فلسطينيو الشتات.. “المتعلق بقشة”!

مما لاشك فيه أن الفلسطيني المقيم خارج الأراضي المحتلة دفع ثمنا باهظا لا يقل عمن يعيش في قطاع غزة المحاصر…

ما أحوج الفلسطيني اللاجىء المنهك بأزماته اليومية المثقلة على كاهله في مخيمات اللجوء حيث لبنان وسوريا والأردن إلى رؤية مسوؤل فلسطيني ينظر إليه بعين الرأفة والإنسانية.

بيد أن الأكثر تحديا له؛ هو وجوده في بيئة لم تعد منذ عقود  تعترف بأدنى مقومات الحياة الأساسية له لا سيما في الأراضي اللبنانية تحديدا، رغم إمكاناته التي قد تؤهله إلى الانخراط في العمل كما في دول الجوار، حيث ما يميزه بشهادة من تعايش معه الجدية والإرادة والنفس الطويل.

ثمة أزمات سياسية وأمنية واقتصادية لا تزال تعصف بالمنطقة العربية والإقليمية كان للفلسطيني نصيب كبير منها، وما زاد الأمور تعقيدا جملة القرارات العنصرية التي تؤخذ بقوة من الدول المستضيفة ضد اللاجئين واعتبارهم في بعض الأحيان حملا كبيرا على الدولة، على الرغم من أن النفقة المخصصة لكثير منهم من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ” (الأونروا)، والتي أخذت على عاتقها تحمل المسؤولية.

فلسينيو لبنان والبحث عن عمل

في الأيام القليلة الماضية انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لاستقبال اللاجئين الفلسطيينين في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان؛  لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية ، محمولا على الأكتاف، وحوله العشرات من المسلحين، وسط استقبال فلسطيني وفصائلي له، مرددين هتافات العودة والتمسك بحق اللاجئين وسط صدمات وعواصف سياسية وأمنية تتعرض لها القضية الفلسطينية.

أعاد المشهد للأذهان مدى تعطش الفلسطيني اللاجىء تحديدا في مخيمات لبنان التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة الأساسية من مياه وكهرباء لوجود قيادة سياسية تمثله في الخارج، وتحاول قدر المستطاع التدخل مع أي جهة دولية أو عربية للضغط على بعض الحكومات العربية بالتعامل معهم من منطلق الظروف التي أجبرتهم على مغادرة بلادهم.

مما لا شك فيه أن الفلسطيني المقيم خارج الأراضي المحتلة دفع ثمنا باهظا لا يقل عمن يعيش في قطاع غزة المحاصر، والضفة والقدس المحتلتين بعد موجات الاقتتال الفلسطيني والانقسام بين أكبر فصيلين في الأراضي المحتلة: (فتح وحماس)، ولسان حاله يقول :” لو لم يكن الانقسام لما وصل التشتت إلى داخل المخيمات، وما زادت الحكومات من تعنتها في التعامل معنا”.

مما لاشك فيه أن الفلسطيني المقيم خارج الأراضي المحتلة دفع ثمنا باهظا لا يقل عما يعيش في قطاع غزة المحاصر

شعر -ولا يزال- الفلسطيني اللاجىء في المخيمات كما الطفل دون أب له، يغرق في متاهات السياسة تارة وتوفير قوت اليوم لأسرته تارة أخرى، وفي بعض الأحيان الهروب من قرارات حكومية صارمة بحقه لا يقدر على حملها.

في المقابل، فإن هذا كله لم يلغ إصراره التام على أن حق العودة مكفول له بكل القوانين والدساتير العربية والدولية، حتى وإن لم ير شيئا من تنفيذ الاتفاقات على أرض الواقع، لأن الوجدان والعقل والشوق ينقله إلى هناك حيث يافا وحيفا والقدس وصفد وغيرها من المناطق والبلدات الفلسطينية المحتلة.

قد يجوب الخيال كل مرة مع الفلسطيني المقيم داخل أزقة مخيمات اللجوء والشتات وتعلو أفكاره عنان السماء أن لو اجتمعت الفصائل الفلسطينية على كلمة واحدة والنظر إلى معاناتهم العالقة من سنوات طويلة، وإنشاء لجنة خاصة بمتابعتها بعيدا عن لغة الوعود التي اعتادوا عليهم وانعكست عليهم بعد ذلك خذلانا وانكسارا.

ينظر الفلسطيني بعين الترقب والحذر في كل مرة لكل اجتماع فصائلي على أن يكون تحقيق مطالبهم حاضرة بقوة.

تأتي هذه الأمنيات بالتزامن بعد عقد مؤتمر “الأمناء العامين” الخاص بالفصائل الفلسطينية ومن يمثلها في الداخل والخارج، وسط أجواء من الخطاب السياسي الوحدوي.

والذي تمخض عنه مسارات عدة، أبرزها أ الاتفاق على قيادة وطنية ميدانية ممثل فيها جميع القوى الفلسطينية لقيادة النضال الفلسطيني، والعمل على تشكيل آلية فعالة لتحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام، إلى جانب إنجاز رؤية متفق عليها وتطبيقها لتوحيد الشعب الفلسطيني.

فضلا عن محطات كثيرة أخذت تعصف بالقضية الفلسطينية بعد جملة الزيارات المتبادلة بين قادة من جيش الاحتلال الإسرائيلي على المستويين السياسي والأمني والاقتصادي وقادة وممثلين لدول عربية في إطار تعميق العلاقات..

والتي كان آخرها اتفاق السلام بين دولة الإمارات العربية المتحدة والحكومة الإسرائيلية برعاية أمريكية ومباركة بعض من الدول العربية، ما شكل حالة من الاحباط داخل كل عربي ومسلم حر للقضية الفلسطينية عموما والفلسطينيين خصوصا.

ينظر الفلسطيني بعين الترقب والحذر في كل مرة لكل اجتماع فصائلي على أن يكون تحقيق مطالبهم حاضرة بقوة.

إضافة إلى استمرار الخطاب الوحدوي والذي من شأنه أن يؤثر ايجابيا داخل مجتمع مخيمات اللجوء والشتات، فهل سيرى الفلسطيني أثرا لخطابات قادة الفصائل؟، أم أن سيتفاجأ بعد فترة وجيزة من الآن بالعودة إلى المربع الأول بين ” فتح وحماس”، وتبادل الاتهامات؟

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها