راتبه 80 ألف جنيه شهريا ويعاني

منذ الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في مصر، والمصريون يواجهون ارتفاعات متتالية في الأسعار، وصلت ذروتها بعد قرار النظام المصري تعويم الجنيه في نوفمبر/ تشرين ثاني 2016، ففقد المصريون 50% من القيمة الشرائية لدخولهم ومدخراتهم، وانتقلت نسبة معتبرة من الطبقة المتوسطة إلى شريحة الفقراء.

ولم تقتصر معاناة المصريين على الفقراء وذوي الدخل المحدود، بل امتدت المعاناة لتشمل من كانوا يعتبرون من ذوي الدخل المرتفع جدا، والذين اضطروا إلى تغيير أنماطهم الاستهلاكية، ومستويات تعليم أبنائهم بعد تعويم الجنيه، وغلاء الأسعار الذي وصل بمعدلات التضخم إلى أكثر من 35% .

80 ألف شهريا

في حوار مع زميل العمل، أخبرني أن صديقه المهندس المتفوق الذي يعمل في إحدى الشركات الكبرى بمصر، يتقاضى راتبا شهريا قدره 80 ألف جنيه، وفي اتصال هاتفي معه أخبره أنه أصبح يعاني بشدة بعد تعويم الجنيه بسبب غلاء الأسعار، وارتفاع الرسوم الدراسية للمدارس التي يتعلم فيها أولاده الأربعة.

عقدت الدهشة لساني وبعد فترة من محاولة الاستيعاب قلت لزميلي: كيف يعيش الآن من لايزيد دخله عن الحد الأدني للأجور في مصر وهو 1200 جنيه شهريا؟، وكيف تعيش أسر العاملين بالحكومة التي لايزيد متوسط دخلها عن 3 آلاف جنيه شهريا؟

يقول الصديق صاحب الدخل المرتفع: أنه فقد نصف دخله في لحظة واحدة حين تم تعويم الجنيه الذي رفع قيمة الدولار مقابل الجنيه من 9 جنيهات تقريبا إلى 18 جنيه، وقد اضطر لنقل أولاده من المدارس التي يتعلمون فيها بعد أن ارتفعت الرسوم المدرسية إلى الحد الذي يفوق قدراته المادية‘ خاصة أن بعض المدارس ضاعفت الرسوم وبعضها يتقاضى الرسوم بالدولار، دون التزام بتعليمات وزارة التربية والتعليم بشأن نسبة الزيادة السنوية.

في يوليو/ تموز الماضي نشرت الجريدة الرسمية قرار وزارة التربية والتعليم بشأن مصروفات المدارس الدولية، ووفقا لقرار الوزير الذى تم نشره بالجريدة الرسمية فإن الزيادة فى أسعار مصروفات العام الدراسى الحالي بلغت 14% على أسعار العام الماضى، وهى عبارة عن “7% زيادة سنوية + 7% استثناية للعام الحالى فقط.

وقد نشرت الصحف قائمة بمصروفات أغلى عشر مدارس خاصة بمصر حيث بلغ الحد الأدنى للمصروفات 65 ألف جنيه، وبلغت نحو 24 ألف دولار، بما يعادل 400 ألف جنيهأ للحد الأقصى.

الاستغناء

لم يعد أمام المصريين جميعا على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية من خيار أمام وحش الغلاء المفترس سوى البحث عن عمل إضافي على حساب ساعات الراحة، رغم عدم توافر هذا البديل في ظل ارتفاع معدلات البطالة، أو خيار الاستغناء، الذي وصل بالأسر الفقيرة إلى الاستغناء عن بعض ضرورات الحياة، مثل العلاج في حالة المرض أو شرائه بالحبة في حالة الضرورة، أو عدم تناول البروتين الحيواني مثل اللحوم والدجاج والأسماك، وشراء عظام الدجاج وعظام الذبائح لعمل الشوربة، والاستغناء عن شراء الملابس والأحذية الجديدة وإصلاح القديم منها، أو الاستغناء عن تعليم الأولاد ودفعهم لسوق العمل في سن مبكرة لمساعدة الأسرة في تكاليف المعيشة، بل وصل الأمر إلى حد الاستغناء عن الأولاد أنفسهم وعرضهم للبيع، بسبب العجز عن الإنفاق عليهم كما نشرت ذلك مواقع التواصل الاجتماعي.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها