كبرت قبل أن أكبر

 

كبرت قبل أن أكبر..

كبرت وما عاد تغيير نغمة هاتفي يطربني كما كان يفعل،  صرت أرضى بنغمته العادية وأتقاسمها مع الجميع …

دون مبرر كبرت ولم أكن أريد أن أكبر.. كنت فقط أحاول أن ألحق القطار في كل مرة خوفا أن أتأخر..

كبرت وبكبري سرعة القطار تتغير… تسرع أكثر، لا أعلم أأفرح لتقدمه أو لأنه يسير نحو محطته الأخيرة؟!

كبرت وكبر فيَّ السّماح وما عدت إذا ظُلمت أثأر، إني أتغيّر من الدّاخل… والخارج لا يزال يحافظ على ذات المظهر.

كم هوّ مُميت أن أكبر قبل أن أكبر؟  وأن يبدو على وجهي ثقل الكون كل صباح فلا أبرح حتى في ثوب البسمة أتنكّر.

كبرت دون أن أشعر..

كبرت وما زالت في خاطري أحلام تطمح أن تتحرّر، كبرت وبعض الجراح في جوفي تأبى أن تُجبر، كبرت ولم أُصلح ما بداخلي انكسر..

كنت أريد بعضا من الوقت أكثر، حتى أُعين ما اهتز يوما من يقيني أن يستقرّ.

كبرت ولم أكن أريد أن يكبر بي كلّ شيء ويبقى ثابت العُمر.

كبرت دون أن أشعر..

ولا تزال حياتي دون تفاصيل مضت عليها سنوات أشفي بها حنينا إذ أتذكّر.

كبرت وما في الكبر مزية تذكر.

القلب معدوم والعقل بهموم الأمس مثقل.

أنظر في المرآة إلى نفسي فلا يعجبني المنظر ..

شيء من إيماني يتبعثر والشّكوك في يقيني تتناثر ..

إذ أكبر أصبح شخصا آخر!

مات الخيل الذي بداخلي وأسدي ما عاد يزأر

كبرت وليته بيدي أن لا أكبر..

ألا أفكر..

ألا أبتعد أكثر ..

ليتني عن كبري أسيطر ..

لا لأبدو أصغر، فقط أريد أن أعيد الأشياء إلى طبيعتها كما كانت… مصدر، لا نُسخ تُصدّر والجميع من خلالها يُبصر

لما علينا في مرحلة ما أن نكبر وإذا كبرنا فقدنا كل شيء بداخلنا أخضر؟

لما إذا كبرنا بلون الجميع نتلوّن ونخسر كلّ ما كان فينا مختلف أو مؤثر؟

لما علينا أن نستجيب لقوانين إذا اتبعناها فقدنا كلّ جميل فينا وطموحنا اندثر؟

لما لا نتهوّر؟

لما علينا أحيانا أن نرضخ لواقع يطمس هويّتنا ونعبده مثل الخادم المسخّر؟

لما يريد البشر للبشر الشرّ؟

….

كبرت وأقسى ما كنت أخاف…. أن أكبر

 وها أنا أمام القدر الأكبر.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها