علاء الدين ال رشي : الثورة السورية في رواية نصر الله

كيف يمكن لشخصية سياسية مثل حسن نصر الله تفسير الرغبة في تحقيق الإصلاح بعد أسبوع واحد فقط من انطلاق المظاهرات الشعبية في هذا البلد؟متى كانت الإصلاحات ردة فعل.يتبع

الثورة السورية في الرواية الشيعية من خلال خطاب السيد حسن نصر الله  (2-2)

استعرضنا في المقال الأول خطاب المهندس الاستاذ أحمد معاذ الخطيب، كرواية سنية رسمية  لما يحصل في سوريا من ثورة، وفي مقالنا هذا نننتقل إلى  الرواية الشيعية الأكثر حضورا في الساحة السورية والتي يمثلها السيد حسن نصر الله، عبر مقابلاته المرئية والمقروءة…

بداية نؤكد أننا  لاننكر وجود استنكار خافت على المشاركة العسكرية من قبل بعض الشيعة لكنه صوت أقل تأثيراً من الحدث وتردياته وحضور الموقف الشيعي العسكري الواضح تحت إمرة حسن نصر الله …
 يصف السيد نصر الله مشاركته في العمل العسكري في سوريا بأنها (معركة المصير الواحد الحاسمة) وفي حواره مع جريدة السفير يقول  (إننا نحن ذهبنا متأخرين.) 

 ويتشدد في تبرير موقفه فيقول : (لماذا لم نسمع تلك الأصوات تدين داعش (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام لو أننا لم نتدخل في سوريا في الوقت المناسب وبالطريقة والكيفية المناسبتين لكانت داعش الآن في بيروت) 

وفي جانب آخر يبدو أن الأمر محسوم وواضح في شرعية الحكم السوري حسب ذهنية نصر الله فعلى الرغم من كل الدم الذي سال بسببه إلا أن نصر الله أعلن أنه : (خلال لقاءاتنا واتصالاتنا مع الرئيس السوري بشار الأسد وجدنا أنه جاهز لإصلاحات إلى مدى بعيد، على حد قوله. 

العامل الأشد ثباتًا في خطابات حسن نصر الله وتصريحات الحزب منذ بداية الثورة  السورية هو تخوين الثورة والثوار… 

 وعلى الرغم من اعتراف السيد نصر الله  الخجول بوجود ثورة في سورية إلا أنه يردف مباشرة ليصفها بأنها ثورة ( مسروقة)!!! 

لم يكن منصفاً أبداً السيد نصر الله فلم يفكر لماذا سرقت ولماذا سمح بسرقتها ومن المسؤول عن سرقتها؟! , يعتبر السيد نصر الله  كل من يقف في مواجهة النظام السوري و حزب الله عميلا لإسرائيل أو من امتداداتها في المنطقة أو تابعًا للمحور الأمريكي الإسرائيلي السعودي القطري المعادي لمحور المقاومة حيث يقول نصر الله : (طبعاً الإسرائيلي لديه الآن قلق من انتصار هذا المحور – أي محور الممانعة –  في سوريا ويعبّر عنه بوضوح

لأنه يفترض أن هذا المحور سينتصر. هم يقولون أكثر من ذلك. يقولون إذا ما تجاوزت سوريا هذه الحرب، فهذا انتصار لكل هذا المحور، وبالتالي هم قلقون من انتصار الرئيس بشار الأسد. وهذا يفسر العلاقة القائمة بين الجماعات المسلحة في محافظة القنيطرة مع الإسرائيليين.

 عند الحدود، القصة تتجاوز حكاية الجرحى والمستشفيات. حركة المسلحين هناك، لديها هامش كبير جداً، لا بل هناك حرية حركة كاملة، ولا توجد أية تحفظات إسرائيلية على حركة المسلحين وتسليحهم وتواجدهم وتدريبهم وعلى النقاط التي يسيطرون عليها. أحياناً بعض القصف الإسرائيلي يكون هدفه خدمة وتغطية حركة المسلحين الميدانية، يعني إلى هذا الحدّ بلغت الأمور على الأرض. هذا المثلث، علينا أن نوليه بعض اهتمامنا كمقاومة في لبنان، نحن نرصد علاقة متينة جداً بين الجماعات المسلحة في هذه المنطقة وبين الإسرائيليين. 

الثورة السورية في الفهم الحزبي الشيعي الذي يقوده نصر الله وتغذيه إيران إنها ليست ثورة شعبية ضد نظام قمعي  تحكمهُ حلقة أمنية ضيقة بعيدة عن مفهوم دولة المواطنة ، وإنما هي مؤامرة كيدية  تهدف إلى خنق الممانعين  وإضعاف قوى المقاومة في المنطقة. ولذلك نجده يجيب وبوضوح تام على سؤال الصحفي هل تتوقع أن يترشح الرئيس الأسد؟فيرد نصر الله ( من الطبيعي أن يترشح، وأعتقد أن ذلك سيحصل). 

وأن (مرحلة إسقاط النظام وإسقاط الدولة انتهت) .
في غالب تصريحاته ظهر السيد حسن نصر الله كإرهابي في صورة زعيم لحزب طائفي يقاد بعقل سلفي شيعي يقدس الأضرحة، والدم والطائفة في كلمته التي وجهها عبر تلفزيونه المنار بتاريخ  17-5-2015  بمناسبة ذكرى النكبة استفسر نصر الله  لماذا يتم استهداف الاضرحة في اليمن في عملية عاصفة الحزم.
هنا   يقفز نصر الله فوق جراح الشعب السوري وفوق مساجده فقط لأنها سنية ويتحسر ويشجب العدوان السعودي على أضرحة الشيعة … 

وفي حين يرسل التحايا الى الشعب البحرين فيقول :  شعبنا المناضل والمجاهد والشريف في البحرين، وكذلك يعلن فشل عاصفة الحزم.
نجده يعانق القتلة ويعول على انتصارهم على شعب سوريا الذي  رفع راية الحرية وأراد دفع المظلومية…
في الواقع، رغم ادعاء الحزب   وقوفه إلى جانب المظلوم ضد الظالم، وإلى جانب الحق ضد الباطل في مثال مصر والبحرين موضحاً بعض مبادئه الأخلاقية وذات البعد الإنساني، إلا أن ذلك لا يخفي غلبة الطابع  المذهبي العسكري للحزب وميله لتبرير تسلط نظام الحكم في سورية على حساب شعب مظلوم ومقهور. 

لا بل إن حسن نصر الله يقرّ بشكل غير مباشر قبوله بنظام فاقد لأي طابع مؤسساتي ودستوري عندما يثق بأن التغيير والإصلاح لا يتم إلا من خلال شخص الرئيس الأسد.
كيف يمكن تفسير دعم حزب الله لنظام يفتقر لقرارات مؤسساتية مرتبطة بدستور لا يتغير إلا وفقاً لرغبة فرد واحد وهو الرئيس؟  

كيف يمكن لشخصية سياسية مثل حسن نصر الله تفسير الرغبة في تحقيق الإصلاح بعد أسبوع واحد فقط من انطلاق المظاهرات الشعبية في هذا البلد؟متى كانت إصلاحات ردة الفعل تُقدر كل هذا التقدير؟ 

ومنذ متى كانت ردة الفعل الإصلاحية هي خطوة مؤسساتية ذات قيمة لدى أنصار حزب الله؟
نجد في هذا السياق أنه على قدر ما حاول السيد نصر الله تبيان رغبة النظام السوري بالإصلاح على قدر ما أعطانا صورة حول مدى استبدادية هذا النظام وتفرد الحلقة الأمنية الضيقة بقرارات تخص مصير الشعب والدولة. 

لقد اصر نصر الله أن يدير حزباً وظيفياً يمارس التشيع السياسي, أن يتابع اليمن ويتابع البحرين ولكنه يرفض ان يعترف بثورة ويعمم الرفض السوري فيسميه إرهابا …
 
 وفي خطابه الأخير في مناسبة النكبة اعتبر نصر الله أن (النكبة الجديدة التي يصنعها التكفيريون ستضيع فلسطين والمقدسات ودولا وشعوبًا بأكملها”، مُعتبرًا أن أمريكا هي من يقف وراء هذه الجماعات: “أمريكا تستخدم المشروع التكفيري لإضعاف الأمة وتمزيقها, وعلينا أن نتحمل المسؤولية جميعنا في مواجهة المشروع الأمريكي التكفيري الذي يريد صناعة نكبة أكبر”. 

ظهر “الإرهابي” حسن نصر الله  كحربة ضد الحكومات الخليجية السنية وضد مطالب الشعب السوري بل قرن السعوديين بالامريكان وقال العدوان السعودي في اليمن لم يبق حرمة لشيء، العدوان السعودي على اليمن يؤسس لأبشع أنواع العدوان في المستقبل، ورغم بشاعة العدوان الإسرائيلي وجرائمه لكنه لم يقصف أضرحة وقبورًا”. 

وفي موقف لا مواربة فيه  وهو بعيد عن البراءة يقف نصر الله موقف العداء تجاه السلطة الحاكمة في البحرين، حيث يعتبر أن “هناك فظائع تُرتكب داخل السجون في البحرين، وسط صمت وتخاذل المجتمع الدولي”، داعيًا جماعات المعارضة البحرينية، إلى “الاستمرار في حراكها حتى تحقيق أهدافها”. وفي الجانب السوري يخرس حسن نصر الله تماماً، ليعلن شرعية حكم بشار، وأن هناك حربا يتمنى لها أن تقف يقول نصر الله الأصل بالنسبة لنا في سوريا هو انتهاء الحرب. الحرب التي ستدمر سوريا أو ستدمر ما بقي منها.

 الأصل هو انتهاء الحرب بمعزل عمن يحب من ومن يكره من ومن يقتنع بمن؟ إذا انتهت الحرب في سوريا وذهبت إلى حوار داخلي ومعالجات داخلية هناك أمل بأن تتم معالجة العديد من الملفات، الخطورة الحقيقية كانت وما زالت إلى حد ما هي إنهاء سوريا. تقسيمها، الخطر كان كبيرا وجدياً.

 أعتقد أننا تجاوزنا خطر التقسيم. عندما اقول خطر إسقاط النظام تجاوزناه، بطريق أولى نكون تجاوزنا خطر التقسيم. كان هناك موضوع تقسيم، هذا خطير، موضوع تدمير سوريا وأن لا يبقى فيها حجر على حجر، أو إمكانية لوجود دولة تعيد توحيد ذاتها، تعالج مشاكلها، هكذا يمكننا القول أيضاً إننا تجاوزناه بدرجة كبيرة. إذا أمكن الوصول إلى مرحلة تتوقف فيها الحرب.

 أهمية المصالحات أنها تقول: هنا الحرب توقفت، هنا لم يعد هناك قتال، هنا لم يعد هناك سفك دماء، هنا لم تعد هناك بيوت تهدم. هذه الأمور يؤسس عليها للمستقبل، وهذا في الحقيقة كان وما يزال يشكل هاجساً عندنا.
وفي الختام غلب حسن نصر الله ذهن الطائفة على الدين، ودور العسكري المستخدم وظيفياً،وقاد حربا تهددالأمن الداخلي اللبناني والسوري والسلم الإسلامي السني الشيعي نيابة عن البطل الايراني المعركة في سوريا مفتوحة حسب كلامه  لكن فاته أيضاً  تسييد الخطاب الشيعي المسيس…

 الذي يعلي الانتماء الطائفي فوق الوطن والحدود ونعت السنة وفقههم بالبدوي والصحرواي…لن يسلم منه هذا الخطاب لا سني ولا شيعي …
نصر الله كان مفرقعات طائفية في سوريا لا تعرف حرمة لوطن ولا احترما لشعب ولا التزاما بدين…
وصدق غوستاف لوبون عندما قال : سياسي لابصر فيه، محدث أقدار كبير ضررها.
 
د. علاء الدين ال رشي

مدير العلاقات العامة في المركز التعليمي لحقوق الانسان- المانيا

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها