صيغة الإرهاب الذي تتبناهُ قطر

و النظام العالمي الذي يتظاهر بقول “معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ” يهز رأسه أمام سعيٍ عربي حثيث ومتواصل  لتسليم كُــل القافلة، فما أعجل الراعي العربي على نعاجه مِـنْ

بلدٌ خليجي صغير، يتقدم على الجُغرافيا العربية كاملةً من ناحية الشرقِ، بدون ذيل. إنهُ و باختصارٍ شديد بحجم سُجادة صلاة، في بلاطٍ فُرشَ بسجادٍ مُشتعل الأطراف، ومهترئ الوسط. تدوسهُ بيادات العسكر ذهاباً و إياباً، وتصلي عليه الشعوب عارية الظهر، وحافية القدمين.

في آخر سنين الرماد، حاول هذا البلد الصغير ،أن يقول للعالم، لا قيمة للجغرافيا أمام رَغبة الشعوب، التي تطمح. فهل يسمعه أو يصغي إليه، هذا العالم ،الذي يؤمن في اللحظة ذاتها، أنه مَا مِـنْ سيادة لمثل هذه البُقع المتناثرة على أطلس، والقطع الجغرافية الفقيرة، فهي تخضع لسيادة الوسط المحيط، و تهادن السياسة العالمية، وتحن كَثيراً لظلالِ الوصاية. ويعمل على تكريس ذلك.

لقد عَمل هذا البلد العربي خلال العقدين الأخيرين، وفقاً للمبدأ العام، أن النكرة الجغرافية تُعرفها المشاريع السياسية و الإقتصادية الواضحة، بأدوات الإنسان الذي يعيش لإنسانيته، ويعمل لقضيته، وينهض بجزئه لتنهض كامل أمته.

مع الأخذ في الاعتبار، أن التفاعل الحضاري مع الأمم، أصبح جزءا مِـنْ الهوية، والتمثيل الرياضي يقوم بوظائف الدبلوماسية على مدى أكثر اتساعاً، فهو المسؤول عن رسم علاقات الشعوب بالشعوب، على أساس الشغف المشترك. فيما تقيم الدبلوماسية التقليدية علاقة الحكومات ببعضها على أساس المصالح المشتركة، والأطماع المستترة والمبطنةِ. بعيداً عن الثروة التي لا يتدخل الجهد البشري في توزيعها، ولا تساهم في بناء الإنسان.

في الأونة الأخيرة أصبح الإرهاب تُهمة يُشار إليها بعشرات الأصابع، وعديد الأيدي، التي توجهها أذرع المصالح.

وسط تجاهل مريب لحقيقة، إن دابة الإرهاب التي تأكل العشبَ صيفاً، لن تتواني في التهام مستودعات القش، عِندما يخيم الشتاء على المرعى.

والنظام العالمي الذي يتظاهر بقول “معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ” يهز رأسه أمام سعيٍ عربي حثيث ومتواصل  لتسليم كُــل القافلة، فما أعجل الراعي العربي على نعاجه مِـنْ الذئب.

فهل يمكننا تخمين الصيغة الحقيقة للإرهاب التي تتبناهُ دولة قطر؟

قد يكون هو الإرهاب القادم مِـنْ رهبة الاختلاف للمشروع الوطني، الذي تبني عليه الدولة سياسيتها الداخلية. أكثر من تطرف الأفكار، و عدوانية الممارسات التي تستهدف السِلم العالمي. وهذا الاختلاف مِـنْ شأنه أن يهيج شعوب المنطقة التي تمتلك مقدرات مادية ضخمة، وإمكانات بشرية هائلة، ويدفعها لإعادة النظر في أسباب ومسببات الواقع الذي ترضخ فيه. و هذا النوع مِـنْ الإرهاب، يصنف لدى الأنظمة في درجة تأتي خلف إرهاب الوقوف مع رغبات الشعوب الأخرى، ومدى جدية الدول في حرب وإفشال حركات التصحيح الشعبية، والتعامل معها في طور السلطة الأولي.

لقد عمدت القوى الإقليمية المؤثرة إلى تعميم الخوف من الحراك الشعبي الذي أنجب الربيع العربي، وعملت بصورة مباشرة وغير مباشرة على الدفع بها نحو المجهول.

وقد يكون إرهاب الدوائر البنفسجية، و التأثير السياسي في القضايا المحورية للمنطقة، والعالم. ومَا يترتب عليه من تبعات الإزاحة للقوى التقليدية، من القوى الناشئة، التي كان ينظر لها حتى الأمس القريب بعين التبعية، والتسليم المطلق.

ومَا يمثله طموحها المتصاعد مِـنْ تمرد على الأدوار التي رُسمت لها، والتي لم تتجاوز إنجاح المؤتمرات والقمم الإقليمية.

فيما لا يُستبعد أن يكون القلق الأقليمي ناتجاً، من تأثير القوى الناعمة، التي تعمل في الوسط الاجتماعي، و ما تقدمه من عونٍ للشعوب المقيمة في دوائر الصرعات، ومدى جدية وسائل الأعلام في نقل الصورة، وتعرية المشاريع العابثة بطول الجُغرافيا وعرضها. إن معركة الوعي لا تحسم بصفقات التسليح الضخمة، و لا تُرجح كفتها الترتيبات الآنية، فسلاحها نوعي، و يحتاج إلى عقود من العمل في ميدان الفكرة، وهذا ما لا تطيقه أنظمة السياسة الآنية و المتقلبة.

لا تزال قوائم الأرهاب تغذى بكيانات وهيئات، وشخصيات، من قبل أطراف لا تدرك أنها بهذا الفعل، تحفر تحت أساساتها، وتعرض قواعدها للسقوط. فالدائرة تضيق يَوماً بعد آخر، والقياس بالإرهاب لا يعفي الأشقاء، والمسافة بين مَا يقبله العقل ومَا لا يقبله أصبحت وهمية، ومَا من سبيل للمراوغة.

هل يجب على قطر أن تتخلى عن إرهابها، و هل ينبغي على حماس أن تدرب شعبها و تربيه على المساومة لا على المقاومة، و هل على الشعوب العربية أن تقبل بأشباه الجمهوريات، فالممالك و السلطنات صحية و تخدم الأمة، لكن عوادمها عادة مَا تقتل البشر المحيطين بها.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها