حضارتنا “رقي ورحمة”

يحاول البعض أن يحصر التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية في الحروب وحركة الفتوحات والتوسعات فحسب، متجاهلين بذلك ما قدمه المسلمون للبشرية من علم ورحمة وإنسانية ورقي وتحضر،  ولو أردنا أن نحصر ما قدمه المسلمون في شتى المجالات لاحتاجنا إلى مئات المقالات بل المجلدات؛ ولذلك يكفي هنا أن نشير إلى أحد أهم هذه الجوانب التي تبرز لنا روعة ما قدمه المسلمون للإنسانية والتي تجسدت في الإسهامات الاجتماعية والأوقاف الخيرية. فقد قدم المسلمون نموذجاً راقياً وفريداً في الأعمال الخيرية والمجتمعية التي أظهرت للعالم مدى رحمة المسلمين النابعة من تعاليم دينهم وقدمت هذه الأعمال الخيرية في أبهى صورها عن طريق ما يعرف بالأوقاف، ولذلك نستعرض معكم بعضًا من هذه الأوقاف التي تشير إلى مدى رقي الحضارة الإسلامية ورحمتها ببني البشر. 

أوقاف مؤنسي المرضى

أوقاف أنشأها المسلمون للاهتمام بالمرضى ورعايتهم وإدخال السرور عليهم وكان ينفق منها على المؤذنين وذوي الأصوات العذبة الرخيمة الذين يتم اختيارهم ليكونوا بجوار المرضى يؤنسونهم ويقرؤون عليهم القرآن وينشدون لهم الأناشيد والترتيلات الدينية  ليخففوا عنهم، كما أنشأوا أوقافاً تسمى بأوقاف الإيحاء بالشفاء للمرضى، وكان القائمون عليها يقومون بالاتفاق مع الممرضين لإعطاء المرضى إيحاءً بالشفاء فكان الممرضان يقفان على مقربة من المريض دون أن يراهم  ثم يتناقشان بأن حالته تحسنت كثيراً، وأن الأطباء يقولون بأنه سيتعافى قريباً. 

أوقاف الكلاب الضالة

ومن مظاهر الحضارة الإسلامية وروعتها  ورحمتها بالحيوان تخصيص وقف لرعاية واقتناء الكلاب الضالة وتوفير المأكل والمشرب لها. 

أوقاف الحلي والأعراس

وهي أوقاف تهتم بالمقبلين على الزواج إذ يستعير منها الفقراء ما يلزمهم في أفراحهم وأعراسهم من حلي ثم يعيدونها مرة أخرى بعد الانتهاء من العرس. 

أوقاف الأواني المكسورة

ومن معاني الرحمة التي تجسدت في الحضارة الإسلامية تخصيص وقف للأواني المكسورة، فكل خادم كُسرت آنيته وتعرض لغضب مخدومه له الحق في أن يذهب إلى هذا الوقف ويستبدل آنيته المكسورة بآنية  سليمة حتى لا يتعرض للعقاب من مخدومه. 

أوقاف الزوجات الغاضبات

وقف يؤسس من ريعه بيت لإيواء الزوجات الغاضبات من أزواجهن ويتم توفير كل الاحتياجات لهن من مأكل وملبس ومشرب وتظل في هذا مصانة حتى تعود لزوجها مرة أخرى. 

هذ بعض ما قدمه المسلمون للبشرية من رقي وتحضر ورحمة واسهامات خيرية، وقد تحدث عن هذه الأوقاف الشيخ  أحمد حسن الباقوري في بيان قدمه لمجلس الشعب إبان توليه وزارة الأوقاف المصرية في الخمسينات، كما أورد بعضها العالم الجليل مصطفى السباعي في كتابه من روائع حضارتنا الإسلامية.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها