لماذا الاستياء؟!

نحن اليوم أمة واهنة ونحن اليوم الغثاء الذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم  ﻳﻮﺷﻚ ﺍﻷﻣﻢ ﺃﻥ ﺗﺪﺍﻋﻰ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻛﻤﺎ ﺗﺪﺍﻋﻰ ﺍﻷﻛﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﺼﻌﺘﻬﺎ .

إن ﺩﻋﻮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ‏( ﻛﺠﻨﺲ ‏) ﻟﻬﻢ ﻓﻀﻞ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻫﻢ من الأمم ﻓﻬﺬﺍ ﻣﺮﺩﻭﺩ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺇﻥ ﺃﻛﺮﻣﻜﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺗﻘﺎﻛﻢ وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم لأفضل لعربي على أعجمي ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى وأما الذين قصَدَهم الله سبحانه وتعالى بقوله كنتم خير أمة فهم حكما ليسوا نحن.

هم الرجال ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﺎﺟﺮﻭﺍ ﻣﻊ محمد ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وتحملوا معه كل أنواع العناء ﻭﻋﺰﺭﻭﻩ ﻭﻧﺼﺮﻭﻩ ﻭﺍﺗﺒﻌﻮﺍ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃُﻧﺰﻝ ﻣﻌﻪ أما نحن كعرب ومسلمين اليوم فلا هاجرنا ولانصرنا ولا اتّبعنا حقيقة النور الذي أنزل مع محمد صلى الله عليه وسلم وبذلك لاحق لنا أبدا أن نكون خير أمة أو ندّعي حتى ذلك إن لم نكن صرنا أسوأ تلك الأمم لأن الخيرية وكما ورد في القرآن الكريم مقرونة بشروط نحن لم نعد نتّبعها ولا نعمل بها وهي التي وردت في الآية الكريمة في قوله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله . إذا نحن لانكون خير أمة إلا حين نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونؤمن بالله أما مالم نلتزم بذلك ولم نلتزم فالأفضل لنا ندّعيه على غيرنا بل وإن التزمت باقي الأمم بتلك الشروط وتخلينا عنها نحن فهي لاشك تكون خير منا و هذا ماينبغي أن يعرفه كل عربي ومسلم ونحن بالتأكيد نعرفه وإن كنا نعرفه فلمَ كل هذا الغضب الذي لامبرر له وردود الفعل المبالغ فيه على الكلام الذي قاله منذ أيام الرجل اليهودي الذي ظهر في برنامج الدكتور فيصل قاسم الاتجاه المعاكس مردخاي كيدار فالرجل صراحةً ما قال أكثر من حقيقتنا ولم يزد عليها شيئا.

أم أن الحقيقة تؤلم!؟ الرجل فيما يخصّ عربَ اليوم ومسلميهم لم يتفوّه بغير الحقيقة أما افتراءاته التي قالها عن الاسلام وعن  أحقيتهم كيهود تاريخيا ودينيا بالأقصى فهي خرافات وهو كلام لا أصل له ومردود عليه وكان هناك الكثير من الردود المفحمة عليه من القرآن الكريم ومن السنة ومن المراجع التاريخية الموثوقة والمعروفة لدى الطرفين ولكن الضيف الاخر لم تسعفه بديهته أو ربما خانته الذاكرة في استحضارها .

أما ما قاله عن عرب اليوم ومسلميهم ويجب التفريق هنا بين الإسلام والمسلمين فهي كلمات صحيحة ولا تقبل أدنى شك وذلك رأينا في أنفسنا الذي نحاول أن نخفيه قبل أن يكون رأيه .

فنحن اليوم أمة واهنة ونحن اليوم الغثاء الذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم  : ﻳﻮﺷﻚ ﺍﻷﻣﻢ ﺃﻥ ﺗﺪﺍﻋﻰ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻛﻤﺎ ﺗﺪﺍﻋﻰ ﺍﻷﻛﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﺼﻌﺘﻬﺎ ﻓﻘﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ ﻭﻣﻦ ﻗﻠﺔ ﻧﺤﻦ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻗﺎﻝ ﺑﻞ ﺃﻧﺘﻢ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻛﺜﻴﺮ ﻭﻟﻜﻨﻜﻢ ﻏﺜﺎﺀ ﻛﻐﺜﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﻞ ﻭﻟﻴﻨﺰﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺻﺪﻭﺭ ﻋﺪﻭﻛﻢ ﺍﻟﻤﻬﺎﺑﺔ ﻣﻨﻜﻢ ﻭﻟﻴﻘﺬﻓﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﺍﻟﻮﻫﻦ ﻓﻘﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻮﻫﻦ ﻗﺎﻝ ﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻟﻤﻮﺕ.. ومن كلمات الحق التي باح بها الرجل أيضا وإن كان كذوبا وإن كان حتما يريد بها باطل فهي قولته أن فاقد الشيء لا يعطيه وأنتم العرب لا سلام بينكم حتى تمنحوه لغيركم وانظروا الى صراعاتكم الداخلية وهي ستثبت لكم ذلك فلا عاد السنة منكم يستطيعون التعايش مع الشيعة ولا العرب مع الكرد ولا القبائل تتعايش مع بعضها ، أننا كعرب أصبحنا مستنقع موت ودم ولكنه غفل عن أن السنّة أنفسهم اليوم في البلدان العربية ما عادوا يطيقون بعضهم  بعضا بل ويبيحون قتل الآخر منهم لأتفه الأسباب بحجة تكفيره أو حجج أخرى والشيعة كذلك أي أن الصراعات والقتل ما عادت بين طائفة وأخرى أو مذهب ومذهب بل بين أفراد الطائفة نفسها أو المذهب نفسه والأمثلة على ذلك كثيرة وحية فلو نظرنا الى واقع الأمة اليوم ورأينا الذي يفعله العرب والمسلمون ببعضهم  دونما رحمة ولا شفقة لأدركنا صواب كلامه فماذا عن الذين يقتّلون بعضهم في العراق وسوريا أﻟﻴﺴﻮﺍ ﻣﺴﻠﻤﻴﻦ وعربا وإن حاولنا إنكار ذلك ؟ وﻣﺎﺫﺍ عن الذي يفعله ﺍﻟﻤﺼﺮيون والليبيون واليمنيون ببعضهم ﻭﻛل منهم يصيح ﺍﻟﻠﻪ أﻛﺒﺮ وكل منهم من المذهب نفسه ألم نع حديث النبي صلى الله عليه وسلم ‏( ﻣَﺜَﻞُ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺗَﻮَﺍﺩِّﻫﻢ ﻭﺗﺮﺍﺣُﻤﻬﻢ ﻭﺗﻌﺎﻃُﻔﻬﻢ: ﻣﺜﻞُ ﺍﻟﺠﺴﺪ، ﺇِﺫﺍ ﺍﺷﺘﻜﻰ ﻣﻨﻪ ﻋﻀﻮ: ﺗَﺪَﺍﻋَﻰ ﻟﻪ ﺳﺎﺋﺮُ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺑﺎﻟﺴَّﻬَﺮِ ﻭﺍﻟﺤُﻤِّﻰ ‏) أجزم أننا لو وعيناه لما كنا على هذه الحالة .

ولما استعنا ولو بالشيطان على قتل إخوتنا للحفاظ على مناصبنا. ثم في النهاية لاداعي للاستياء أبدا برأيي وهناك أعمال نقوم بها أنفع لنا منه . فلم الاستياء إذن إن كان لاينفع ولماذا لا نعمل على إصلاح أنفسنا قبل فوات الأوان بدلا من الاستياء الذي لاطائل منه والتشدق بالشواهد على أفضليتنا على الأمم التي إن كانت تناسب واقعنا يوما فهي اليوم بالتأكيد لم تعد تناسبه.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها