برَّع يا استعمار

شعار المجد الذي يتفاخر به اليمني في الجنوب وأغنية النصر التي لا تمل يرددها الصغير والكبير والغني والفقير والمتعلم والجاهل وتبعث فيهم روح المقاومة والإباء كلما مرت على آذانهم.

يشدني أسلوبه الآسر كلما تكلم عن صباه وشبابه في أرجائها، من فرط ما أحبها لم ينسى أدق تفاصيلها رأيت جمالها في خصاله وملامح وجهه ولهجة لسانه، حديثه عنها لا يُمل كان يبحر إن روى لنا تاريخها أو شرح معالمها وعادات أهلها ونوادرهم، وفي كل مرة يختم كلامه بالقول: من زارها سحرته وتمنى العودة إليها، فكيف بمن عاش في جنوب اليمن وعرفها وعاشر سكانها.

أبي ينتمي إلى تعز الحالمة إلا أنه علمنا كيف نحب أرض جنوب الوطن مثل كل بقاع اليمن فهي لا تقدر بثمن ولا يبيعها إلا جاحد، هذا ما تؤكده لنا ذكرى 14 أكتوبر من كل عام على لسان أبنائها، فكيف سيسمع المحتل الإماراتي كلمات “برع يا استعمار…” وهو يتسكع فيها مع قواته وحثالة المتنفذين بالأجرة.

برع يا استعمار، من أرض الأحرار” تلك أيقونة خليج عدن التي لا تُنسى نسمعها مع هبوب الرياح ومن تلاطم الأمواج كل يوم، تحكي تضاريس جنوب اليمن وتقاليدها وكلمات أغانيها وألحانها وألوان رقصاتها أن لها تاريخ مليء بالملاحم والأحداث وتتمتع بتعدد أعراقها وتنوع شعبها مما يحتم عليهم العيش بكرامة رغم أنف أي مستبد، تعلموا من حركة أمواج البحر الذي لا تقيده إلا إرادة الله الحرية وألفوها وجرت في عروقهم وتوارثوها كابراً عن كابر.

أقبلت ذكرى ١٤ أكتوبر واليمن أحوج ما يكون لها لترجع بِنَا الذاكرة للوراء ونردد أغنية أبن زنجبار اليمنية من جديد، نتذكر لما ولمن قيلت ليسمعها المحتل الجديد.

ظن المستعمر الأجنبي أنه أحكم سيطرته على جنوب اليمن، وبعد أكثر من مائة سنة من الاستبداد والاستنزاف والإذلال لأبنائه وجد نفسه أنه لص ابن لص ابن لص، ورثّه أجداده العار ولم يرث الأرض بمن فيها كما كان يخطط عند قدومه، تماماً كما يفعل اليوم الاحتلال الإماراتي.

برع يا استعمار، شعار مجد وحرية كلما تغنى به اليمني في الجنوب بعثت فيه روح المقاومة والإباء.

برع يا استعمار، صوت لا يتلاشى ولا يخفت في أرجاء جنوب اليمن انها أيقونة الحرية التي سيسمعها غداً لصوص أبو ظبي ولو تغنى لهم الخونة وتوددوا لهم بالتطبيل والمديح في الليل والنهار.

في اليمن التي خاف من ثورات أهلها المتعاقبة وحراكهم السياسي أنظمة دول الجوار الدكتاتورية سنرى فصلاً جديداً مع محتل آخر، وكم هي الفضيحة التاريخية التي تنتظر أمراء ألفوا الدلال والترف يوم يقفون في مواجهة شعب صقلته أحداث السنين، وقوده ودافعه تاريخ وحضارة لم تمحها شراء الذمم وممارسات المأجورين.

وشتان بين احتلال دولة عظمى بالأمس واحتلال دولة رخوة لا يجيد قادتها إلا اعتقال العقلاء خوفاً من قوة الحق وحرية الرأي ويتقنون استثمار الخونة وبعثرة الرشاوي أينما توجهوا وإدارة أقسام الشرطة والمعتقلات السرية.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها