جودة التعليم ورؤية قطر الوطنية

إن الرؤية هي تلك الغايات والطموحات والتصورات المستقبلية، وهي الأهداف بعيدة المدى والمطلوب تحقيقها مستقبلًا، وهي التي من أجلها يعمل الأفراد والمؤسسات والمجتمعات الراغبة في التقدم والتطور.

فالرؤية تعد بمثابة رسم صورة للمستقبل، مع بيان الأسباب الداعية لضرورة السعي والاجتهاد نحو تحقيق تلك الرؤية المستقبلية. ولا شك أن للرؤية أهمية كبيرة في عمليات التخطيط الاستراتيجي للأفراد والمؤسسات والمجتمعات والدول من أجل إحداث التغيير وإدارة التطوير وإحداث التقدم

المنشود وتحقيق التنمية في مختلف الجوانب والمجالات.

ومن أجل التطوير وإحداث التنمية الشاملة في مختلف المجالات فقد تم إطلاق رؤية دولة قطر الوطنية 2030 لتكون بمثابة خارطة طريق واضحة لمستقبل دولة قطر، وهي رؤية طموحة تهدف إلى التقدم والنمو والازدهار في مختلف المجالات والأنشطة البشرية والمادية والبيئية، وتحقيق الإنجازات المختلفة والنمو بمختلف أشكاله. هذا وتعد هذه الرؤية بمثابة منارة توجه تطور البلاد الاقتصادي والاجتماعي والبشري والبيئي بصورة شاملة في العقود المقبلة، بما يخدم جميع السكان على أرض دولة قطر – مواطنين ومقيمين – على حد سواء في مختلف مجالات حياتهم.

ولا شك أن هذا لن يتم إلا من خلال توفير نظام تعليمي متطور وعصري يقوم على ثوابت قوية، ومنفتح على العالم، نظام يسعى بصورة مستدامة إلى تحقيق أعلى مستوى ممكن من مؤشرات ضمان جودة الأداء سواء على مستوى القدرات المؤسسية أو الفاعلية التعليمية، وذلك بهدف التنافسية العالمية وتحقيق الريادة والصدارة والمراكز الأولى في التصنيفات الإقليمية والعالمية المختصة بجودة التعليم والتنمية البشرية بشكل خاص.

ومن يتأمل في الواقع يجد  أنَّ دولة قطر تهتم اهتماما كبيرا  وتعمل بصورة مستدامة على تعزيز ثقافة وممارسات ضمان جودة وتطوير العملية التعليمية، وتعمل بصورة جادة ومستمرة على تحقيق أعلى مستوى ممكن من مؤشرات جودة الأداء العالمية والمختصة بالنظام التعليمي، وتعمل جاهدة في سبيل تحقيق ذلك على الاهتمام بكافة الجوانب والأمور التي من شأنها أن تعزز العملية التعليمية وتجودها بصورة مستمرة سواء على مستوى البنى التحتية  والقدرات المؤسسية للمؤسسات التعليمية أو الفاعلية التعليمية بداخلها، فقد أدركت دولة قطر  مبكرًا أن ضمان جودة التعليم هو خيار استراتيجي  للشعوب والمجتمعات التي ترغب في التنافسية العالمية وتحقيق الريادة والصدارة في هذا العصر الذي يتسم بالانفجار المعرفي المتسارع وتغير المعارف وتطور العلوم بصورة متسارعة للغاية، ولا يخفى علينا جميعا ما تقوم به دولة قطر من اهتمام كبير للغاية في إعداد وتجهيز البنى التحتية للمؤسسات التعليمية المختلفة وتزويد المباني المدرسية بكل ما من شأنه أن يدعم العملية التعليمية ويطورها ويجعلها تتم بصورة متميزة وفق  معايير ضمان الجودة العالمية؛ فالمبنى المدرسي على سبيل المثال نجده قد صمم وفق أحدث التصورات  والتصاميم وأجود معايير الأبنية التعليمية على المستوى العالمي، بالإضافة إلى تزويده وتجهيزه بكافة الأمور والمتطلبات اللازمة للقيام بالممارسات التدريسية والتعليمية  وممارسة الأنشطة المختلفة بصورة متطورة ومستدامة، فقد تم توفير القاعات والساحات الرياضية المختلفة والملاعب المتخصصة وقاعات الأنشطة المختلفة بالإضافة إلى المعامل والمختبرات وقاعات الحاسوب والمعامل التكنولوجية ومراكز مصادر التعلم وغيرها من قاعات وأماكن تخصصية لازمة لممارسة الطلبة للأنشطة  التعليمية المختلفة. وكل هذا من شأنه أن يعزز القدرات المؤسسية للمدارس والمؤسسات التعليمية بشكل عام.

وبالإضافة إلى ذلك فقد اهتمت دولة قطر اهتماما كبيرا بالفاعلية التعليمية بشتى صورها؛ ويظهر ذلك جليا من خلال حرصها واهتمامها البالغ بكل جوانب الفاعلية التعليمية؛ فهناك اهتمام كبير للغاية بالكوادر الأكاديمية والإدارية بالمدارس ودعمها بكافة أشكال الدعم التي تعزز إمكاناتها وخبراتها وتزيد من مهاراتها وكفاءتها في سبيل أداء مهامها بصورة متميزة وفقا لمؤشرات جودة الأداء ، وأيضا تهتم اهتماما كبيرا للغاية بالمناهج الدراسية وتعمل بصورة مستدامة على مراجعتها وتنقيحها وتجويدها وتحديثها وفقا لمتغيرات العصر والتسارع المعرفي الذي نشهده جميعا وكذلك

وفقا لمتطلبات سوق العمل المهنية والتنافسية العالمية، وأيضا هناك اهتمام كبير جدا  بالجانب المهارى للطلبة وذلك من خلال توجيه الجهود والإمكانات المختلفة لدعم المهارات والأنشطة المختلفة بالمدارس، بالإضافة لاهتمام دولة قطر بصورة كبيرة جدا بالبحث العلمي، فهي تعمل جاهدة على تنمية وتعزيز مهارات الطلبة البحثية، وتوفر في سبيل تحقيق ذلك كل ما من شأنه أن يعزز إمكانات وقدرات الطلبة البحثية والمعرفية بصورة عامة. وأيضا تولي اهتماما كبيرا بالتعليم الإلكتروني داخل المدارس وبدعم كافة الجهود الرامية لاستثمار وتوظيف تكنولوجيا التعليم والتقنيات الحديثة بصورة سليمة بما يدعم تحقيق أهداف عمليتي التعليم والتعلم.

ومن جانب أخر تهتم دولة قطر اهتماما كبيرا جدا بالموارد البشرية داخل المدارس وتوفر لها كل الفرص اللازمة للتطوير المهني بهدف دعم قدرات العاملين بالمدارس وصقل مهاراتهم وخبراتهم ، ويأتي ذلك في إطار الجهود الرامية لاستثمار الجهود البشرية ودعمها لأداء مهامها بكفاءة وإتقان  وفقا لمؤشرات معايير جودة الأداء المؤسسي. ولا شك أن جميع تلك الجهود الرامية لتعزيز ثقافة وممارسات الجودة في التعليم تأتي في إطار الجهود الرامية لتحقيق رؤية دولة قطر (2030) ولاسيما في محور وركيزة التنمية البشرية.

ولا شك أن جميع الجهود التي تتم في سبيل تطوير ومتابعة وتقويم الأداء المؤسسي جهود مميزة ومتكاملة، وتهدف جميعها لتحقيق أعلى مستوى ممكن من مؤشرات جودة الأداء في المؤسسات التعليمية المختلفة.

وقد أسفرت نلك الجهود الجبارة التي تبذل على أرض الواقع في سبيل تحقيق أعلى مستوى ممكن من مؤشرات جودة الأداء عن تصدر دولة قطر قائمة الدولة العربية في التعليم بحسب تقارير التنافسية العالمية بين دول العالم، وحصولها على المركز الرابع عالميا في جودة النظام التعليمي وغير ذلك من المراكز المتقدمة في التقارير المختلفة المتعلقة بجودة التعليم والتنافسية الدولية،  لعل هذا يعود بصورة رئيسة للرؤية الحكيمة والثاقبة للقيادة الرشيدة للدولة ونظرتها للتعليم باعتباره خيارا استراتيجيا لا بديل عنه.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها