شفيق وتسخين المشهد السياسي المصري

أحمد شفيق
أحمد شفيق رئيس الوزراء المصري الأسبق

الظرف السياسي المصري وواقع مصر على كافة الأصعدة سياسيا واقتصاديا وأمنيا ودوليًا يجعل بيان الفريق شفيق على قدر كبير من الأهمية.

وأعتقد أنه وفقا لخلفيات الفريق شفيق السياسية وطبيعته الشخصية أنه لم يكن ليصدر هذا البيان إلا بعد دراسة متأنية وإشارات داعمة حتى من الإمارات نفسها والتي ربما منعته من السفر كإجراء مؤقت رفعا للحرج في علاقتها مع السيسي، وتدوينه قرقاش تؤشر إلى هذا الأمر وأعتقد أن هذه المشكلة في طريقها للحل.

هناك أسئلة مهمة تستدعي طرحها مع إعلان الفريق شفيق وهي: لماذا أعلن الترشح ورغبته في مغادرة الإمارات الآن؟ وما هو الهدف أو المغزي من وراء ذلك ؟ هذا ما يجب البحث فيه والرد عليه.

إن الأوضاع الحالية المتأزمة في مصر على كافة الأصعدة باتت تجعل خيارات النظام محدودة للغاية خاصة في ظل الالتزامات الداخلية والإقليمية والدولية التي بدى أن النظام لم يعد قادرًا على الوفاء بها ومن ثم فإن حاجة النظام لشخصٍ آخر وواجهة جديدة أصبح مصيريا والفريق شفيق يمثل فرصة كبيرة تصب في هذا الاتجاه.

مصر بوضعيتها الحالية أقرب ما تكون للدولة الرخوة بحسب تعبير البعض ومن ثم فالحاجة للدفع بشخص في وزن الفريق شفيق يمثل إنقاذًا وإعادة مأسسة لتداول السلطة بطريقة سلمية عبر الانتخاب ويعيد التوازن بين مراكز القوى في مصر .

بغض النظر عن الأشخاص والأيدولوجيات لو استمر الفريق شفيق في طريقه نحو الترشح فهذا سيمثل معطى جديدًا وتغييرًا جوهريًا في مصلحة البلاد في ظل حالة اليأس والجمود التي سيطرت على مصر خلال السنوات الماضية .

في مصر مؤسسات القوى الصلبة هي التي تتحكم في المشهد وليس السيسي منفردا وأكثر ما يقلق السيسي هو تخلى هذه المؤسسات عنه.

قد يكون من الصعب التنبؤ بموقف جميع مؤسسات القوة في مصر لكن لو عاد شفيق ربما يخلق ذلك حالة من الحياد مع العلم أن مجرد عودة شفيق يمثل طوَّق نجاة للنظام في مصر .

وفقا لحساب الفرص فإن الفريق شفيق لن يكون مجرد سنيد أو محلل لانتخابات رئاسية ولكن لديه فرصة حقيقية أكثر من غيره ، فالرجل لديه تحالفات داخلية وإقليمية تمكنه لو أحسن إدارة المشهد أن يحقق نجاحا ويتفوق بفوارق كبيرة عن السيسي.

في مصر هناك مجموعة من القوى يمكنها أن تساهم  في حسم الأمر لمصلحة  الفريق شفيق في حال الترشح وتتمثل في منظومة عهد مبارك، ورجال الأعمال، وقطاعات عريضة من المواطنين وجميعهم من المتضررين من المرحلة الحالية، إضافة إلى جزء كبير من المؤسسة العسكرية، وأيضا المعارضة المصرية، ومحور السعودية والإمارات المتشككين في مواقف السيسي.

في مصر فكرة التغيير الثوري المعطيات على الأرض تشير أنها غير قابلة للتطبيق الآن ويوجد داخل كافة القوى من يُؤْمِن بفكرة التغيير التدريجي والتي قد يمثل فوز الفريق شفيق في انتخابات رئاسية -إن أجريت- حلقة من حلقاتها.

الظرف السياسي الحالي يؤشر إلى أن القوى السياسية المعارضة لا يمكنها إحداث تغيير  للنظام على الأرض واستمرار الوضع على ما هو عليه هو على حساب مصر والدولة المصرية، ومن ثم فإن المعارضة السياسية في حاجة إلى التخندق التكتيكي خلف الفرصة المواتية، والذي لن يمثل هدرا لها بقدر ما يمثل هدرا لقوى الطرف الآخر،  ويمكنها من حيازة بعض أوراق القوة في المعادلة السياسية الحالية.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها