تسليع المرأة بالإعلانات!!!

يجب أن تكون هناك رقابة عالية الكثافة تحفظ للمجتمع تحفظاته وتطبق تقاليده الخاصة المتوارثة من أجداده التي يتعايش معها منذ الأزل قانعا بها مرضيا عنه

من المعروف أن الطريقة الفضلى في الترويج لمنتج ما هو الإعلان عنه؛ ولذلك تفنن القائمون على الوكالات الإعلانية بابتكار أساليب مختلفة وغريبة في بعض الأحيان، لتصل فكرة المنتج للعقول الشاهدة على تطور هذه “الصّنعة”.
 إن صح التعبير عنها في زمن سيطرت مواقع التواصل على أنماط الحياة في مختلف بقاع الأرض؛  والتي ضجت بها الإعلانات لسهولة انتشارها ووصولها لشرائح المجتمع المختلفة. ولكن حديثنا اليوم لا يدور حول أهمية الإعلانات ولا مدى نجاحها في الترويج عن المنتجات والخدمات فحسب.

بل سندخل دهاليز الصناعة الإعلانية واسترقاق المرأة بطريقة عصرية تواكب الأساليب الغربية؛ التي لا تعترف بتقاليد أو أخلاقيات مجتمعية، بل التي تمارس الحرية بمفهوم مغلوط وزائف.

استغلال النساء في الترويج

في إعلانات السيارات،  والأدوات المنزلية،و أجهزة المساج،و المواد الغذائية،و الخدمات العامة، والعيادات، وتطبيقات التسوق، والمجوهرات، وآلات الحلاقة، وغيرها الكثير من المنتجات التي تروج لها الفواصل الإعلانية في أجهزة التلفزة؛ وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

 فمن من قبل كانت الإعلانات عبر الصُحف والآن في الجدران واللوحات الإعلانية بالشوارع وغيرها الكثير، والقاسم المشترك بينها هي المرأة.
استخدام المرأة بالإعلانات يعتبر الاستخدام الأكثر شيوعا، ولسوء الحظ،أن هذا هو النموذج الأنجح وفق العديد من الدراسات عن أرباح المنتجات المُعلن عنها بملصقات المرأة وجسدها وزيادة مبيعاتها. ولذلك فإن التسويق يكاد لا يخلو من المرأة؛ والأمر الذي يثير الاستهجان هو طريقة ترويج المرأة لمنتجات لا تمت لها بصلة كمنتجات رجالية بحتة.

على سبيل المثال؛ آلات الحلاقة الرجالية التي تظهر فيها المرأة كبطلة  رغم أنه لا رابط بين المنتج والعارضة إلا شهوة الرجل المكبوتة وعقل القائم _الشيطاني_ على الإعلان.

يجب أن تكون هناك رقابة عالية الكثافة تحفظ للمجتمع تحفظاته وتطبق تقاليده الخاصة المتوارثة من أجداده، التي يتعايش معها منذ الأزل قانعا بها رضيا عنها

وظهور جسد المرأة بجوار المنتج يعبر عن عقلية المجتمع الذكوري الذي يستلذ بالمشاهد الأنثوية وتصدرها كصورة غالبا ما تكون محرّمة في جو عاداتنا وتقاليدنا، التي تعكس نمط الحياة المحافظة .
ولذلك تكون هذه الإعلانات رفاهية يتمتع بها الذكور والتي توضع لهم على طبق من فضة موفرة مواراة البعض لمشاهدتها في أماكن أخرى ! إذًا فقد تم استغلال المرأة بالإعلانات واستهلاك جسدها لتصبح أداة إغراء ووسيلة غير شريفة لجذب المشاهدين وزيادة الأرباح.
وذلك  بلا اعتبار لا لمجتمعاتنا  المحافظة؛ ولا لديننا الإسلامي الحنيف الذي كرم المرأة ورفع من شأنها وعارض كل أوجه الاستخفاف بمكانتها  وطبيعتها وكينونتها. ولم تقف وكالات الإعلانات على هذا الحد فحسب؛  بل تعدت مهمتها الإعلانية لتؤكد الصور النمطية بالمجتمع.

فعززت صورة الرجل الذكورية والمتسلطة والأبوية “المعمقة” التي تنهى وتأمر وما لها إلا الإجابة والخضوع.
وبذلك تكون قد عززت صورة مجتمعية  متداولة من الأزل تبجل الرجل،  وتنتقص المرأة وتستصغر دورها بالمجتمع لتكتفي بعرضها في المطابخ والمنازل والاعتناء بالأطفال؛  لتعزيز الصورة السطحية والنمطية للمرأة ؛ والعمل على إبقائها  في البيت لرعاية أفراد الأسرة.
وفي ذلك إهمالا لدورها الهام بالمجتمع وجهودها ومساهمتها بعجلة التنمية.

فهي نصف المجتمع وأساسه المتين ولكن للأسف إلى الآن وفي القرن الواحد والعشرين صورة المرأة ثابتة بل مع مرور الأيام تتدهور أكثر ويرجع الفضل لذلك للإعلام.
ولأن للإعلام الدور الرئيس في تنشئة أجيال متلاحقة من الشباب، تعتبر الإعلانات وسيلة لا تقتصر على التسويق؛  فحسب بل هي أداة تضيف للمجتمع الأفكار والأنماط الحياتية التي قد تصبح جزءا من معتقدات مجتمع بأكمله.

تعين أفراد المجتمع على تكوين الأولويات والأهداف والعديد من القيم الأخلاقية التي قد لا تراعي قيم المجتمع وتحفظاته في أغلب الأوقات.
في الحقيقة فإن الإعلانات واجهة الإعلام فهي تبرز المجتمع وتعرض أفكاره؛  وحيثيات الأمور فيه ولذلك نلاحظ اختلاف الإعلانات بحسب ثقافة الدولة التي تعرض فيها.

استخدام المرأة في الإعلانات يعتبر الاستخدام الأكثر شيوعا، ولسوء الحظ،أن هذا هو النموذج الأنجح وفق العديد من الدراسات عن أرباح المنتجات المُعلن عنها بملصقات المرأة وجسدها

فلكل مجتمع تطلعاته وعاداته التي تبرزها الإعلانات طمعا في المشاهدين وأملا في زيادة الارباح وجذب المستهلكين.
ولهذا السبب بالذات نرى أن صورة المرأة تختلف حيث إنها تمثل وتجسد نساء تلك الشريحة المُراد الترويج لها بالبقعة الجغرافية المعينة.
لمواجهة “سلعنة ” المرأة يجب أن يكون هناك وعي وبالذات عند المرأة لكي تحفظ بذلك حقها بالاحتشام؛  وفرض احترامها على مواقع التصوير الإعلاني وخارجها.

 وليس فقط ثقافة عامة تتفق على حقوق وهمية لا تؤخذ حقها، لكن يجب أن تكون هناك رقابة عالية الكثافة تحفظ للمجتمع تحفظاته وتطبق تقاليده الخاصة المتوارثة من أجداده والتي يتعايش معها منذ الأزل قانعا بها مرضيا عنها.

بحيث هذه الرقابة تكون رادعا قويا؛ يُحاسب من يتخطاها بعقوبة مستحقة وقانونية، لا مجال للتلاعب بها.

مواجهة المتاجرة بالنساء لا تحل بسهولة لأنها تخطت حدود الأخلاقيات العامة وتغلغلت بالمجتمع و بنسيجه ولذلك “نية” الإصلاح والتغيير وحدها لا تكفي.
 بل يجب أن يكون قرار جمعي بين كافة جهات الدولة والمجتمع لأن لمواجهة  السلوكيات الخارجة عن إطار الدين والأخلاقيات العامة، تعاون وطني يقف حائلا دون التحايل عليه.

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها