تونس: نزيف الإرهاب يأبى التوقف

بعد سنتين من الهدوء النسبي في تونس، يعود الارهاب بضربة موجعة راح ضحيتها 6 أفراد من الحرس الوطني في محافظة جندوبة على الحدود الجزائرية. سنتان خال فيهما التونسيون أن حقبة الإرهاب قد ولت من دون رجعة خاصة بعد النجاحات التي سجلتها المنظومة الأمنية مؤخرا كان أبرزها إحباط عملية إرهابية بأحد نزل المدينة السياحية “سوسة”. 
في الحقيقة، ظل عامل الاستقرار الأمني، العنصر الوحيد الثابت في مناخ اتسم بالتجاذبات الحادة على جميع الأصعدة.
 
 تجاذبات كونت سلسلة من الأزمات التي تفاقمت وتضخمت في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية رثة، كان آخرها أزمة وزارة الداخلية التي انقسم على إثرها السياسيون والشعب، بل منظومة الحكم بأكملها إلى شقين. 
 
شرخ ضرب الائتلاف الحاكم فأخرج للعلن تناقضاته الحادة التي استمات طرفاه -حزب حركة النهضة الإسلامي، وحزب نداء تونس الحداثي- في إخفائها وتلميع ما ظهر منها وما بطن.
 
وبين للعلن ألا صداقة دائمة ولا حليف أبدي مادامت المصالح متناقضة. وإن كان البيان الذي أصدرته كتيبة عقبة ابن نافع إثر هذه العملية الإرهابية متبنيا إياها، قد كشف حسب خبراء ومختصين وجود انقسامات واضطرابات في صلب هذا التنظيم لما تضمنه من تركيبات وعبارات ومحتوى متناقض ومختلف عما سبقه، فإنه من المؤكد أن الانقسام الموجود اليوم داخل غرف صناعة القرار التونسية هو أكبر وأشد. 
وقد يكون من بين الأسباب الرئيسية إن لم يكن السبب المباشر الذي نفض الغبار عن شبح الإرهاب ونفخ فيه نفس الحياة مجددا بعد أن خلنا أننا دفناه إلى الأبد. إذ من المعروف أن الإرهاب يتغذى على الفوضى والأزمات وينمو خاصة في الأرض المتحركة المفتقدة للثبات والاتزان. وكلها شروط متوفرة في الأنموذج التونسي اليوم. يعيش الشعب التونسي اليوم متناقضات عدة..
 
بين شعارات الحكومة التطمينية وواقع مرير مفزع:
 
بين مؤشرات تقدم وطفيف وضربات موجعة تعيد العداد لنقطة الصفر، لعل أخطرها وأشدها وطأة التغيير المتتالي بنسق جنوني للحكومات بعد الثورة بمعدل حكومة لكل سنتين من الزمن.
زيادة على ذلك شبح الإرهاب الذي يفتك بأبناء هذا الوطن بين الفينة والأخرى ويعصف بآمال تحقيق موسم سياحي محترم ويخلق حالة من الفزع في البورصة التونسية ويضع الدينار في حالة أشد حرجا أمام النضيرين الأورو الأوروبي والدولار الأمريكي.
لعل أكثر ما يحتاجه هذا الشعب الصابر المصابر اليوم، أن يستعيد ثقته في أولياء أمره وأن يرى عنهم أفعالا لا أن يسمع منهم أقوالا. ولعل أكثر ما يليق بالمشهدية التونسية اليوم، وصف الدكتور أمين بن مسعود، عندما قال، “دولة نائمة، وإرهاب مستيقظ”.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها