تداعيات توقف الطواف!!

تنظيف سطح وثوب الكعبة المشرفة

والآن وقد توقف الطواف حول الكعبة في سابقة لم يشهدها التاريخ من قبل فهل يعني ذلك أن الطواف حول البيت قد أنقطع وأنقطع معه أمل الناس في الرحمة ومغفرة الذنوب؟.

تحدث الله -عز وجل-في القرآن الكريم عن شيئين مهمين هما قوام حياة الناس في هذه الدنيا،فقال تعالى “ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً” فسمى الله تعالى المال قياما، فهو قوام لحياة الناس البدنية وبدونه لا يستطيع الإنسان أن يصمد في مواجهة الحياة.
ثم تحدث -عز وجل-عن قوام  أخر لحياة الناس  فقال تعالى “جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس ” فكان البيت الحرام هو قوام حياة الناس الروحية وبدونه أيضاً لا يصمد البشر طويلا في مواجهة الحياة.

ونحن نعلم أن هذا البيت سيهدم قرب قيام الساعة، ثم لا يلبث بعده البشر كثيرا، فتقوم القيامة عليهم.
والمتأمل في القرآن الكريم يرى جيدا أن البيت الحرام لا يذهب إليه الناس بأجسادهم، بل تسبقها أفئدتهم وذلك بفضل دعاء أبينا إبراهيم-عليه السلام-“ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فأجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم”.
ثم أمره تعالى “وأذن في الناس بالحج” وبشره “يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق”.
ومن يعرف المسلمين يعلم جيدا أنهم متعلقون بالبيت الحرام تعلقهم بالحياة فتراهم يشتاقون لزيارته وبعد الزيارة يزداد اشتياقهم فيعاودون الذهاب إليه كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً حتى قال الشاعر عن الكعبة

البيت الحرام عقب منع الصلاة فيه بسبب تفشي وباء كورونا

لا يرجع الطرف عنها حين ينظرها …..حتى يعود إليها الطرف مشتاقا
بل إنه إن لم يستطع الذهاب أوصى من يذهب بالدعاء له، فلا يشعر بالأمان بدون هذا بل إن مجرد رؤيته للطائفين حول البيت ولو عبر التلفاز يشعره بالأمن فقد قال تعالى “وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون”.
وبهذا قد يتضح معنى أن هذا البيت قياما ولكن العجيب أن الله تعالى لم يجعله قياما للمسلمين فقط بل جعله قياما للناس.
والآن وقد توقف الطواف حول الكعبة في سابقة لم يشهدها التاريخ من قبل فهل يعني ذلك أن الطواف حول البيت قد أنقطع وأنقطع معه أمل الناس في الرحمة ومغفرة الذنوب؟
نعم أنقطع الطواف حول الكعبة في الأرض، لكنه لم ينقطع حول البيت المعمور في السماء، فقد قال-صلى الله عليه وسلم-(البيت المعمور مسجد في السماء بحذاء الكعبة لو خر لخر عليها يدخله سبعون ألف ملك كل يوم إذا خرجوا لم يعودوا ).
وهنا أتساءل هل استحق أهل الأرض أن يحرموا من الطواف حول الكعبة! بينما استحق من “لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون” ألا ينقطع طوافهم حول البيت المعمور؟!!!

لا يرجع الطرف عنها حين ينظرها …..حتى يعود الطرف إليها الطرف مشتاقا

نعم قد أنقطع الطواف حول الكعبة، ولكن استمرار الطواف حول البيت المعمور هو من أعظم مظاهر رحمة الله بالبشر فقد قال تعالى” ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض”
فسخر هؤلاء الملائكة وحملة العرش والحافين من حول العرش للاستغفار لنا ولولا ذلك لأهلكنا.
قال تعالى “الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا”.
ولا يقتصر استغفار الملائكة على المؤمنين بل يستغفرون لأهل الأرض جميعا لأن الأمر حقا جلل والعواقب ستكون وخيمة قال تعالى “تكاد السموات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم”.

عجبا فما الذنب الذي اقترفه البشر تتفطر بسببه السماء ؟!!!يتجلى الجواب واضحا في سورة مريم حيث قال تعالى” وقالوا اتخذ الرحمن ولدا. لقد جئتم شيئا إدا. تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا. أن دعوا للرحمن ولدا. وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا “.
هكذا إذا فمجرد القول بنسبة الولد لله -عز وجل-كفيل بانهيار النظام الكوني لولا أن الله “هو الغفور الرحيم”.
فاللهم اغفر لنا وردنا إلى حرمك ردا جميلا في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة واجبرنا اللهم فيما أخطأنا وقصرنا وجهلنا إنك أنت الغفور الرحيم.

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها