نتنياهو.. كيف حقق حلم إسرائيل في البقاء؟

نتنياهو يحتفي بانتصاره في الانتخابات والنتائج النهائية لم تحسم بعد

خلال الأسابيع القليلة الماضية كثر الحديث عبر وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية وحتى الدولية عن البدء بعملية ضم نحو 30% من الأراضي المحتلة ضمن الإجراءات التشريعية الخاصة بفرض السيادة الإسرائيلية على جميع التجمعات السكنية اليهودية في الضفة الغربية ومنطقة غور الأردن.

هذا الأمر أعاد للأذهان مجددا خطط الحكومات الإسرائيلية التي تعاقبت منذ 1948 في تحقيق مرادها.

لم يكن الأمر سهلا للفلسطينيين لاسيما من سيطبق عليهم القرار بحذافيره وتم تنفيذه خلال السنوات القليلة الماضية أيضا على آخرين.

بيد أن اللافت في الأمر هو ثبات السياسة الإسرائيلية صوب التعاطي مع الأرض الفلسطينية وفقا لقناعتها الأيدولوجية في الصراع وما تحمله في فكرها الديني والعقائدي بأنها ” أراض إسرائيلية”, حتى بات الواقع يشهد على آليات التنفيذ.

قبل أربعة أشهر من الآن وقع في يدي كتاب ” بنيامين نتنياهو .. إعادة إنتاج المشروع الصهيوني ضمن منظومة صراع الحضارات”, يحكي بتفاصيله الدقيقة عن شخصية ” نتنياهو” الذي لا يزال في إدارة ” الحكم الإسرائيلي” منذ عام 1996 وكيف أدار السياسة الإسرائيلية داخليا وخارجيا لتحقيق مشروع إسرائيل الاستيطاني القاضي بتقسيم الأراضي الفلسطينية وفرض السيادة الإسرائيلية وهو ما تم بالفعل اليوم.

الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

 

مكن ” نتنياهو” صاحب أطول فترة حكم في إسرائيل من بين السياسيين الإسرائيليين دخوله إلى الحقل السياسي كخبير في ” الإرهاب والإعلام” منذ عام 1982تحقيق ما كانت تصبوا إليه الشخصيات الإسرائيلية السياسية منها والأمنية السابقة في السيطرة على معظم أجزاء الأراضي الفلسطينية المحتلة وفصل القطاع عن الضفة وتقطيع الأوصال بينهم، وهو ما جعل حقبة حكمه تتوالى رغم ملفات الفساد المتراكمة في جعبته.

كانت مقولته “أن الفلسطينيين هاجموا اليهود في فلسطين قبل قيام دولة إسرائيل بعشرات السنين”، قد لاقت رواجا كبيرا داخل الأوساط الإسرائيلية في محاولة لتجاهل تام بأن “المشروع الاستيطاني في فلسطين بدأ قبل قيام “دولة إسرائيل”.

وأن عداء الفلسطينيين للحركة الصهيونية كان بسبب مشروعها الاستيطاني قبل تجسيد هذا المشروع كيانا سياسيا، إضافة إلى قناعته أنه لا وجود لشعب فلسطيني لأنه لم يكن في التاريخ شيء اسمه دولة فلسطينية، على حد زعمه.

حافظ رئيس الوزراء الإسرائيلي على نفس  المقاربات الفكرية والأيديولوجية منذ السبعينات وحتى الآن، مرددا مقولة: “أن العرب في فلسطين لم تكن لهم هوية وطنية في التاريخ”.

وهو ما يعني جهل كبير وجوهري في مسألة نشوء القومية والدولة الحديثة والهوية الوطنية، إلى جانب قوله:” إن العرب في فلسطين هم مجرد عابرين حيث نصبوا خيامهم في حقولها الرعوية, أو اتخذوا لأنفسهم ملاجئ في خرابها. إنهم لم يؤسسوا شيئا فيها، لأنهم غريبون عن الأرض”.

عداء الفلسطينيين للحركة الصهيونية كان بسبب مشروعها الاستيطاني قبل تجسيد هذا المشروع كيانا سياسيا، إضافة إلى قناعته أنه لا وجود لشعب فلسطيني لأنه لم يكن في التاريخ شيء اسمه دولة فلسطينية على حد زعمه.

كانت سنواته الأولى من الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية عاملا أساسيا في صقل شخصيته وبعض من مهاراته ضمن التعاطي مع مسألة صراع الحضارات..

حيث يؤطر القضية  الفلسطينية في الصراع الحضاري والتاريخي بين الغرب المسيحي والشرق العربي الإسلامي واعتبار القضية جزء أو مركب من هذا الصراع أوصلته إلى قناعة راسخة في ذهنه أن العداء لإسرائيل ليس نابعا من كونها دولة محتلة، ولا لكونها دولة يهودية، بل هو عداء أوسع للوجود الغربي في المنطقة.

مهدت هذه الفترة للشروع بتنفيذ قوانين لم يستطع الفلسطيني مجابهتها وإبقاء الوضع الحالي في الأراضي المحتلة قائما من خلال استراتيجية إدارة الصراع..

وهو ما جعله يضرب في الأعوام القليلة الماضية مسألة “حل الدولتين” بعرض الحائط، بعد قرار الضم الأخير الذي يناقض مع ما كانت تسعي إليه رؤية دولتين تتعايشان بسلام جنبا إلى جنب، وإقامة دولة فلسطينية ضمن الحدود التي رسمت في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية في 1967.

من وجهة نظر” نتنياهو” أن إنتاج شعب فلسطيني وهوية وطنية فلسطينية كان مؤامرة عربية لإسقاط حق اليهود في فلسطين”..

فضلا عن إصراره الدائم سواء في المفاوضات مع الجانب الفلسطيني أو خطاباته الإعلامية عند الحديث عن الصراع بالقول :” إننا نصر على أن التسوية بيننا وبين الفلسطينيين يجب أن تستند إلى مبدأين: الأمن والاعتراف..

الأول: لأن أي سلام لن يصمد بدون ترتيبات أمنية حقيقية على الأرض, والأمر الثاني:  هو طبعا الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، يطلبون منا الاعتراف بدولة فلسطينية ومن الطبيعي أن نطلب من الطرف الآخر أن يعترف بالدولة اليهودية، دولة شعب إسرائيل”.

يمكن القول هنا أن الحكومة الإسرائيلية منذ نشأتها حتى اليوم نجحت في كسب الرأي العام صوب ” مظلومية الشعب اليهودي”. 

واستطاعت الكثير من دول العالم المساهمة في ذلك عبر تقديم يد العون لـ” نتنياهو” وفتح الطريق واسعا أمام شرعية العلاقات بينهما، حتى أن ” ضم الأراضي” ليس وليد اللحظة، بل مهدت الحكومات الإسرائيلية، بمساعدة أمريكية الطريق إليه عبر اتفاقات عدة، بالإضافة إلى اتباع سياسة مشجعة للهجرة إلى المستوطنات الإسرائيلية.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها