عن الاستبداد ومفرداته وفرضياته

ربما يقضي النظام المستبد على خصومه ويسحقهم بكل الوسائل، بل بكل أنواع الأسلحة سواء كانت هذه الأسلحة  تقليدية أو حتي محرمة مثل الأسلحة البيولوجية والكيمائية، ولا يهتم بحجم الدمار.

عندما تستخدم الأنظمة الحاكمة المستبدة كل مفردات العنف والسيطرة ضد خصومها المفترضين والمتوقعين، فإن هذه المفردات مثل التصفية أو الاعتقال أو التعذيب أو الفتنة وغيرها، ينبغي لها أن تؤدي في نهاية الأمر إلى إضعاف خصومهم إلى أقصي درجات الضعف، ومن ثم تفريق جماعات هؤلاء الخصوم وكسر شوكتهم، ويؤدي هذا العنف ومفرداته في الوقت ذاته إلى بسط نفوذ النظام ورجحان سيطرته، وإحكام قبضته.

ربما يقضي النظام المستبد على خصومه، شأنه في ذلك شأن كل الأنظمة الاستبدادية، ربما يقضي عليهم ويسحقهم بكل الوسائل، بل بكل أنواع الأسلحة سواء كانت هذه الأسلحة  تقليدية أو حتى محرمة مثل الأسلحة البيولوجية والكيمائية،  بل إنها لتحقيق ذلك  الغرض وتلك الغاية، يمكنها التحالف مع قوى خارجية صديقة أو قوى خارجية معادية ولو بصورة  مؤقتة، حينها لا يهتم النظام وأركانه، فى مثل هذه الضروريات التى يلجأ إليها ويستعين بها لتمكين نفوذه، لا يهتم بحجم الدمار أو الخراب الذي يمكن أن يلحق بالدولة ذاتها، أو بالأبرياء الذين ستحصدهم آلة الموت! خاصة إذا كان هذا النظام المستبد يعتبر أو بالا حري يتوهم أن وجوده في السلطة مطلبا ضروريا  وأساسيا، وإذا كان وجوده وتمكنه من السلطة وإدارة البلاد يرضي طموحه الشخصي أولا وقبل كل شي، ويحقق رغبته وشهوته الجامحة في اعتلاء العرش والسلطة

غير أنه من ناحية أخرى، هذه السياسة  البوليسية القمعية التي يرتكبها ويمارسها النظام  ضد خصومه التقليدين، وربما ضد سائر الناس، هذه السياسة وما يصاحبها عادة من تقييد للحريات وتكميم للأفواه، وحجب الآراء المعارضة التي تدعو إلي التداول السلمي للسلطة، وإتاحة الحريات والتركيز بصورة أساسية وجادة على العمل لمصلحة ومنفعة البلاد، هذه ربما تقود إلى خلق حالة عامة من الاحتقان!  والتي على الأرجح ستزداد يوما بعد يوم، وعاما بعد عام.

الحقيقة أن هذا الاحتقان المتزايد إذا  أضيف إليه حالة الفقر المدقع الذي يمكن أن يلحق بهذه الشعوب المضطهدة، وتزايد الديون الخارجية للدولة إلي أرقام قياسية، وارتفاع معدلات البطالة، وتدني مستويات الإنتاج، وتخبط النظام في سياساته وإدارته، إذا أضفنا كل تلك الحالات المتوقعة لحالة الاحتقان المتزايدة التي تسببت فيها الدولة البوليسية، بعد أن نزعت من تلك الشعوب إرادتها، وسلبت حريتها، وانغمست في منافعها ومصالحها الخاصة.

هذا الوضع يقود في نهاية الأمر إلي ثلاثة فرضيات متوقعة، الفرضية الأولي هي اندلاع ثورة  شعبية تقتلع هذا النظام البوليسي الاستبدادي، إلا انه لا يمكن التنبؤ بنهايتها  الايجابية لصالح الثوار إذا ما وجدت  تلك الثورة الشعبية، مقاومة شديدة من النظام المستبد، كما في الحالة السورية، التي استعان فيها نظام الأسد المستبد بروسيا وإيران، وتكون النهاية  في هذه الحالة وقوع البلاد في مستنقع حرب أهلية المسؤول عنها  في المقام الأول هو النظام المستبد نفسه، الذي قدمنا انه  يعتبر وجوده  علي رأس السلطة، مطلبا ضروريا وأساسيا، ويرضي طموحه الشخصي، ويحقق رغباته وشهواته الجموحة، والفرضية  الثانية المتوقع حدوثها، هي احتمال وقوع انقلاب عسكري أو ربما عدة انقلابات عسكرية سريعة ومفاجئة، يقوم بها ضباط  مغامرون من الجيش لوضع نهاية للحكم الاستبدادي، وإنقاذ البلاد من الهاوية التي انحدرت إليها، أما الفرض الأخير وهو من أسوا الفرضيات التي يمكن حدوثها وتوقعها، لأنها تستهدف بصورة مباشرة إغراق البلاد في دوامة الحرب الأهلية والفوضى، حتي يتم إنهاكها وإضعافها بفعل الحرب ومن ثم  تقسيمها إلي دويلات صغيرة متجاورة ومتحاربة أيضا، هذا الفرض غالبا ما يتم تدبيره من خارج الحدود، وهو تصفية الحاكم المستبد نفسه !

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها