في رثاء الرئيس.. يا مرسي اتوكل على مولاك!

تلك الأغنية التي تَغَنَّي بها أنصار الرئيس مرسي رحمه الله، وقت أن كان يخوض بالفعل غِمار معركةٍ كاملة مع العسكر.. الأغنية ملحمية شعبية تضع الرئيس موضع الفعل وتطالبه بالضرب بيدٍ من حديد ليحاصر الفساد.

(اضرب خلي فسادهم يظهر) اضرب!!

كانت بلا شك -رغم بيئتها الإسلامية كلمات ولحن ومُغنٍ- معبرة عن حجم طموحات شعب متعطش لأي إنجاز بعد ثورة أطاحت برأس النظام؛ لكنها سلمت رئيسها المنتخب لأيادي الذين ثارت عليهم، فوضعت أول رئيس مدني بين فكي رحى بين مكرٍ لم يتوقف ضده منذ وطأت أقدامه أبواب الاتحادية، كما أن التظاهرات الطامحة في الأفضل لم تكف عنه من جهة أخرى..

فهو مطالب بالإنجاز ضد سدنة النظام الذي تمت الثورة عليه في الوقت الذي يتصور فيه مؤيدوه أنه أمتلك مفاتيح السلطة وآليات الحكم فأخذوا يطالبونه بأحلام الثورة وطموحات الثوار، ويزايد عليه منافسيه بأدبيات الحكم الرشيد والمدينة الفاضلة!!

حملت الأغنية أمنيات ضرب الفساد.. (اضرب حاصر أي فساد.. اضرب خلي فسادهم يظهر) .. بجوار أمنيات العبور (عدي وخدنا البر التاني عمر الظلم ما يرجع تاني) .. حتى وصلت الطموحات التي حملتها الأغنية عند (ارسم مصر ف أجمل صورة.. شايف مصر معاك أمورة.. شايف وطني اهو بيتحرر).

في المقابل كانت حملة سخرية موازية شنها من انتخبوه بـ “عصير الليمون” أو أولئك الذين لم ينتخبوه، نالت من كل تفاصيل الرجل شكله وطريقة كلامه وهندامه ومشيته، كما نالت منه في تاريخه وأدائه السياسي ظلت تتصاعد حتى أفرغت كل قراراته من مضمونها وحولته -بقدرة قادر- إلى دكتاتور مستبد ونصف إله!! ضرب الديمقراطية في مقتل!! فكانت (وامرساااااه) التي صاحبتها رسوم متحركة تصوره في هيئة سوبر مان الذي يقع بعد الطيران، وكانت كاركاتيرات بيضة طائر النهضة العظيم تلاحق خطواته.. فحمَّلنا الرجل فوق ما يحتمله بشر وصارت قراراته التي من المفترض فيها أنها استجابة لطموحات الثورة في ضرب الفساد محل طعن فيه هو وأضحت خطواته التصحيحية في الجيش والقضاء افتئاتا على مؤسسات الدولة (النزيهة)، وبدا وكأن الثورة قامت ضد الرجل وليس ضد مبارك ونظامه!!

فاستحالت نيابة الثورة سحباً لصلاحيات القضاء.. وإقالة نائب عام مبارك عدواناً على النيابة!!

هكذا لا حقت الرئيس طموحات الثوار وسقف ثورتهم العالي، وجنت عليه سخريتهم والاستدراك على قراراته..

دون أن ينظر أحد في البيئة التي حكم فيها رئيس محاصر بمؤيديه قبل خصومه.. فتمالأ عليه جميع خصومه في ظل قلة حيلة مؤيديه وانتهازية منافسيه.

بالفعل.. توكل الرجل على مولاه منذ اليوم الأول وخاض غمار معركة رضِي بعواقبها، وعلم أن فيها حياته ورقبته فسار فيها صابراً محتسباً أدى ما رآه صواباً، وقال كلمته ومضى مرفوع الرأس واقفاً على أقدامه ثابتاً على مبادئه..

لكن يبقى السؤال هل كنا رجالة بجد معه عندما أراد خصومه إيذائه؟

رحم الله الرئيس…

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها