مهرجان الضفة وغزة.. هل فات الأوان؟

إسرائيل تصادق على البدء بالتخطيط لبناء حي استيطاني في قلب مدينة الخليل الفلسطينية

ثمة تساؤلات تدور في عقل الفلسطيني اليوم عن مدى جدية هذه الخطوة وانعكاساتها على الحالة الفلسطينية أم مجرد حدث عابر مثل ” مسلسلات المصالحة” و ” القبلات السياسية” بين كبار الساسة.

منذ فترة ليست بالقريبة لم يسمع الفلسطيني المثقل بالآهات السياسية والاقتصادية والأمنية خطابا وحدويا صوب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي التعسفية ومخططاته الاستيطانية؛ التي ابتلعت مساحات شاسعة من الأراضي المحتلة ليتفق الخصمان السياسيان في قطاع غزة المحاصرة والضفة والقدس المحتلتين خلال الأيام القليلة الماضية على إقامة مهرجان مركزي تديره حركتا ” فتح وحماس” لمجابهة صفقة القرن وخطة الضم..

يترقب الفلسطينيون بحذر يوم المهرجان المزمع  وسط خيبات من الأمل حملتها سنين الحصار الإسرائيلي وحالة الانقسام السياسي والجغرافي بين ” فتح وحماس” منذ حزيران/ يونيو 2006 ليبقى شعور العجز والشك منذ ذلك الوقت وحتى الآن قائما بين الطرفان، بيد أن ظهور شخصيات دولية وعربية قد تحرك بعضا من المياه الراكدة في الواقع الفلسطيني الصعب.

بالتزامن مع الاجراءات اللوجستية الجارية على قدم وساق، إعلاميا وجماهيريا في الضفة وغزة، فإن من بين الشخصيات الوازنة عربيا ودوليا الأمين العام للأمم المتحدة، ورئاسة جامعة الدول العربية، ورئيس وزراء جنوب إفريقيا، ورئيس وزراء ماليزيا، إلى جانب البطريك ميشيل صبّاح، وكلمة رئيس السلطة الفلسطينية ” محمود عباس”، ورئيس المكتب السياسي لحركة ” حماس”، ” إسماعيل هنية، دعك عن ممثلين من الفصائل الفلسطينية.

على مدار عقد ونيف بات الخطاب التصالحي بين الطرفين في نظر الفلسطيني؛  شبه ميت بعد محطات من اليأس في الوصول إلى توافق فلسطيني نتيجة جولات المصالحة بينهما على مستويات عربية ودولية تكللت جمعيها حتى اللحظة بالفشل والتأجيل وفقا لوجهة نظر كل طرف متمسك بها على حساب الآخر.

رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"ومجموعة من الوزراء

 

ثمة تساؤلات تدور في عقل الفلسطيني اليوم عن مدى جدية هذه الخطوة وانعكاساتها على الحالة الفلسطينية أم مجرد حدث عابر مثل ” مسلسلات المصالحة” و ” القبلات السياسية” بين كبار الساسة، أم أن الأمر له تبعات سياسية واقتصادية يمكن ملاحظتها على المدى القريب؟ ويلمس الفلسطيني بعضا من بريقها من  قرب، وإن كانت فرصة سياسية قوية تضع شخصيات دولية وعربية لها ثقلها أمام المشهد الفلسطيني الصعب والمعاناة المستمرة منذ عقود عدة.

يأتي الإعلان عن المهرجان المركزي في ظل حالة العجز السياسي الفلسطيني الرسمي والفصائلي أمام وضع حد للسياسة الإسرائيلية صوب الأراضي الفلسطينية المحتلة لاسيما خلال السنوات القليلة الماضية وما رافقها من قرارات إسرائيلية على مستويات عدة بضرورة تشديد الخناق والتضيق على غزة وتوسيع دائرة الاستيطان بين أزقة ومدن وحارات الضفة المحتلة.

ما ينقص الفلسطيني منذ زمن وحتى اليوم هو الإرادةُ السياسية بعدما طغت الممارسات الإسرائيلية عسكريا وسياسيا في التحكم في الأراضي الفلسطينية واعتبار السلطة  أداة يحرك بها وقتما شاء وفقا لمصالحها، حيث إن العشرات من الاتفاقات الدولية ضربت بها ” تل أبيب” عرض الحائط غير مبالية بقوانين الشرعية الدولية ولا محاكم الأمم المتحدة وقراراتها، مما جعل الفلسطيني في موقف ضعيف أفرز عنه الواقع المتأزم اليوم.

ووفقا لإحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (مسح القوى العاملة الفلسطينية – التقرير السنوي: 2019)، فإن معدل البطالة المنقح بلغ 25.3% خلال عام 2019 من مجموع المشاركين في القوى العاملة في فلسطين، بواقع 21.3% بين الذكور مقابل 41.2% بين الإناث، حيث تركز أعلى معدل للبطالة بين الشباب في الفئة العمرية  15-24 سنة لكلا الجنسين حيث بلغت النسبة 40.1%، بواقع 34.7% للذكور و67.1% للإناث.

ترجع أسباب ارتفاع البطالة في الأراضي الفلسطينية وفقا لأسباب عدة أبرزها أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يتحكم بكل مخرجات ومدخلات المدن، فضلا عن استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة للعام الرابع عشر على التوالي، وغياب الرؤية الفلسطينية الاستراتيجية على الأقل للتعايش مع الواقع أو وضع خطط بديلة ربما تكون مؤقتة.

يبدو أنه من السهل جدا على حركتي” فتح وحماس” الاتفاق على مهرجان مركزي للحديث عن الأوضاع الراهنة في القدس والضفة المحتلتين، بيد أنه من الصعب  التطرق ربما إلى الأسباب الحقيقية أمام عرقلة ملف المصالحة الفلسطينية بينهما منذ سنوات عدة، ودراسة مآلات ذلك على الواقع المعيش اليوم، فضلا عن غياب الرؤية الوحدوية بينهما وصولا إلى رؤية شاملة في مواجهة الضم وصفقة القرن، إذن هي أيام قليلة تفصل عن مخرجات المهرجان المركزي وما ستحمله من آمال مؤقتة للفلسطيني وسط ضبابية المشهد السياسي والأمني.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها