ماذا لو قاطعت الهند المنتجات الصينية؟

العلاقات الهندية- الصينية

لم تعلن الحكومة الهندية صراحة عن مقاطعة السلع الصينية ولكن قيل إنه طُلب من شركات القطاع العام الكف عن إصدار عقود جديدة للشركات الصينية.

الهند غاضبة بعد اشتباك دموي في 15 يونيو بين القوات الهندية والصينية في جالوان؛ والذي أعقبه دعوات بطول البلاد  لمقاطعة المنتجات الصينية وحرق للأجهزة والسلع الصينية مع المطالبة بقطع العلاقات بين البلدين.

ووصل الأمر لرغبة وزير الاتحاد بفرض حظر على المطاعم التي تبيع الأطعمة الصينية، والرسائل المرسلة من واتساب تزيد من تأجيج هذا الشعور.

ولم تعلن الحكومة الهندية صراحة عن المقاطعة، ولكن قيل إنه طُلب من شركات القطاع العام الكف عن إصدار عقود جديدة للشركات الصينية.

 وأفادت التقارير بأن السكك الحديدية ألغت مشروع إشارة تم إعطاؤه لشركة صينية في عام 2016،

ووفقاً للتقارير فإن الحكومة طلبت أيضاً من شركات التجارة الإلكترونية أن تعرض بلد المنشأ للمنتجات التي تبيعها.

التجارة الثنائية بين البلدين، التي انخفضت بالفعل بنسبة 15٪ منذ السنة المالية 2018 ، يمكن أن تتعرض لضربة أخرى حيث تدرس الهند التعريفات الإضافية ورسوم مكافحة الإغراق على الواردات الصينية.

تشير الأرقام التجارية إلى أن الهند هي أكبر مستورد للسلع الاستهلاكية الصينية؛ إذ تستورد الهند  ما يقرب من سبع مرات أكثر من الصادرات إليها.

فالهند لديها عجز تجاري ضخم مع الصين؛ و بلغت صادرات الهند إلى الصين 16.7 مليار دولار فقط ، بينما كانت الواردات 70.3 مليار دولار ، تاركة خللا في الميزان التجاري  بمقدار 53.6 مليار دولار.

العلاقت الهندية-الصينية

 

ولابد من الإقرار بأن صادرات الصين إلى الهند لا تشكل سوى 2% من إجمالي صادراتها، لذا فحتى إذا قاطع الهنود جميع السلع المستوردة من الصين، فلن يؤثر هذا على الصين.

كما تشير البيانات إلى أن الصين هي أكبر شريك تجاري للهند ، ولكن التجارة تميل بشدة لصالح الصين. وبالتالي فإن بدء حرب تجارية عندما تكون قدرة التصنيع الهندية محدودة لن يكون في صالح الهند.

إن مجموعة السلع التي تستوردها الهند من الصين ضخمة: السلع الاستهلاكية المعمرة مثل السلع الإلكترونية والهواتف الذكية والسلع الصناعية والمركبات والخلايا الشمسية والمنتجات الصيدلانية الأساسية بما في ذلك أدوية مرض السل والجذام والمضادات الحيوية وغيرها الكثير.

في 2017-2018 ، استوفت الصين حوالي 60٪ من متطلبات استيراد المعدات الكهربائية والإلكترونية في الهند.

في صناعة الهواتف الذكية ، من بين العلامات التجارية الخمس للهواتف الأكثر مبيعًا في الهند ، هناك أربع شركات صينية( زياومي، وفيفو، وريال، وأوببو) تهيمن على أكثر من 60 ٪ من سوق الهواتف الذكية في الهند.

من ناحية أخرى، فإن 30% من مكونات السيارات في الهند يتم تلبيتها من الصين، ونحو 90% من سوق الألعاب  والدرجات في البلاد مشغولة بالمنتجات الصينية.

بالحديث عن الاستثمارات الصينية في مجال التكنولوجيا ، شهدت الاستثمارات ارتفاعًا هائلا في الآونة الأخيرة؛ ويشير  تقرير Gateway House ، وهي مؤسسة فكرية مرتبطة بالمجلس الهندي للعلاقات العالمية بأنه بلغ 4 مليارات دولار من استثمارات التكنولوجيا الصينية في الشركات الهندية الناشئة.

تمتلك مجموعة علي بابا وحدها استثمارات استراتيجية في Big Basket (250 مليون دولار) و Paytm.com (400 مليون دولار) و Paytm Mall (150 مليون دولار) و Zomato (200 مليون دولار) و Snapdeal (700 مليون دولار).

جميع دعوات المقاطعة تفشل؛ فالصين حاولت مقاطعة المنتجات اليابانية للاحتجاج على الاستعمار الياباني؛ وبالمثل حاولت
 كما قاطعت الدول العربية المنتجات الإسرائيلية والأمريكية فيما يتعلق بموقف فلسطين؛
وفشل الجميع لأن الاقتصاد يتحدى جميع القيود التي تؤججها العواطف والعزلة

وبالمثل ، هناك مجموعة صينية أخرى ، Tencent Holdings ، لديها استثمارات في شركات هندية مثل Byju’s (50 مليون دولار) ، Dream11 (150 مليون دولار) ، Flipkart (300 مليون دولار) ، Hike Messenger (150 مليون دولار) ، Ola (500 مليون دولار) و Swiggy (500 مليون دولار).

بالإضافة إلى ذلك ، فإن هذه الشركات الصينية ليست المالك الوحيدة لهذه المنصات.

يسيطر العديد من المستثمرين الهنود وغير الصينيين على الأغلبية في معظم هذه الشركات ، مما يجعل من الصعب تصنيفها على أنها صينية أو غير صينية وتلك العلاقة تضعف من دعوات المقاطعة.

من المهم أن نفهم أن الدعوات إلى هذا النوع من مقاطعة المستهلكين ليست جديدة أو فريدة من نوعها.

ويشهد التاريخ على أن هذه المحاولات تمت تجربتها دون نجاح كبير عدة مرات.

وحاولت الصين نفسها مقاطعة جميع المنتجات اليابانية في أوائل الثلاثينيات للاحتجاج على الاستعمار الياباني؛ وبالمثل حاولت منتديات المستهلك الأمريكية مقاطعة البضائع الفرنسية في عام 2003 احتجاجًا على رفض فرنسا إرسال قوات إلى العراق بعد أحداث 11 سبتمبر.

إن قدرة الهند على تصنيع هيدروكسي كلوروكوين (HCQ)، الذي كان في طلب كبير مؤخراً كعلاج محتمل لكورونا، يعتمد إلى حد كبير على (APIs)، أو المواد الخام المستخدمة في تصنيع هذه الأدوية أو التركيبات،والصين هي واحدة من أكبر المنتجين والبائعين للمكونات الصيدلانية النشطة (APIs)، مما يدق ناقوس الخطر بالنسبة للهند قبل أن تقاطع المنتجات الصينية.

كما قاطعت الدول العربية مرات عديدة المنتجات الإسرائيلية والأمريكية فيما يتعلق بموقف فلسطين؛ الشيء المشترك بين هذه الأحداث هو أن أيا من المقاطعات لم تكن ناجحة، وتبددت في غضون أسابيع قليلة.

وسبب الفشل بسيط: الاقتصاد يتحدى جميع القيود التي تؤججها العواطف والعزلة. لن تشتري الدعوات الخطابية للمقاطعة الاعتماد على الذات أو “بهارت عطمنيربهر” للهند.

وتكشف الإحصاءات أن قطاع الأدوية في الهند يعتمد بشكل كبير على الواردات الصينية المستخدمة في تصنيع الأدوية.

إن قدرة الهند على تصنيع هيدروكسي كلوروكوين (HCQ)، الذي كان في طلب كبير مؤخراً كعلاج محتمل لـ COVID-19، يعتمد إلى حد كبير على المكونات الصيدلانية النشطة (APIs)، أو المواد الخام المستخدمة في تصنيع هذه الأدوية أو التركيبات.

الصين هي واحدة من أكبر المنتجين والبائعين للمكونات الصيدلانية النشطة (APIs)، مما يدق ناقوس الخطر بالنسبة للهند قبل أن تقاطع المنتجات الصينية.

وحتى الآن كانت بكين مقيدة في استجابتها لردود الفعل المتنامية في الهند. لكن مقالاً نُشر مؤخراً في صحيفة “جلوبال تايمز” حذر من أن “ضبط النفس في الصين ليس ضعيفاً”.

وتقول إنه “سيكون من الخطر للغاية أن تسمح الهند للجماعات المناهضة للصين بإثارة الرأي العام ، وبالتالي تصعيد التوترات” ، وتضيف أن التركيز يجب أن يكون بدلاً من ذلك على “الانتعاش الاقتصادي”.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها