!على من يكذب محافظ المركزي المصري؟

قال طارق عامر، محافظ البنك المركزى، إن مستويات الدين الخارجى الحالية لا تزعج، وهناك مجال أمامنا للاقتراض، ويظهر ذلك فى استمرار مؤسسات التمويل الدولية بتوفير التمويلات، ولا تبدى أى مخاوف حول ذلكوهذا يُذكرنا بتصريحه الشهير “الدولار هيبقى بـ 4 جنيه”، في مارس/ آذار 2016، بينما كان السعر الرسمي 9 جنيهات، فإذا به يصل بعد التعويم إلى 18 جنيها.

ويبدو أن محافظ البنك المركزي لا يفرق بين الخطاب الموجه للداخل للاستهلاك المحلي، والخطاب الموجه للخارج، ونسي أن المؤسسات الدولية تعلم عن حقيقة وضع الاقتصاد المصري ما لا تعلمه الحكومة المصرية نفسها.

ألا يعلم عامر أن الحكومة المصرية تسعى لترحيل جزء كبير من التزامات الديون لديها لحين تحسن مؤشرات المالية العامة، وأن جملة أدوات الدين من سندات وأذون خزانة التي تم تجديدها العام المالي الماضي بلغت قرابة 1.576 تريليون جنيه (89 مليار دولار) مقابل 980 مليار جنيه العام المالي السابق، بزيادة تقترب من 55%؟

ألا يعلم أن وزير المالية المصري قال مؤخراً إن تكلفة الفوائد ارتفعت العام الماضي إلى نحو 316 مليار جنيه، مقابل تقديرات كانت بحدود 292 مليار جنيه، فيما بات متوقعاً أن ترتفع جملة الفوائد المسددة العام المالي الحالي من مستهدف 384 مليار جنيه إلى 410 مليارات جنيه، وذلك بسبب القرارات الاقتصادية والنقدية فيما يخص التعويم ورفع أسعار الفائدة؟

ألا يعلم المحافظ أن مصر عاجزة حتى الآن عن سداد مستحقات شركات البترول الأجنبية، حيث قال وزير البترول المصري طارق الملا (الثلاثاء) إن مصر ستسدد كل ديونها المستحقة لشركات النفط الأجنبية في غضون عامين بحلول نهاية 2019 إذا واصلت الدفع بالمعدلات الحالية؟

وكان عامر  قد أشار فى فعاليات الندوة التى نظمها مجلس الأعمال المصرى الكندي، الثلاثاء، إلى أن مستويات التضخم وصلت إلى درجات عالية وهى نسبة 35%، غير أنها ستبدأ الهبوط فى الفترة المقبلة بواقع 50%، منتصف العام المقبل، وتعود لمستوياتها السابقة أواخر العام نفسه.

ونسي عامر أن نسبة التضخم عند اعتبار سنة الأساس ستزيد عن 50%، وذلك بسبب قراره بتعويم الجنيه مقابل الدولار في نوفمبر/ تشرين ثاني 2016.

كما طالب محافظ البنك المركزى القطاع الخاص بمصر بالاستثمار لسد الفجوة الغذائية والغزل والنسيج، وشدد على أهمية أن يكون المجتمع الاقتصادى إيجابيًّا فى الدفاع عن مصر بالخارج، وفى المقابل سيوفر الجهاز المصرفى كامل طاقته لهم.

وتساءل عامر عما يخيف الاستثمار اليوم، رغم أن الدولة أنفقت على البنية التحتية ما لم ينفق فى سنوات، مضيفا كان القطاع الخاص يشتكي من عدم توافر الدولارات خلال الفترة الماضية، لكن تم حل هذه المشكلة حاليًّا، وبات التحدى الرئيسى يكمن فى الصادرات، وأضاف أن السياسة الاستثمارية لا بد أن تُوجَّه لتوفير فرص عمل للشباب لتخفيض معدلات البطالة.

ونسي عامر أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعاني من أجل الحصول على تمويل في ظل أسعار الفائدة الحالية، وفق تقرير لجريدة المال، الذي أشار إلى اتجاه عدد من المصانع لإغلاق أبوابها خلال الفترة المقبلة، بعد فشلها في الحصول على تمويل يغطي كلفة الاستمرار في الإنتاج، ولفت إلى تعثر أكثر من 500 مصنع، تأثرا بتداعيات القرارات الإصلاحية الاقتصادية الأخيرة وأبرزها التعويم، وما تبعه من ارتفاع تكاليف التشغيل وتراجع القوة الشرائية للمستهلكين، وركود في حركة المبيعات في الأسواق.

من ناحيتها، أكدت يمن حماقي مقرر لجنة البحوث الاقتصادية والإدارية بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، أنه رغم تصريحات أغلب البنوك ومنها الحكومية عن زيادة حجم محافظها الائتمانية لتقديم التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، لا تزال مصانع جديدة وقائمة لا تستطيع الحصول على تمويل بسبب الاشتراطات التي تطلبها البنوك.

كما قال حسام الدين نجيب، رئيس لجنة الصناعة بجمعية مستثمرى برج العرب، في تصريحات صحفية مطلع الشهر الماضي إن ثلث مصانع المدينة تقريباً توقف عن العمل لأسباب متعددة، أبرزها البيروقراطية، ونقص العمالة، وارتفاع تكاليف الإنتاج نتيجة معدلات التضخم.

وكشف تقرير التنافسية العالمية لعام 2017ــ/2018، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي عن احتلال مصر المركز رقم 100 عالميا، والذي حذرت فيه من أن فرص الانتعاش الاقتصادي المستدام لا تزال معرضة للخطر.

فعلى من يكذب طارق عامر؟!

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها