فاطمة المهدي تكتب: صارحها بحبك.. أو اقتلها

صرح لها بحبك قبل أن تبحث عن الحب بين صديقاتها وأقاربها أو بين سطورقد كتبتها لتطويها ثم تلقيها ..أو فى غرفة من غرف الدردشة لترتمي في أحضان رجل آخر .يتبع

   المستشارة الاجتماعية فاطمة المهدي

لم أستطع ان أحبسها ..تلك الدمعة التي ظلت حائرة بين مقلتي ..حتى تحررت مع قراءة السطر الأخير الذى احتوت حروفه  وجعا لا يوصف:

“عودي لأخبرك كم الحياة قاسية بدونك..عودي لأخبرك كم “احبك”.. حبيبتي كم كنت تشتهين منى تلك الكلمة لكني لم أكن لأصرح بها ..ليتني فعلت “

كانت تلك بضع كلمات من زوج مكلوم ينعى زوجته على الشاشة الزرقاء.. حبست أنفاسي وأنا أقرأ حروفه…ثم تنفست الصعداء عندما أنهيتها.. مسحت دمعتي التي طارت تأثرا وألما  .. ثم تساءلت ..لماذا ؟

لماذا يعتقد الرجل في مجتمعاتنا أن التصريح بالحب هو الضعف بعينه؟

لماذا لا يقولها.. وما الذى يمنعه حقا؟

لماذا يعلم علم اليقين أنها تشتهيها ويرفض أن يمتعها بها ؟

لماذا تظل تستجديها وتستجديها حتى تمل سؤاله ؟

لماذا يصر أن يجعل حياتهما جفافا وبوارا؟

لماذا يجعلها تزهد فيه , بعد أن كانت تعيش معه وله أصبحت تعيش فقط لتربى أبناءها ؟

هل الحب حقا هو احتياجات البيت ومستلزماته ..

أم هل هو منزل في حي راق..

أم سيارة فاخره ..أم أثاث لا يضاهى..

إن كان هذا هو الحب حقا فلم الزواج منذ البداية..

ألا تستطيع كل أنثى أن تحصل على كل ذلك أو يزيد في منزل أبيها.. أو من راتبها الخاص…

لقد تربى الرجل في مجتمعنا على شيء واحد ومقدس :

“أنت آلة نقود” ..

لا شأن لك بأي شيء يحدث في المنزل سوى احتياجاتهم المادية.. ماذا أكلوا وشربوا.. ماذا ارتدوا في العيد.. بأي مدرسة ألحقتهم.. فى أى سكن ستؤويهم ..

وإن حدث أي خلل في تلك الوظائف صار مقصرا.. ولكل أنثى الحق الكامل في طلب الانفصال اذا لم يف بواجباته ..

لكنهم يستنكرون حقا  أي أنثى تطلب الطلاق لأن زوجها لا يشبع رغباتها واحتياجاتها النفسية.. بل ويتهموها بالتقصير او التخلي عن مسؤولياتها..

كيف تطلبين الطلاق لأنه لا يخصص لك وقتا ..هل أصابك الجنون ؟

كيف تصرخين ..”حررني” لأنه لم يعد يشعرك بقيمتك كأنثى..

أو لأنه لم يعد يثنى على جمالك.. ولم يعد يهتم بك أو بالحديث معك؟

كيف تطالبين باحتياجاتك ..ألا يكفيك أنه كريم ..مهذب.. خلوق.. بل ومتدين ..

ألا يكفيك منزلك وسيارتك وملابسك..

ألا يكفيك طلباتك المجابة أنت وأبناؤك..

كيف تجرئين على البوح بمشاعرك.. ألا تستحي..

كيف تشتاقين لهمساته ..وربما للمساته..

كيف تبثين شكواك لوسادتك…- تلك الوسادة التي خلت من كل شيء سوى دموع قد جفت – كيف تصرحين هكذا دون خجل بأنه يهجرك ..أين خجل الانثى..

لا تقلقي عزيزتي فأنت لست وحدك بل “كل الرجال هكذا “..

أنا لا أعلم حقيقة من الذى اخترع تلك الجملة الملعونة التي تربينا عليها.. أهو رجل فاجر يقضى ليله يعربد ونهاره في ضرب وإهانة.. أم رجل أحب أن يتخلى عن مسؤولياته كزوج فقرر أن يتخذها درعا لحمايته ..أم هي أنثى قد أضناها الفراق من هجر زوجها فكانت تواسي نفسها بتلك الكلمات حينا وبإهاتها حينا اخر..

من قال أن كل الرجال هكذا.. ومن أين له ذلك الواقع الذى فرض على النساء فرضا.. بل من هم كل الرجال من الأصل..

هل هم من نراهم على شاشات التلفاز يوميا يتشدقون بكلمات لا يطبقونها..

أم هل هم الأصدقاء في العمل..

أم الجيران.. أم الأقارب.. أم الأب والأخوة الذكور !

ومن قال أن هؤلاء هم القدوة ولماذا نتخذهم قدوة !

أنا لا أعرف سوى رجل واحد ..هو الذى رباني وعلمني وأرشدني.. وهو فقط قدوتي ولا قدوة لي سواه..

هو الذى ناداها دثريني ثم ارتمى فى أحضانها..

هو الذى رق قلبه فبكى بين ذراعيها ..

هو الذى أحس بكل امرأة تزوجها..

هو الذى تحمل غيرة زوجاته..

هو الأرق.. والأسمى.. والأرقى..

هو الأحن  والأحب ..

هو الذى قال “رفقا”.. “و”استوصوا خيرا” ..هو الذى سامح عفوا.. وهو الذى احتوى دهرا..

هز الذى أحب فلم يخفي ..ونبض قلبه فلم ينكر.. و صدح بها أمام صحابته فلم يخجل ..

هو الذى كان ينصت ويستشير..

وكان يضم ويحتضن فلا يمل..

وكان على صدره أحمال أمة كامله فلم يضجر ..

هو الذى لم يكل منهن يوما.. ولم يوبخ أو يهن أو يقرع ..

أي رجل يقوم بذلك اليوم؟

أنا لا أؤمن بهوليود.. ولا أفلام بوليود.. ولا بمسلسلات تركية صدعت رؤوسنا ليل نهار بحب مراهق وقيم لا تناسبنا ورجال ونساء قد شوهوا الحب تشويها ..

أنا لا أؤمن سوى برجل واحد فقط..

فعلى أي منهاج في الزواج تسيرون ..وأي دين تعتنقون..وأي قدوة تتبعون ..

إلى كل زوج محب..

لا تعاند.. بل صارح..

منذ متى والحب ضعف؟

بح لها بحبك قبل أن تبحث عن الحب بين صديقاتها وأقاربها أو بين سطورقد كتبتها لتطويها ثم تلقيها ..أو في غرفة من غرف الدردشة لترتمي فى أحضان رجل آخر وهى لازالت تحمل اسمك..

إن لم تقلها لزوجتك فخبرني من التي تستحقها ..

لن تضنيك كلمة “أحبك” …لن توقعك أرضا.. لن تنقصك قدرا.. ولن ترديك قتيلا…

فقط هي التي ستقتل رغم أنها لازالت بين ذراعيك وستحيى جسدا بلا روح ..وقلبا بلا نبض.. وشريانا بلا حياة…وعندما ترحل عن دنياك ستصرح حقا لها.. لكنها لن تنصت.. لأن النهاية ستكون قد خطت سطورها الأخيرة.. وستتلو صلاتك عليها معلنا حدادا لا ينتهى على دقات قلبك.


 فاطمة المهدي

كاتبة مصرية -مستشارة اجتماعية

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها