لاجئ في الغربة

ومع أزمة كورونا تقدمت بطلب المشاركة مع الأطقم الطبية في النرويج وبالفعل شاركت في مستشفي نابولي، كما سافرت إلي إيطاليا في أزمتها لأكون أول لاجئ يذهب إلى هناك.

أود في البداية أن أعرفكم بنفسي محمد أكرم جابي من سوريا مواليد مدينه حلب عمري بالعشرينات في بداية الأزمة السورية
توقفت دراستي بسبب الحرب ،واعتقلت من عدة جهات مختلفة وتعرضت للتهديد كثيرا لأني ساعدت بعض الصحافة الأجنبية بدخول مدينتي حلب .
جريمتي أننا  عملت معهم كمترجم ومراسل لعدة قنوات إخبارية من داخل مدينه حلب وتعرضت للقصف وللقتل عدة مرات و نجيت بأعجوبة ..
لقد استشهد زوج أختي بعدما فرح بقدوم ابنه عثمان، ليتركه يتيما وعمره لايتجاوز الـ ٢٠ يوما عندما قٌتل  على يد  مجموعة إرهابية لأنه صائغ مجوهرات في مكان يتحكمون به .
اعتقلتني داعش بعد ذلك، وعاملوني بسوء، وبقدرة الله استطعت الخروج من هناك وبعدها مباشرة أرسلني أبي إلى تركيا .
فهذه لم تكن المرة الأولى التي يتم فيها اعتقالي حتي بات جسمي مرهقا من الاعتقالات المتتالية، و تهمتيي مساعدة الصحافه الأجنبية وتقديم التسهيلات لهم وتوفير المكان الآمن.
بل في بعض الأحيان  كانوا ينامون في بيت أهلي، وفي معملنا الذي كان يملكه أبي قبل أن يتم قصفه ويطرحه أرضا، فقد كان  مصنعا كبيرا لصناعة تدوير الورق وتحويله لأطباق بيض كرتونية .
وعقب وصولي لتركيا جاء معي أبناء أخوتي أيضا وقررت أن أركب طريق الموت من بحر أزمير حتى اليونان، وفوق أكتافي أطفال صغار وأهلي الذين لحقوا بي؛ بعدما باع أبي ما تبقى للعائلة من ممتلكات في سوريا حتي نستطيع أن نجتمع مجددا

مع أولاد آخواتي في انتظار المشاركة في رحلات الموت

لم نتوقع يوما أن يترك أبي سوريا فهو المتعلق بمصنعه وعماله بالمصنع متشبث بالأرض وعشرة الأيام .
ولولا ما تعرض له من تهديدات بعدما استشهد صهري زوج أختي واعتقلت أنا ما خرج وترك قلبه هناك .
عشنا الموت مرتين خلال محاولاتنا الهرب عبر مراكب الموت، إلا أننا لم  نستسلم وكانت تقول أمي وهي تدمع أريد الموت هنا أفضل من أن أموت كل دقيقة وأنا خائفه أن أقصف.
وخلال محاولات عديدة نجحنا بإعجوبة، ووصلنا لليونان وجمعنا القدر ب٨ إخوة مع عائلاتهم
وبعد فترة قررت الرحيل للنرويج بعدما سمعت أن أوسلو تضم  جامعة من أقوى عشر  جامعات في العالم للطب البشري.
 وهنا قررت أن أتعلم اللغه النرويجية في فترة قصيرة حتي ألتحق بكلية الطب هناك فأكملت الثانوية في عام واحد فقط ودخلت كلية الصيدلة أولا ؛لأن مجموعي كان أقل من المتوقع  وقضيت بها عاما.

وبعدها قدمت مفاضلة للسنة هذه وحصلت على مقعد دراسي في الكلية وبنفس اليوم حصلت على قرار الأقامة الدائمة مع عائلتي في النرويج وحسن سلوك من وزارة الهجرة واتصل بي وزير الصحة النرويجي ومكتب رئيسة الوزراء ليباركوا لي نجاحي المبهر على حد وصفهم .

لم نتوقع يوما أن يترك أبي سوريا فهو المتعلق بمصنعه وعماله بالمصنع متشبث بالأرض وعشرة الأيام .

فدخول كلية صعب على أهل البلد فما بال بلاجئ ؛حقق رقما قياسيا ومعدل أعلى من المطلوب في البلاد .
ومع أزمة كورونا تقدمت بطلب المشاركة مع الأطقم الطبية في النرويج وبالفعل شاركت في مستشفي نابولي، كما سافرت إلي إيطاليا في أزمتها لأكون أول لاجئ يذهب إلى هناك،ليساهم في مشافي نابولي لأقضي هناك أكثر من ٣ شهور.
أنا سعيد  بما فعلته للنرويج وإيطاليا وعائلتي فخورة بي وكانوا واثقين من نجاحي.
حلمي أن أصبح طبيبا يساعد المحتاجين ..فنحن كلاجئين حرب نريد السلام لنعمر سوريا.
سوريا التي فرقت بيني وبين أخوتي وعائلاتهم وتفرقت بنا السبل، فبسبب قانون دبلن في اوربا تفرقوا؛ فأخي الكبير وعائلته ذهبوا للسويد مما أضطرنا للإقامة على الحدود بين البلدين، وخاطبت الحكومة بضرورة لم شمل الأسرة أو على أقل تقدير السماح له بالزيارة ،وبالفعل بعد مجهودي خلال الشهور الماضية بالمشاركة في مكافحة كورونا حصلت على موافقة لأخي بزيارتنا وهذا يعد إنجازا  والحكومة ردت الاعتبار لي ولعائلتي بالشكر بهذا وجمعتنا مثل باقي الأيام وهذا شيء جميل افتخر به …

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها