“صدق النبوة” دعوة إلى الإيمان

إن القرآن تنبأ بنصر وتمكين للمسلمين وهم فارون من أرض الوطن بلا مال ولا مسكن ولا عمل ولا سلاح.

كثير من العقول الجبارة والأدمغة المستنيرة، قد جربت أن تتنبأ؛ لكن الزمان طرحها أرضا وبكل قسوة، فلاسفة كبار وساسة عظام، لهم تجارب ميدانية ونظرية كبيرة، ومع هذا لم تصدق نبوءاتهم، ورغم أن الأمور كانت تمضي نحو تحقيقها، إلا أنها انقلبت رأسا على عقب.

في أوربا كان الناس يعملون 12 ساعة في اليوم، ومع ذلك لا يستطعون توفير قوت اليوم، وذلك لضعف الراتب. ومع قسوة العمل وخطورته، وفي هذه الظروف الصعبة تنبأ اثنان من أكبر العقول في القرن 19 -كارل ماركس وفريدريك إنجلز- في البيان الشيوعي أن أول دولة ستقود الثورة الشيوعية هي ألمانيا، ليس هناك ما هو أكثر منطقية من هذه النبوءة، ولكن مع ذلك لم تتحقق رغم مرور 169 سنة، وتنبأ ماركس بعدها بسنة فقال إن الجمهورية الحمراء تبزغ في سماء باريس، واليوم قد مر أكثر من قرن ونصف القرن ولم تبزغ هذه الجمهورية.

كان نابليون بونابرت من أعظم القواد عبر التاريخ، تنبأ أنه لم يكتب له غير الغلبة الساحقة على من في الأرض، وبعدها بقليل كذب الزمان نبوءته، صار نابليون سنة 1815 مع جيشه العظيم الذي قهر به أوربا ليقضي على من بقي من أعدائه، ولم تمض سوى أيام قليلة حتى هزم على الأراضي بلجيكية، ليفر ويلقى القبض عليه من شرطة السواحل البريطانية.

تنبأ أدولف هتلر في خطابه الذي ألقاه بميونخ في 14 مارس/آذار سنة 1931، وقال إني سائر في طريقي واثقا تمام الثقة بأن الغلبة ونصر قد كتبت لي، واليوم الكل يعلم ماذا كتب لزعيم النازي من خزي وعار، وسط هذا الجمع من المتنبئين لم نجد غير القرآن وحده هو من صدقت نبوءته.

فإذا كان كل من ماركس وإنجلز تنبأ بثورة الشعوب الأوربية وهي تعاني من الفقر والمرض والجهل، ونابليون تنبأ بأنه لم يكتب له غير الغلبة على من في الأرض وهو منتصر على كل أوربا، فإن القرآن تنبأ بنصر وتمكين للمسلمين وهم فارون من أرض الوطن بلا مال ولا مسكن ولا عمل ولا سلاح، والقبائل العربية كلها متحدة ضدهم، والارستقراطية اليهودية تحرك أموالها لكي تجهض الحركة المحمدية، والمنافقون يتربصون بالداخل، وفي ظل هذه الأوضاع البائسة وهذه الإمكانيات الصعبة، وفي هذه الصحراء وهذا الحصار يتنبأ القرآن بنصر وتمكين.

إنه ليس هناك ما هو أكثر بعدا من تحقق هذه النبوءة، ولا توحي بأي نصر أو تمكين، ومع ذلك ينزل القرآن ليبشر المؤمنين، “كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21- المجادلة)، وقال أيضاً  يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32-التوبة)، ولم تمض إلا سنين قليلة حتى كانت الجزيرة العربية بأكملها تحت قبضة هذه الفئة الفقيرة، بل وأسقطت أكبر إمبراطورية في ذلك العصر فارس، وألحقوا الهزائم بالأخرى (الروم)، لم يصدق كارل ماركس ولا إنجلز ولا نابليون ولا هتلر وصدق القرآن، أليس هذا برهان على أنه كلام الله وليس بكلام رجل أمي لا يعرف الكتابة ولا القراءة .

النبوءة الثانية كانت بخصوص معركة وقعت بين الإمبراطورية الفارسية وهم عباد الشمس، وبين الروم وهم من أتباع المسيح عليه سلام، فهزم الفرس الروم، وأخذوا منهم كل بلاد الشرق وغرب العاصمة وأنطاكيا والقدس والعراق والشام وفلسطين ومصر وكل أسيا الصغرى، ولم يبق للإمبراطورية الرومانية غير العاصمة، وهي تحت الحصار، وفي هذه الأثناء سفك الفرس دم 100000 مسيحي.

وكان شعب الإمبراطورية في العاصمة خائف من زحف الفرس، والإمبراطور هرقل لم يعد همه إلا النجاة بجلده، فكان يستعد للفرار إلى قصره في قرطجنة، وهنا فرح كفار مكة لأن الفرس عباد الشمس قريبين منهم، فيما الروم من أهل الكتاب قريبون من المسلمين، وعندما استبشر الكفار بأنهم سينتصرون على المسلمين كما انتصر إخوانهم، هنا ينزل روح القدس بقول الله تعالى الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)

وعندما نزلت هذه النبوءة لم يكن هناك ما هو أبعد منها، ولكنها تحققت في بضع سنين كما قال رب العزة، فهرقل هذا كان ساقط عسكريا لأنه خسر كل الإمبراطورية، فهو لم يستطع مقاومة الفرس بكل جيشه، فكيف بجيش العاصمة فقط، وساقط سياسيا لأنه كان قد تزوج ابنة أخته، وهذا محرم في الذين المسيحي، ولكي تتصور حجم السقوط السياسي والعسكري لهرقل انظر ماذا أرسل له كسرى في رسالة إذ كتب له “من لدن كسرى الذي هو أكبر الآلهة وملك الأرض كلها إلى عبده اللئيم الغافل هرقل إنك تقول أنك تثق في إلهك فلماذا لا ينقذ القدس من يدي”.

وبعد هذه النبوءة تحول هرقل من رجل أبله لا يعلم ما يصب ملكه، ولا يهمه غير الشهوات والكسل، إلى رجل حرب وتقى، فقد ترك ابنة أخته التي كان قد تزوج بها ليستعيد مجد روما، بعد أن كان همه الواحد هو الفرار، فإذا به يشن 6 حروب على الفرس لم ينهزم في واحدة منها، وبعدها شن 3 حروب أخرى فينتصر فيها أيضاً، حتى انتهى الأمر بكسرى سجيناً ليدركه الموت في يوم سجنه الخامس.

أما آن الأوان أخي أن كي تعود للإيمان، وان تستمسك بكلمة: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فليس من الحكمة أن يظل المرء طريقه لحقيقة مثل هذه إني أدعوك للإيمان.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها