لويس إنريكي المظلوم

البعض يرى أنه كان محظوظاً بتواجد ثلاثي خارق في خط هجوم الفريق وكان له الفضل في نجاحات إنريكي مع البرسا، بينما يرى البعض الآخر أن له افكاراً تكتيكية ساعدت الفريق في حسم البطولات.

رغم تحقيقه لتسع بطولات مع برشلونة لا تزال آراء الشارع الكتالوني تنقسم حول مدربهم السابق لويس إنريكي.

فالبعض يرى أنه كان محظوظاً بتواجد ثلاثي خارق كالـ MSN في خط هجوم الفريق و الذي كان له الفضل الأكبر في نجاحات إنريكي مع البرسا، بينما يرى البعض الآخر أن له افكاراً تكتيكية ساعدت الفريق في حسم البطولات كمباراة كلاسيكو العودة في الكامب نو التي حسمت لإنريكي أول القابه في الليغا مع البرسا و أيضاً إدارته الناجحة لنهائي دوري الأبطال أمام اليوفي و تقسيمه المباراة لعدة لمراحل.

إلا أنهم يتفقون جميعاً في نقطة واحدة و هي ان إنريكي تخلى تماماً عن فلسفة النادي الكتالوني التي أسسها ميتشيلز و كرويف والمتمثلة في الاستحواذ على الكرة و الضغط العالي و اللعب التموضعي و أستبدلها باللعب المباشر و الهجمات المرتدة .

لكن هل حقاً  تخلى إنريكي عن فلسفة ناديه المحبب أم أنه أُجبر على ذلك ؟

بعد رحيله عن قلعة الكامب نو قام بيب بترشيح اسمين لخلافته يحملون جينات و D.N.A  البرسا وافكاراً مشابهة للتي طبقها طوال حقبته مع النادي الكتالوني، كان الاسمان هما ارنستو فالفيردي المدرب الحالي لبرشلونة و سلفه لويس إنريكي .

بداية رائعة في الليغا عشر مباريات دون هزيمة و تسعة انتصارات و تعادل وحيد مع عودة بعض الأفكار الرئيسية في فلسفة لعب النادي الكتالوني الى ظهور مجدد كالاستحواذ على الكرة و الضغط العالي و بناء اللعب من الخلف مع وجود ميسي كرأس حربة صريح في المقدمة مع تحوله لمهاجم وهمي في أحيان أخرى .

الآن حان موعد الاختبار الحقيقي لإنريكي أمام الغريم التاريخي ريال مدريد في سانتياغو برنابيو ليكرر انجاز تاتا و بيب من قبله و يفوز بأول كلاسيكو له كمدرب ويستمر في تطبيق أفكاره بهدوء بعيداً عن ضغط الجماهير .

لكن الذي حدث هو العكس تماماً هزيمة قاسية ومذلة أداءاً و نتيجةً و مستوى مخيب للغاية من سواريز الذي بدأ المباراة كجناح على الرواق الأيمن و كلاوديو برافو منع الريال من تتحقيق نتيجة تاريخية و الصحف الكتالونية لم ترحم إنريكي و لاعبيه  خصوصاً بعد خسارة المباراة التالية في البالايدوس

أمام سيلتا فيغو نادي إنريكي السابق .

ليصبح ذلك الكلاسيكو نقطة انقلاب حقيقة في أفكار المدرب  الإسباني  مع برشلونة  و يجد لويس نفسه أمام سؤالين مهمين للغاية .

كيف ستتغلب على ضعف مساهمة ميسي الدفاعية في مركز الجناح ؟ كان هذا سؤال تيتو فيلانوفا الى صديق طفولته غوارديولا ليجيبه الأخير بأنه سيضع الأرجنتيني في عمق الملعب للتغلب على هذه المشكلة، و كان هذا هو السؤال الأول الذي واجهه إنريكي .

سواريز يؤدي بشكل سيء للغاية في الرواق الأيمن و يجب أن يشغل مركز رأس الحربة و وارتداد ميسي البطيء دفاعياً حينما يتحول لمركز الجناح يسمح للخصم بالتحولات السريعة و شن المرتدات على دفاعات البرسا بالإضافة الى اضطرار النجم الأرجنتيني  لبذل مجهود أكبر للاختراق من الطرف الأيمن و الدخول الى عمق الملعب و منطقة جزاء المنافس .

على الجانب الآخر كان من الاستحالة إجلاس أحد عناصر الـMSN على الدكة للتضحية من أجل

الفريق و تطبيق أفكار إنريكي بشكل صحيح خصوصاً مع كل الأموال الطائلة التي تم دفعها لاستقطاب كل من نيمار و سواريز لتتضح صحة نظرية الديك الواحد التي أطلقها كرويف و يجد إنريكي نفسه أمام معضلة تكتيكية كبيرة .

السؤال الآخر الذي واجهه لويس كان عن مدى تقبل الشارع الكتالوني لبعض النتائج السلبية و المباريات السيئة مع احتياجه هو و فريقه لبعض الوقت حتى يتشرب اللاعبون بجميع أفكاره و يطبقونها بشكل سليم و هو الأمر الذي بدا صعباً للغاية و أدرك إنريكي أن الوقت أصبح ينفذ منه خصوصاً في ظل الإشاعات التي تواترت عن صدور قرار الإطاحة به من قيادة الفريق الفنية بعد خلافه الشهير مع

نجميه ميسي و نيمار عقب خسارة الأنويتا .

لم ينتظر إنريكي كثيراً حتى يقرر انقاذ مسيرته مع البرسا التي بدت على المحك و قام بإدخال بعض التغييرات التكتيكية على الفريق غيرت من فلسفته الأساسية بالكامل .

فتم تحويل ميسي الى مركز الجناح على الرواق الأيمن مع وجود الكرواتي ايفان راكيتيش خلفه لتغطية الفراغات خلف النجم الأرجنتيني و القيام بمساندته في بعض مهامه الدفاعية مع الإبقاء على جوردي ألبا في الخلف و الحد من انطلاقاته و مساهماته الهجومية من أجل خدمة الفريق دفاعياً و ترك واجبات الرواق الأيسر الهجومية بالكامل إلى نيمار الذي كان يسقط كثيراً الى نصف ملعب الفريق لاستلام الكرة و الصعود بها الى الأمام .

مع إلغاء مهمة خط وسط الفريق الرئيسية والمتمثلة في صناعة اللعب و اقتصار دوره على إيصال الكرة الى الثلاثي الهجومي الذى تكفل بتلك المهمة مع تسجيله للأهداف و حسم المباريات .

ربما لم يكن إنريكي على قناعة كبيرة بالقرار الذي أتخذه لكن بنظرة عقلانية سنجد أن قراره كان منطقياً للغاية فقد كان قاب قوسين أو أدنى من الخروج من الباب الضيق للنادي الكتالوني لكنه أصبح أحد أنجح المدربين في تاريخ برشلونة .

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها