ماما فرنسا وحنين خادع في لبنان!!

تفقد ماكرون محيط الانفجار بمرفأ بيروت أثناء زيارته أمس
تفقد ماكرون محيط الانفجار بمرفأ بيروت أثناء زيارته أمس

مؤلم وموجع ما حدث بالبهية بيروت وبأهلها الطيبين؛  ولا شك أن الجميع تفاعل مع تلك الصور ومقاطع الفيديو الصادمة التي اجتاحت وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بأسى عميق وحسرة كبيرة.
غير أن ما تلا الفاجعة من تصريحات ومنشورات يمكن “تبرير ” بعضها وتقبل أنها جاءت كرد فعل عنيف على المأساة التي حلت بالبلد وعاصمته الجميلة.
 فيما لا يمكن البتة تجاوز البعض الأخر وبالأخص الذى جاء بعد زيارة الرئيس الفرنسي “السريعة ” النابضة “بالحب والحنان ” وبلغ حد صياغة عريضة “تطالب بعودة الانتداب الفرنسي  للبنان“.
 والمؤسف أن أسماء لامعة في مجالات عديدة شاركت فيها؛ وبالأخص من سكان مناطق معينة لا تخفي “انتماءها ” الصريح ولا تخجل من كشف عجزها عن النطق بلغة الضاد وكثرة استخدام المصطلحات الفرنسية فيما تراه دليلا على “التحضر والرقي “.
قطعا لا أحد يمكن أن ينضوي في صف النخبة السياسية الحاكمة في بلاد الأرز والكل يشهد على فسادها الذي دمر البلد وآتى على الأخضر واليابس.

تفقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمحيط الانفجار بمرفأ بيروت

لكن هل الحل الأمثل أو البديل الأنجع هو المطالبة بعودة الاستعمار الفرنسي فقط لأن ماكرون عانق تلك السيدة في الجميزة غير مبالٍ بفيروس كورونا مثلا !! وماذا يعرف هؤلاء “المتعلمون ” عن تاريخ فرنسا في لبنان والمنطقة العربية؟ أليس مجرد التفكير في الموضوع إهانة لأجدادهم وآبائهم ممن قاوموا وناضلوا في سبيل نيل الحرية والانعتاق من براثين الاستبداد والقهر ؟
ربما كان لزاما على المتشدقين و المنبهرين بالعواطف الجياشة لحاكم الاليزيه أن يطلعوا على تعليقات الفرنسيين حول صور رئيسهم في بيروت وكيف سخروا منه وطالب بعضهم بأن يحتفظوا به عندهم وتنصيبه رئيسا لهم لطالما صدقوا كلامه ووعوده واعتبروه بمثابة “المخلص والمنقذ  ” لهم .
وهنا لابد من توضيح تفصيل مهم مفاده أن المدينين بالولاء “للماما فرنسا ” منتشرون في العديد من الدول العربية  وليس لبنان فقط ولا يفوتون أي فرصة للترويج لها ضاربين عرض الحائط بكل القيم وروابط الانتماء.
 ومن هذا المنطلق نذكر البعض بتاريخ قريب جدا وتحديدا بالثالث من تموز/يوليو الماضي حين استعادت الجزائر رفات وجماجم 24 شهيدا ارتقوا في مواجهة مع الاحتلال الفرنسي من بينهم جمجمة الشهيد “موسى بن الحسن الدرقاوي ” ابن محافظة دمياط المصرية.

من حق اللبنانيين المطالبة بحقوقهم والسعي لإسقاط أوجه الفساد والفاسدين، وبناء وطن جديد يضمن عيشا كريما لأبنائه ويحفظ كرامتهم.

مع العلم أن هؤلاء كانوا إلى جانب 18 ألف جمجمة في متحف يسمى ”ويالا“ المفارقة باسم ” متحف الإنسان ” في عاصمة الأنوار باريس؛ فما الذي يغري هؤلاء بعودة من سفكوا الدماء ونهبوا الخيرات نهارا جهارا  يا ترى ؟
بحسبة بسيطة سنجد أن الرئيس الفرنسي الذي لا يخفي “حنينه ” للماضي الغابر فقد أغلب الأوراق في المنطقة العربية ؛ وأخرها في ليبيا، لذلك يسعى بكل قوة  لإيجاد موطئ قدم جديد يعوض به الإخفاقات الأخيرة.
ولن يجد ما هو أنسب من بيئة ووضع لبنان المهلهل دون اغفال أن أصوات اللبنانيين كثيرة في  فرنسا، حين يحين موعد الاستحقاق الانتخابي بالإضافة إلى منح الأفضلية للشركات المحلية فيما يخص إعادة إعمار وتأهيل مرفأ بيروت والأماكن المتضررة؛  ما يعني ضرب عصافير عديدة بحجر واحد.
فلماذا سرح البعض بخياله بعيدا واساء لوطنه وأهله مما أضطر ماكرون نفسه كي يصرح “لا يمكنني أن أحل مكان الحكومة والرئيس ” في كلام يحمل تفسيرات عديدة !!
من حق اللبنانيين المطالبة بحقوقهم والسعي لإسقاط أوجه الفساد والفاسدين، وبناء وطن جديد يضمن عيشا كريما لأبنائه ويحفظ كرامتهم، وكلنا على ثقة في بلوغ هذا المسعى الذي لن يتحقق سوى بشرط يتيم هو أن يتركوا لبنان لأهله، وهم الأقدر والأحق بحل كل مشاكله ولم صفوفه ..
“حلوا عن سما لبنان بقى ” ..

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها