ناصر صادق يكتب: الطمع في الغنائم أضاع ثورة يناير

ثوار يناير ولا أستثني أحدا تركوا الشارع والميدان لجمع الغنائم في دهاليز الساسة والعسكر الذين أجادوا استغلال أطماعهم بتفتيت عضدهم والتفريق بينهم. يتبع

إذا أردنا أن نفهم الحاضر فلا غنى عن استيعاب الماضي، فالتاريخ ملىء بالعبر والدروس .. فعربياً تجد أننا لم نستفيد من تاريخ الأندلس التي حكمها المسلمون قرابة ثمانية قرون كانت خلالها منارة أوروبا في عصورها المظلمة وما تزال علوم و آثار الأندلس الإسلامية شامخة شاهدة على تقدمهم الكبير في عصرهم المزدهر حيث لم تستفيد الأمة العربية من أسباب تقدم الدولة الإسلامية الأندلسية كما لم تستفيد من عوامل انهيارها السريع.

حيث لم يتجرأ الصليبيون المتربصون بمنطقة شمال الأندلس وقتها على نهش جسد الدولة الإسلامية بالأندلس إلا بعد أن أوهنتها الخلافات والصراعات وشرذمتها من دولة واحدة متماسكة إلى دويلات صغيرة متناحرة و متفرقة فيما عرف بملوك الطوائف وهي فترة تاريخية مأساوية  بدأت عام 422 هجريا عندما أعلن الوزير أبو الحزم بن جهور سقوط الدولة الأموية في الأندلس، مما حدا بكل أمير من أمراء الأندلس إلى تكوين دويلة منفصلة ليكون هو ملكها وأسرته تحكم معه، حتى وصلت الممالك إلى 22 مملكة صغيرة وضعيفة كانت بعضها تستعين بالملك الصليبي ألفونسو السادس في حروبها على بعضها البعض وكانت تدفع له الجزية عن يد وهم صاغرون .

وإذا أسقطنا تاريخ الأندلس على واقعنا العربي تجد متشابهات كثيرة أدت إلى هوان الأمة العربية والإسلامية وسقوطها في هوة التبعية في كل شئ للعالم الغربي الطامع في ثرواتنا والمستغل لها.

و بنظرة أخرى على واقعنا الحالي نجد أن الإخوان لم يتعظوا من تاريخ العسكر لا سيما معهم عندما غدر بهم جمال عبدالناصر وألقاهم بالسجون بعد أن كانوا حلفاءه في الإطاحة بالملك و إنهاء الملكية التي حكمت مصر قرابة 150 عاما.

وفي تشبيه أعم للحالة المصرية نجد أن كل من شاركوا في ثورة 25 يناير من إخوان وسلفيين ومثقفين وشباب ونساء و رجال لم يستفيدوا من التاريخ الإسلامي في غزوة أحد فكما خالف الرماة أمر النبي صلى الله عليه و سلم و نزلوا من على الجبل لجمع الغنائم معتقدين حسم المعركة لصالح المسلمين الذين انكشف ظهرهم فتحول نصرهم إلى هزيمة قاسية و70 شهيدا من خيرة الصحابة الكرام.

وفي واقعنا المؤلم تجد أن ثوار يناير ولا أستثني أحدا تركوا الشارع والميدان لجمع الغنائم في دهاليز الساسة والعسكر الذين أجادوا استغلال أطماعهم بتفتيت عضدهم والتفريق بينهم  ونجحوا في ذلك تماما فكسبوا مدعي الثورة إلى صفهم و جمعوهم فيما سمي جبهة الإنقاذ والأوقع أنها كانت جبهة الأطماع .. وقد كشفت الجبهة ظهر الإخوان و حرمتهم من ظهيرهم الثوري ثم سرعان ما نجح العسكر بمساعدة الإعلام  الموجه من قنوات أنفق عليها الفلول ملايين الدولارات في عزل الإخوان عن سندهم الشعبي مستغلين أخطاء الإخوان والفقر الثقافي والفكري للشعب (الغلبان) ثم عزلوا الرئيس محمد مرسي الذي كان فخا للقضاء على الجماعة المتجذرة بالمجتمع وما لبثوا أن انهالوا عليهم عزلا وضربا وقتلا وتشريدا وبعد أن قضوا وطرهم من مدعي الثورة وجملوا بهم انقلاب 3-7-2013 واستخدموهم سلما للوصول للحكم ألقوا بهم في سلة المهملات كحمدين صباحي ومحمد البرادعي وعلاء الأسواني وعمرو حمزاوي وغيرهم ، كما ألقوا البعض في غياهب السجون كأحمد ماهر وعلاء عبدالفتاح و أحمد دومة وغيرهم.. وتحول نصر 25 يناير بسبب الطمع في الغنائم السياسية والمادية إلى نكبة تاريخية لا يعلم إلا الله متى تنقشع.. فهل من مدكر؟!

 

ناصر صادق
صحفي مصري

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها