بين القلم والفكرة قصة بناء لا خراب

عندما تتخذ الكلمة والقلم سلاحا تأكد أن دمك وجسدك أصبح مباحا. هو حق من حقوقك التعبير والانتقاد. لكن ذلك في الدول الديمقراطية وليس في ظل الديكتاتوريات العربية. أنت تعيش على مبدأ مقولة الشهيد طاهر جاووت: “إن قلتها أنت ميت، وإن لم تقلها أنت ميت فقلها ومت”. هذه ضريبة الرغبة في التغيير والإصلاح نحو الأفضل. هذه ضريبة كشف الحقائق ومحاربة الفساد وفضح الفاسدين.
مع الأسف عوض أن تستفيد سلطتنا من هذه الأقلام وأصحاب الفكر النير والكلمة الصادقة، يحاربونهم، ويسجنونهم. هذا إلى جانب إمكانية إخراس أصواتهم للأبد. ولدينا الكثير من الأمثلة في ذلك على المستوى العربي بداية بتاريخ العشرية الحمراء بالجزائر وقوافل الشهداء هناك. وفي العصر الحديث إعدامات واعتقالات وإخفاء قسري لمجرد امتلاك قلم وفكرة (مصر، سوريا، ليبيا) ولعل أشدها إجراما ما حدث للشهيد جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول وهو القائل (قل كلمتك وامشِ) وقالها ورحل بجريمة هزت العالم. والحالات عديدة في اليمن والعراق وغيرها.
إن ثقافة حكامنا ترفض الاختلاف وتريد القلم والفكر المطيع، الذي يطبق أوامره ولا يناقش. وينفذ أجندة الحاكم الداخلية والخارجية حتى على حساب كرامة المواطن وسيادة بلاده وأمنها واستقرارها.
عندما يصبح القلم والفكرة مرتهنة لصالح حاكم ما اعلم أنك في حضرة حاكم عربي فاشل يريد شراء الأصوات والذمم وتلميع صورته.
إن ارتهان الفكر والقلم لدى السلطان إيذان بخراب البلاد والعباد وانتشار الفساد. فيا حكامنا: الاختلاف لا يفسد للود قضية، الاختلاف صحة للمشهد وعلاج للأزمات والمشكلات.
لكن هذا لا يمنع وجود أقلام متلونة وقابلة للشراء ومطيعة للحاكم وللذي من يأتي من بعده. إن ثقافة الخنوع والرعاع وتغيير المبادئ والثوابت مع تغيير الوجوه في السلطة وهم نكبة على البلاد والعباد.
إن القلم والفكرة عنوان للقيم ونشر المبادئ وتصحيح وضع المجتمع. لماذا وصلنا لهذا المستوى المتدني؟ لقد أصبح المشكل أخلاقيا وقيميا كبيرا. عندما تجند أقلام وأبواق لنشر الفوضى والخراب ودعم انقلابات دموية فهذه هي الكارثة الكبرى. وأقم مأتما على الوطن.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها