عمرو حمزاوي والخطايا

لذلك كان وقوف الدكتور عمرو حمزاوي عند قرارات تياره ومواقفه محطة تستحق الإشادة، لكن ما لفتني فيما كتب ليس سردَه للأحداث والمواقف وإنما ما انتهى إليه في تحليله.

خطايا الربيع العربي”.. تحت هذا العنوان غرد الدكتور عمرو حمزاوي خارج سرب ساسة 25 يناير، ذلك السرب الذي لا يحط على أحداث الماضي إلا للنيل من مخالفيه ولا يعود إلى حراك الشارع المصري وانخراطه في استحقاقات ما بعد الثورة إلا لإثبات نجاعة خياراته “!”

كنت أستمع – مؤخرا -لنائب رئيس الجمهورية عقب الانقلاب العسكري محمد البرادعي وهو يشرح أسباب ما آلت إليه الأمور في مصر الرجل صب جل حديثه عن ” تيار الإسلام السياسي ” الذي لا يعرف البرادعي تعريفا له، تحدث الرجل عن أن الإسلاميين لا يفهمون ضرورة الفصل بين الدين والدولة. البرادعي بإجابته تلك لا يمثل شذوذا عن ذلك السرب، فبدلا من أن يكون حديث البرادعي تقييما لمواقفه وآرائه وقراراته فضلا عما يحدث الآن، تحدث البرادعي عما اعتبره “العوار الفكري الذي يكتنف الإسلام السياسي في المنطقة“!

لذلك كان وقوف الدكتور عمرو حمزاوي عند قرارات تياره ومواقفه محطة تستحق الإشادة، لكن ما لفتني فيما كتب ليس سردَه للأحداث والمواقف وإنما ما انتهى إليه في تحليله.

أستاذ العلوم السياسية ينتهي بعد التحليل والتمحيص ومراجعة المواقف إلى أن أبرز ” خطايا ” تيار ليبراليي الربيع العربي هو أنه في النهاية انتهى لتيار غير ليبرالي؛ فخالف ما يؤمن به تحت وطأة ضغط الشارع والتوافق مع الناخبين ومحاولة البحث عن ” مشترك ” ما، أي مشترك.

في ظني هذه الخلاصة تصلح لأن تكون شعار المرحلة، الحقيقة أننا خلطنا بين التنازل الحزبي أو الانتخابي “مثل مشاركة في الحكم أو الائتلاف الحزبي المرحلي “، وبين التنازل الفكري!

فانتهينا إلى تيار ليبرالي لا يحمل في الحقيقة من مقومات الليبرالية إلا شكلها، ما انتهى بكثير من رموزه إلى حكومات الانقلاب العسكري ومباركة أبشع الممارسات القمعية، وانتهينا إلى تيار يساري يخدم سيطرة رأس المال ويقبع مع الجنرالات في خندق واحد لمواجهة عمال المصانع والموظفين، ويناصر النظام الباطش بزعم الحفاظ على “الدولة”، وانتهينا في ذات الوقت إلى تيار إسلامي يبحث لنفسه عن مشتركات فكرية على حساب مبادئه ومعتقداته التي يؤمن بها، فصار تيارا لقيطا مسخا لا يشبه الإسلاميين ولا الليبراليين ولا العسكريين؛ فرأينا نوابا في برلمان السيسي لا ينسبهم إلى التيار الإسلامي إلا لحاهم، وترديد بعض الآيات والأحاديث التي لا يفقهونها !

الخلاصة أن ابتعاد الساسة عما يؤمنون به بحثا عن المشتركات والتوافق يضر ولا ينفع، كما أن الناس يقنعها السياسي الذي يقف خلف ما يعتقد ويدافع عنه حتى لو لم يلق استحسان البعض منهم، إضافة إلى أن ممارسة السياسة تحتاج قدرا من الشجاعة التي قد تفقدنا بعض الأنصار والناخبين، لكنها في النهاية تدعم مبادئنا التي نؤمن بها ونضحي من أجلها.

أمامنا الكثير لنتعلمه من درس الانقلاب، لكن قد يكون من المفيد أن يبدأ الإسلاميون في قراءة قراراتهم وخياراتهم بعد الثورة للوقوف على النقاط التي تخلوا فيها عن بعض ما يعتقدون.

كيف توافقوا مع من لا ينبغي التوافق معه وكيف دافع بعضهم في الفضائيات عن ممارسات هو لا يقبلها من داخله لأنها تتعارض ببساطه مع كونه ” إسلاميا ” ؟

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها