عبد الرحمن الشواف يكتب: سيدة في سجن الرجال (2-5)

وقف جندي بجوار سيارتي يرمي خزنة سلاحه المليئة بالطلقات ويركب الخزنة الأخرى سريعاً وعندما أنظر إليه أجده يبكي، وكأنه لا يريد أن يطلق النار علي المعتصمين. يتبع

 

عبد الرحمن الشواف أثناء اعتقاله من ميدان النهضة

نكمل اليوم عدد من المشاهدات التي سجلتها رغم كثرتها وآلامها وكانت جميعها في الميدان أثناء عملية الفض .

المشهد الخامس: فور توارد الأنباء عن قرب لحظات فض اعتصام النهضة هب الجميع وتزاحم الشباب بكثافة أمام دورات المياه حتى بداية ضرب الغاز، أسأل أحدهم لماذا هذا الزحام؟؟ فيقول كل الشباب يريد أن يستشهد وهو علي وضوء.

للأسف أو لحسن حظ كثير منهم استشهد كثير منهم وخاصة من كان في حديقة الأورمان ( حديقة كبيرة مقابلة لجامعة القاهرة وهي أحد مقرات الاعتصام ) حيث بدأت المدرعات بالدخول للحديقة وفتح النار عليهم وهم متجمعون بدون أي إنذار أو تمييز، كما قامت الطائرات بقذفهم كما ذكرت في المقال السابق.

المشهد السادس: عندما وقف جندي بجوار سيارتي يرمي خزنة سلاحه المليئة بالطلقات أسفل السيارة  التي تقف أمام المستشفى الميداني  ويركب الخزنة الأخرى سريعاً وعندما أنظر إليه أجده يبكي، وكأنه لا يريد أن يطلق النار علي المعتصمين.

المشهد السابع: عندما بدأ الفض وكان الضرب من كل اتجاه مخلفا العشرات من الجثث وبدأت الجرافات تتقدم لاقتحام الميدان فوقفت إحدى الأخوات أمام الجرافة، بل تنام أمامها لتمنعها من جرف السيارات والجثث وحتي الأفراد، فيدفعها أحد الضباط الملثمين فتهوى إلي قدمه لتقبلها طلبا لوقف ضرب الرصاص الحي علي المعتصمين، فيتم ضربها بشدة بل واعتقالها معنا في معسكر الأمن المركزي طريق الاسكندرية لمدة 3 أيام قبل أن ترحل إلي سجن القناطر (أظنها أول من أعتقل من النساء).

المشهد الثامن: جثة شهيد علي الأرض بدون نصف الرأس علي يمين المستشفى وبجوار كلية الهندسة والموبايل في جيبه لا يتوقف عن الرن يأخذ الموبايل الأخ عصام حامد ويقول للأخت التي تتصل الأخ ده أستشهد فيأتي عسكري ويأخذ الموبايل في جيبه ويتم القبض علي عصام حامد ( استشهد في السجن نتيجة الإهمال الطبي بعد 22 شهراً من الاعتقال بدون محاكمة.

المشهد التاسع: مشهد غريب ومضحك أحد اللصوص يستغل الموقف ويدخل حديقة الحيوان ويسرق 2 بطة ويخرج بهم من باب الحديقة في آخر شارع مراد فتهرب بطة وتجري ناحية الضابط فيجري خلفها حتي يصبح هو والبطة أما الضابط  فيقول له يا بيه أنا بحب البط ومش من الإخوان، ويتم اعتقاله معنا لمدة شهر وكنا نسميه حرامي البط.

المشهد العاشر: “عاطف” وهو أحد البلطجية الذين شاركوا قوات الفض وكان دورهم ضرب الخرطوش، يحكى عاطف أنهم  دخلوا الخيام وأخذوا هم والعسكر ما كان موجود ا بها من النقود واللاب توب والموبايلات، وهو خارج بحصيلة السرقة طلب منه الضابط نظارة لمحها بيده، فقال له يا بيه خلي الحاجات دية لي، فرد الضابط لأ اركب معاهم عربية الترحيلات.

عاطف  مازال إلي الآن داخل السجن، رغم إنه مسجل خطر مخدرات وفي عرض للنيابة يقول يا بيه أنا مسجل خطر مخدرات أنا مش إخوان، طبعاً الحمد لله من أكثر الناس استفادة من المعتقل يصلي ويصوم الآن، وله موقف رجولي معي في معسكر الأمن المركزي، سوف أحكيه الحلقة القادمة بإذن الله.

دكتور. عبد الرحمن الشواف
مسئول المستشفي الميداني باعتصام النهضة


لقراءة الجزء الأول من سلسة حلقات شهادة د. الشواف يرجى زيارة الرابط التالي:

عبد الرحمن الشواف يكتب: شاهد على محرقة النهضة (1-5)

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها