مشروع القصاص العادل.

قضيتكم عادلة، واضحة، أدلتها ملء السمع والبصر، مضى كثير من الوقت بلا عمل ولكن لم تفت الفرصة بعد، مازال هناك متسع، تحركوا ولا تنتظروا من أماتوا القضية على مدار أكثر من أربع سنوات، كبلتهم قيود التنظيمات وعجزهم وفشلهم، أما أنتم أصحاب الحق الأصيل فلا قيود عليكم وقضيتكم غضه حية في قلوبكم، فلا تضيعوا الوقت وهيا إلى العمل.

وحدوا الجهود، ولتكن رابطة واحدة أو روابط عدة بينها اتحاد أو تنسيق، أما رابطة واحدة تجمع كل أولياء الدم، أو روابط متعددة نوعية، ولتتوسع دائرة العمل لتشمل داخل وخارج مصر، فجل أولياء الدم بمصر وعدد ليس بالقليل بالخارج، ليعمل من بالداخل على قدر استطاعته ومن بالخارج لديه مجال أرحب للعمل .

كونوا مجموعات للتنسيق مع الحقوقيين المستقلين الشرفاء الداعمين لقضيتكم الإنسانية في داخل وخارج مصر – وهم كثر – أعلم أن كثيرا منهم حاول العمل على هذا الملف فيما مضى – وما زال – ولكنهم اصطدموا بعدة معوقات أولها تصور بعض التنظيمات امتلاكهم لتلك القضية فاحتكروا كل ما يخصها من ملفات ومعلومات وحجبوها عن غيرهم.

لن يستطيع أحد كسر هذا الاحتكار المذموم إلا أنتم، فأنتم – وأقولها مررا وتكرارا – أولياء الدم وأصحابه، والمعلومات الكاملة لديكم، فلتكن البداية – بعد تدشين الشكل القانوني – إنشاء قاعدة بيانات دقيقة بإعداد الشهداء والمصابين وأماكن الأحداث تواريخ وقوعها و و و … الخ ، فحتى الآن ما زالت هذه البيانات متضاربة بين جهات عده – إما جهلا و إما حجبا – فاستعينوا بالله وتوكلوا عليه وهو ناصركم ومؤيدكم.

لن تنصر قضيتكم إلا بجهودكم، لن يلتفت العالم لبعض المتاجرين بالدم، لن يتحرك العالم لقضية سياسية تناحر أصحابها وأماتوها ما يقارب الأربع سنوات، حركوا إنسانية القضية، كثير من الأيدي المساعدة تتنظر بدايتكم لتمد أياديها بالمعاونة لكم ومعكم، أنتم أصحاب المصلحة – بالمعنى القانوني – في مقاضاة الجناة أمام كل محاكم العالم، ولن تتمكنوا من ذلك إلا باتحادكم وتنظيم صفوفكم وتشجيع بعضكم البعض، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فهيا إلى العمل ( وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ).

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها