دييغو سيميوني.. الأبطال يصنعون من أشياء عميقة بداخلهم!

في الحقيقة لا أجد غضاضة في الاعتراف بميولي اليسارية، ولا أخفي تأثري الشديد بالأرجنتيني دييغو سيميوني، الرجل الذي يحب الاصطدام بالقدر، أكثر من أي شيء آخر، في زمن لم نعرف فيه غير التسليم للأقدار دون اعتراض. 

في نهاية سلسلة أفلام روكي بالبوا يقف “سيلفستر ستالوني” لنصيحة ابنه اليافع والذي جاء يلعن الظروف ويشكو أباه، ويخبره بأنه هو السبب في فشله وفي كل ما حصل له.

يقول ستالوني في المشهد : ” دعني أخبرك شيئا أنت تعرفه بالفعل، العالم ليس كله قوس قزح أو شمسا مشرقة ، العالم مكان وضيع ومليء بأسباب الشر والخبث، ومهما كنت قويا فسينقض عليك هذا العالم ويجعلك تسقط على ركبتيك من شدة ضرباته، وسيحرص العالم على أن تبقى راكعا هكذا تحت وطأة ضرباته … إن أنت تركته… لا يستطيع أحد أن يضربك بقوة تماثل قوة هذا العالم !

عليك أن ترد الضربات بكل قوتك، بقوة تماثل قوة ضربات الحياة ليست العبرة بمدى قوة ضرباتك، بل بقدرتك على أن تتلقى الضربة وتتحملها وتستمر في السير للأمام في طريقك كم من الضربات يمكنك تحملها بينما تستمر في السير للأمام؟ هذه هي طريقة صنع الفوز والفائزين.

يواصل ستالوني حديثه لابنه قائلا إذا كنت تعلم ما تساويه وما تستحقه، اخرج إلى هذا العالم واحصل على ما تستحقه، لكن عليك قبلها أن تكون مستعدا لتلقي الضربات، وألا تشكو قائلا أنا لست في المكان الذي استحقه بسببه هو أو بسببها هي أو بسبب أي شخص. الجبناء يتعللون بهذه الأعذار وأنت لست جبانا، أنت أفضل من ذلك.»

وفِي رائعة La la land ، الفيلم الدرامي-الموسيقي الذي حصد عدة جوائز أوسكار قبل أشهر قليلة، لكاتبه ومخرجه داميان تشازيل. تقول الممثلة القديرة إيما ستون (ميا) لعشيقها رايان غوسلينغ (سيباستيان) المتخصص في موسيقى الجاز:

 إنني أدع الحياة تضربني حتى ينال منها التعب، ثم أضربها. إنها حيلة الملاكمة الكلاسيكية.

I’m letting life hit me until it gets tired. Then I’ll hit back. It’s a class rope-a-dope. 

وإذا قمنا بالغوص في أعماق شخصية مدرب أتلتكو مدريد دييغو سيميوني، ثم تأملنا وتفكّرنا في خطاب الملاكم روكي “سيلفستر ستالوني” وأبعاد مقولة إيما ستون، سنجد أن هناك كثير من العوامل المشتركة بين هذا الثلاثي الرائع أو كما قال البطل الراحل محمد علي كلاي: الأبطال لا يصنعون في صالات التدريب، الأبطال يصنعون من أشياء عميقة بداخلهم هي الإرادة والحلم والرؤية. 

وكما تنتظر إيما ستون أن ينال التعب من الحياة لتضربها، فإن دييغو سيميوني ينتظر أن يمل القدر ويستجيب لإرادته ورغبته في التتويج بدوري أبطال أوربا، البطولة التي يسعى التشولو إليها منذ سنوات عديدة مع فريقه المكافح أتلتيكو مدريد.

 وإلى ذلك الحين فإن الرجل الذي نسجت قلبه الجروح ولَعَنَت قلبه الشروح، لا يزال ــ الرجل ــ يأبى مغادرة أتلتيكو رغم كل العروض المغرية التي يتلقاها بين الفينة والأخرى، مفضّلا السير عكس التيار رغم عنفوانه وقسوته، ساعيا إلى تحقيق ما لم ينجح في تحقيقه مواطنه هيكتور كوبر، اليساري العنيد الذي خسر نهائي دوري الأبطال مرتين متتاليتين مع فريق فالنسيا الإسباني بداية الألفية ، لكن بعد خسارة أمس بثلاثية أمام جاره وغريمه ريال مدريد هل مازالت أحلام سيميوني قيد التحقيق؟

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها