توقف عن دوام اللطافة.. قل لا

من المهم جدا أن تتخلص من هذا الشعور بالذنب وتذكر نفسك أن قول “لا” هو أداة فعالة يمكنك استخدامها في إدارة إحساسك الخاص.

يرى “ديوك روبنسون”، مؤلف كتاب “too nice for your own good” أن التحلي باللطف الزائد عن الحد في التعامل مع الآخرين من شأنه إهدار الكثير من حقوقنا المشروعة في الحياة، بل والأسوأ من ذلك هو أن لطفنا الزائد يفسد نوايانا الحسنة التي تقف وراء تصرفاتنا فيسيء الآخرون فهمنا إلى حد الشعور بالإهانة في بعض الأحيان.

عندما تشعر بأن الإبقاء على العلاقة صار مسألة حياة أو موت، ربما تضطر إلى كتمان غضبك ومشاعرك السلبية من أجل أن يبقى شريكك سعيداً. لكن مهما حاولنا دفع الغضب بعيداً فإنه لا يترك أجسادنا مالم نعالجه.

لو شعرت بحاجة دائمة إلى إرضاء شريكك في العلاقة، لو كنت تقول “نعم” في مواقف تريد فيها أن تقول “لا”، وتحملت اللوم على كل شيء يسير بشكل خاطئ، فلقد أصبحت ضحية مزمنة.

قول “نعم” في الأوقات التي تريد فيها عكس ذلك، يجنبك الصراعات بشكل مؤقت فقط، ويقلل من مخاوفك بانتهاء العلاقة، لكن ذلك لن يساعدك على المدى الطويل. بدلاً من ذلك، يخلق هذا التفكير الخاطئ – الذي لا تبدو فيه مسموحا لك بقول “لا” – أحاديث سلبية مع النفس، وتجعلك أضعف وأقل ثقة في النفس. وعندما تصبح كذلك، تشعر ضحية، وتسبب عقلية الضحية التي تكونت بداخلك طاقة سلبية بجسدك وتجعله مليئاً بالغضب المكبوت.

 تستنزف السلبية طاقة من حولك ومنهم شريكك الذي تحاول إرضائه. وستزداد المسافة بينكما لأن الذين يشعرون بأنهم ضحايا ليس ممتعين للآخرين. ومن أجل تحرير نفسك عليك أن تفعل أمرين:

    – استبدل تفكيرك الخاطئ بأحاديث إيجابية مع النفس.

    –  اخلق حدودك وحافظ عليها، وتعلم أن تقول “لا”.

عندما تقول دائماً “نعم”، فأنت تسمح بالتعدي على حدودك الخاصة بشكل دائم. وبعيداً عن مقدار حب الشريك لك، فهو أو هي لن يحترم حدوداً غير موجودة، أو ضعيفة. إذا قمت بفعل كل شيء يطلبه الشريك، فأنت تتوقع امتنانا في المقابل، لكن واقعياً يعود ذلك بالغيرة والغضب ويعمق هذا الشعور احتياجاتك، التي لم تعبر عنها، وستستمر غير محققة.

تذكر أنك دائماً لك الحق في قول “لا”. بقولك “لا” وتعودك عليها، ستبدأ في بناء حدود تحتاجها لتكون سعيداً مع نفسك وفي حياتك. وإذا استطعت تغيير طريقة تفكيرك ستكون قادراً على تغيير طاقتك السلبية.

بدلاً من أن تقول لنفسك “لو لم أذهب إلى كل حفلة يتم دعوتي إليها، لن يكون لي أصدقاء”، قل: “سيتفهم أصدقائي بأنني في بعض الأحيان مشغول بأشياء أخرى”.

وبدلاً من قول “لو لم أستطع جعل شريكي يحبني، سأشعر بإحساس أفضل تجاه نفسي”، وقل:” سأشعر بتحسن عندما أحب نفسي”.

حينما تفكر كشخص مسؤول عن حياتك يعطيك ذلك طاقة لا تقهر، وفي ذلك الوقت سيكون الناس سعداء بالوجود بجوارك. لو كنت تستطيع السماح لنفسك باستكشاف مشاعرك الغاضبة الكامنة والتعبير عنها حينها ستكون قادراً على تعلم الوقوف والمطالبة بحقوقك.

“نعم” اعتدت أن تكون رد فعلي الطبيعي على أي طلب، وهذا هو السبب الذي يوقع معظمنا في المشاكل، فقبل أن نعرف الطلب لا نمنح أنفسنا ولو دقيقة إنما نسحبها في هذا الطريق حتى نسينا كيف يمكننا قول لا.

وكأنك أصبحت إنسان مكفوف يذهب حيث يأخذه الآخرون ولا يملك القدرة على رؤية ما يقوله عقله حيث تقول لنفسك “سوف أقول نعم مهما كان الطلب”.

عند بناء جانب ثقتك بنفسك بقول لا، يستحق الأمر أن تجعل كلمة لا هي رد الفعل الأساسي لديك، فيمكنك دائما تغيير رأيك فيما بعد إذا قررت حقا الرغبة في فعل شيء ما لكن من المهم حماية حدودك وإخراج نفسك من دائرة الشخص حبيس كلمة “نعم”.

فغالبا تصبح المطالب الصغيرة عادة هي ما ينتهي بكونها أمور أكبر مما تتوقع، أو التزامات قد وضعت على عاتقك، فكن محدد للمطالب التي تتناسب مع ما لديك من وقت وما تملك من طاقة.

فعندما ترغب حقا في عمل شيء ما أو تشعر بأن كلمة “نعم” هي رد الفعل الصحيح ستعرف ذلك تلقائيا، وعندما تبدأ في استعادة بعض من الوقت والطاقة التي ضاعت على الآخرين حينها سوف تقدر أهمية التعود على وضع حدود جيدة وتمييز ما يمكنك الالتزام به.

هناك الكثير من الشعور بالذنب والضغوط المحيطة بمسألة قول “لا” ويرجع ذلك غالبا إلى رسائل تلقاها الشخص في مرحلة الطفولة، فقد علمونا أن “نعم” هي تعبير عن التعاون والاهتمام بالآخرين، ولكن الحقيقة أن استخدام هذه الكلمة في كل شيء أو أي موقف يجعلنا مثل السجادة أو الإمعة أي إنسان بلا شخصية.

من المهم جدا أن تتخلص من هذا الشعور بالذنب وتذكر نفسك أن قول “لا” هو أداة فعالة يمكنك استخدامها في إدارة إحساسك الخاص وهذا أمر صحي يمنحك شعورا جيدا، فمثلا عندما نكون على متن طائرة واحدة نأخذ تعليمات بوضع قناع الأكسجين في حالة الطوارئ أولا وقبل أن نحاول أو نساعد أي شخص آخر، وهذا تشبيه جيد للحياة فنحن بحاجة إلى معرفة كيف نرعى أنفسنا وتلبية احتياجاتنا الخاصة لتكون لدينا قدرة على مساعدة الآخرين.

وعندما تتعلم أن تقول لا للأشياء التي ليست من مهامك، ستكون أكثر نجاحاً، وستحصل على احترام أكثر من مديرك وزملائك، وتقلل من مستوي التوتر إلى أدني حد ممكن. والأشخاص الذين لن يفهموا لماذا قلت لا قد لا يستحقون اهتمامك ومساعدتك، فلا داعي أن تبدي اهتمامك بهم عند غضبهم خصوصا مع عدم التعامل معك بإحسان!

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها