فيبروميالجيا وأفتخر ٤

صورة أرشيفية

لا تحسبن كل هذا الكم من الألم يأتي ويذهب هباءا.. حتما تعلمت منه الكثير عن نفسك.. جسدك فقط يكون فى وضع سكون مؤقت لكن عقلك لايزال يمرح داخل رأسك فلا توقفه.

أدخلنى حزنك سيدتى مدن الأحزان..وأنا من قبلك لم أدخل مدن الأحزان..لم أعرف يوما أن الدمع هو الإنسان..

أن الإنسان بلا حزن ذكرى إنسان !!!! كنت أسمع تلك الكلمات قديما وأتعجب.. أمعن التفكير فيها طويلا وأسأل نفسى لماذا؟

لماذا يرتبط الحب بالحزن ؟

ما هذا النكد وما هذه الكآبة!

لكن عندما تخوض التجربة تصبح شخصا آخر ..

ترى الأشياء من منظور آخر..يلقى عليك الألم والحزن بظلالهما لتجد نفسك قابعا هناك ..وحدك بينهما لا رابع لكم سوى معية الله تعالى وقدرته.

تتجرع آلامك النفسية التى تتحول تلقائيا دون أدنى إرادة منك إلى ألم جسدى لا تستطيع السيطرة عليه حتى تفيق بعد جرعة ألم كبيرة على استفاقة، وكأنك كنت تحت تأثير مخدر فى غرفة عمليات ،لكن الفرق بينهما أنك هنا تشعر بكل شئ!

تفيق على شهقة فجائية تصرخ فى العالم،  لا سيطرة على جسدك وقلبك بعد الآن، ويدعوك هاتف أنك لا يجب أن تستسلم وأنك أقوى من أي ألم وأقوى من أي هجمة مهما كانت..

تصر على المثابرة…على المعافرة ..على الاستمرار بقوة مهما كان الثمن ..على الفوز فى حلبة السباق ولن تسمح لأى ألم أو حزن أن يسيطرا عليك..تقرر أن تقف على أرض صلبة رغم ما تعانيه ..تبحث فى داخلك عن ذاتك الحقيقية..

أعراض مرض الفيبرومالجيا

 

عن الحب الذى تتنفسه..عما تريد أن تثبته لنفسك..عن مواهبك و هواياتك..قدراتك التى وهبها الله لك..تحبو نحوها خطوة خطوة.

تبدأ بفكرة ..تدونها.. تلقيها.. ثم تلتقطها مرة أخرى.. تفكر فيها مليا،تآخيها بفكرة أخرى..فكرة تلو الأخرى..حتى يصبح لديك عالم من الأفكار التى لا تنتهى..

تفندها ثم تجمع شتات تركيزك ..أيها تستحق التنفيذ وأيها الأقرب للواقع وأقرب لإمكانياتك الحالية..

حتى تستقر على إحداها.. تضعها قيد التنفيذ وتبدأ مشروعك الصغير أو عملك من المنزل.. أو حتى هوايتك التى لا تخطط للتكسب منها.. ثم يظهر الانتاج الأول.. تطير فرحا.. يأخذك الفرح لمكان بعيد.. جمهور عريض.. صوت زغاريد.. أهلك وأقاربك..

قلوب تحبك.. وقلبك الذى لا يكاد يصدق من الفرحة… هذا هو العلاج.. أو جزء منه.. جزء كبير من علاج الفيبروميالجيا هو علاج الحالة النفسية.. وعلاج الحالة النفسية سيكون عن طريق علاج سببها..

وماذا سنفعل إن لم نستطع أن نتحكم فى ظروفنا؟

يجب أن نبحث عن شيئ آخر يبث فى قلوبنا السعادة والرضا وما أجمل أن تكون السعادة فى شكل إنجاز صغير أو نجاح نشعر به حتى ولو كان بسيطا.
“الإنجاز”…

لا تحسبن كل هذا الكم من الألم يأتي ويذهب هباءا..حتما تعلمت منه الكثير عن نفسك..جسدك فقط يكون فى وضع سكون مؤقت لكن عقلك لازال يمرح داخل رأسك فلا توقفه

تلك الكلمة السحرية التى تعادل فى مفعولها مفعول مائة حبة دواء، فى عز الهجمات كنت أتيه عدة ساعات أو أيام.. ثم أفيق على فكرة مجنونة.. فى بداية الأمر قديما كنت أدون الأفكار.. لكننى أخيرا لم أكن أدوّن شيئا كنت أنفذ كل فكرة فى التو واللحظة.. لم أكن أعلم أن هذا هو العلاج..

كنت أفعل ذلك وحسب دون أدنى تخطيط منى لكننى مع الوقت لاحظت أنه مع كل إنجاز أقوم به ولو بسيطا تتحسن نفسيتي للأفضل وتنتابني لحظات من السعادة لا أتركها تمر مرور الكرام..

كنت أستمتع بكل ثانية فيها.. أتذوقها.. وأحتفل بها احتفالا يليق بها.. مرة تلو الأخرى تعرفت على المفتاح السحري.. ومع كل هجمة رغم الألم أجدني أنتج شيئا جديدا دون أن أخطط لذلك وكأنني أدمنت النجاح وقت الألم..

رمضان الفائت إشتدت علىّ الهجمات بشكل لم يحدث من قبل.. وكنت أتلقى رسائل من الأصدقاء تهنئني على عملى المميز فى رمضان من مقالات وبرامج وغيرها.. وهم لا يعلمون أننى كنت أصارع الألم وهذا الإنجاز ما هو إلا لحظات استفاقة غير محسوبة أنجز فيها عملا بسيطا ثم أعود لألمي مرة أخرى..

وعندما هدأت الهجمات وسكن الألم وقفت بعيدا كى أتأمل ما قمت به فلم أصدق أن ذلك كله حدث وأنا فى أشد لحظات ضعفى..

لا تحسبن كل هذا الكم من الألم يأتي ويذهب هباءً.. حتما تعلمت منه الكثير عن نفسك.. جسدك فقط يكون فى وضع سكون مؤقت لكن عقلك لازال يمرح داخل رأسك فلا توقفه.. وروحك لازالت تحلق فى الكون فلا تحرمها جمال حب الحياة…

لمطالعة الحلقات السابقة:

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها