عام 2019 وخماسية التمكين والتحرير

    

 

مرت سنة 2018 وكانت حصادا للسنوات الخمس التي سبقت، فبلغ العنف والكذب والمال ذروته. تبعا للنظرية الروسية التي تقول “ما لا تستطيع تحقيقه بالعنف تحققه بعنف أكبرمنه، وما لا تستطيع أن تحققه بالمال تحققه بمال أكبر، وما لا تستطيع أن تناله بالكذب فتحرى الكذب أكثر “حتى تكتب عند الله كذابا ” وازدادت شراسة العنف وإنفاق المال وكذب الإعلام فأصبحت تفترس الحقائق افتراسا وتقلب الوقائع إقلابا.

حتى أصبحت نسبة 67 بالمائة من القتل في العالم موجودة على مساحة 8 بالمائة من العالم، المتمثلة في الشرق الأوسط، ودمرت معه بنى وأبنية، وسقطت معه قمم وقيم.

وبمزيد من العنف زاد الحصار على المشروع الإسلامي المعتدل. والقتل جار على ديار المسلمين أينما حلو وارتحلوا. والتحريف جار على الاسلام كعقيدة وشريعة من الفرانكونيين العرب لإعادة قراء نصوص الشريعة وتفريغها من مضامينها.

وبعد طول بحث عن بديل للمجتمع عن الإسلام السياسي، يتجه الأمر الى الإسلام الصوفي بعد تسييسه وتسويقه ليكون أداة لشيطنة الإسلام السياسي والحركات المعتدلة والسلفية والوهابية تحديدا. بعد أن استنفدت دورها.

وبمزيد من المال يراد تصفية القضية الفلسطينية، القدس وفلسطين للبيع والشراء والاستبدال. وعيش رغيد وحياة هنيئة بدل قتال وقصف ودمار.

وصعد فيه اليمين المتطرف، وازداد نشاط الإنجيليين المتصهينيين، في أوربا والأمريكيتين واستطاعوا أن يمكنوا لأصدقائهم من رويبضات العرب من الحكم، ومحاولات مستمرة في الغرب نجح آخرها في البرازيل الذي بدأ يعبد الطريق الى القدس. حتى لا تبق سفارة صديقه ترمب وحدها غريبة بين الديار.

واستنفد الغرب خطته وماله وكذبه، ولم يستطع أن يغير من قيم الأمة وقناعة الشعوب وتصميم أصحاب المشروع الإسلامي المعتدل والوطنية الشريفة. فلازال الشرفاء في السجون يبتسمون للعالم ويستخفون بسجانيهم. بكل شموخ وصلابة. لم يقدموا اعتذارا ولا تنازلا. ولم يخضعوا  لمساومة.

وعجزت الخطط أن تقدم للشعوب بديلا سياسيا سواء من الوهابية الدموية ولا من الصوفية المخترقة. ولا من المواطنين الشرفاء ولا من الميليشيات المسلحة. فعجزت ميليشيات كتائب (أبو العباس) أن تكون بديلا على الأرض في اليمن وعجز الأمريكان أن يقدموا الصوفي غولن للحكم في تركيا وعجز الخليجيون أن يقدموا “على الجفري وعلي جمعة ووسيم يوسف” بديلا لعلماء الإسلام. وعجزوا أن يقدموا دحلان ولا غيره أن يكون بديلا للفلسطينيين عن حركات المقاومة.

وبدأ الغرب يصطدم بالحقائق على الارض كما يصطدم السيل بالصخور العاتية. حين تنكسر شوكته أمام قوة الحركة الإسلامية على الارض في اليمن. وتسقط رايته أمام إصرار محور المقاومة. ويرتد هلعا أمام عملية الباص وعجز القبة الحديدية أمام تطور تكنولوجيا سلاح القسام. ويكتشف ازدياد شعبية الحركة الاسلامية بقدر الظلم والحصار المسلط عليها.

وأصبح العالم يرى سنن الله في الظالمين، وجزاء القتلة والمجرمين، ويرى حسرة أصحاب المال. ويرى دعاء المظلومين والمسجونين والمشردين. ودموع الايتام والارامل.

وستكون بداية الخماسية القادمة استنفادا لجميع أوراق الثورة المضادة. وعودة جديدة لقوى الأمة بعد أن أيقنت الشعوب أن الغرب لا يستهدف الإسلام السياسي في حقيقته، وإنما يستهدف قوى الأمة العسكرية والاقتصادية والأمنية. وأن الصداقات المزعومة المؤقتة ليس بينها وبين العداوات الحقيقة الدائمة إلا ما تدفع به من مال وما تضحي به من قيم.

وأن الخماسية القادمة لابد أن تكون محطة لبناء الثقة ومد الجسور بين الدول والشعوب، ومرحلة تنتهي فيها الحروب الداخلية لتتوجه فيها الطاقات الى بناء الأوطان ونهضتها، بعيدا عن لغة الانتقام والثأر وتصفية الحسابات، وكل ذلك يغنينا عنه قضاء عادل. والحديث سيكون للكبار الذين يحملون هم مشروع النهضة وهم تحرير فلسطين وإعادة المجد للأمة والاستقرار والأمان للإنسانية بعد تصفية آخر ما تبقى من الاستعمار وما تبعه من ظلم وجور لم تسلم منه البشرية طيلة قرن من الزمان.

 

 

 

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها