انتبه.. لا تحرم أبناءك حق الوطنية!

الصورة المنتشرة لجواز السفر المختوم بالتاريخ المذكور

كلما كبر سمع أكثر إنهم مختلفون ليسوا مثلنا ، دينهم ليس ديننا ..هذا وطنهم بلدهم لغتهم !. أنت فقط عربي.

انتبه أن تحرم أبناءك حق الوطنية فيقع المحظور! الكثير الكثيرمن مشاكل الناشئين في بلد أجنبي تكون مرتبطة بسبب نفسي خفي لا ينتبه له أغلب الآباء.اللغة لغته والبلد بلده ومع ذلك فهوغريب لا وطن له ؟

قد يحس المرء بالغربة إن فارق بلده ، أهله والمكان الذي نشأ فيه وارتبطت نفسه بكل تفاصيله والتصقت به جل ذكرياته

قد يحس المرء بالغربة إن وجد أن اللغة التي يتحدث بها ليست باللغة التي تعود سماعها منذ صغره في كل الأنحاء .

قد يحس بالغربة إن أيقن أن لا مكان للغته التي طالما نطق بها لسانه بتلقائية وأريحية.ذلك حال الكثير من الذين غادروا أوطانهم سواء برغبة منهم أو مكرهين. هاجروا إلى بلدان أخرى كي تكون مستقرا لهم.

الأطفال في الغربة

غربة ، حنين ، شوق ، وحشة لعلها الخليط الذي لا يغيب عن شعور أغلبهم خاصة في البداية ‘ أما هو فقد فتح عينيه في هذا البلد الجديد و نشأ فيه وسمع لغته و نطق بها منذ صغره’ ذكريات طفولته أغلبها هنا لكنه كلما كبر كلما أحس بالغربة أكثر فأكثر. لكنها غربة فريدة و قاسية جدا ، غربة من لا وطن له أبدا.

غربة من يبحث عن وطن ليحس بأنه فعلا وطنه ، لكنه لا يجد ! كلما كبر سمع أكثر إنهم مختلفون ليسوا مثلنا ، دينهم ليس ديننا ..هذا وطنهم بلدهم لغتهم !. أنت فقط عربي تونسي ، جزائري ، مغربي أو سوري ، المهم أنت لست أبدا من هذا البلد الذي ولدت فيه وكبرت فيه.

أنت لا تنتمي إليه ولا يمكن أن تنتمي إليه أبدا.. فنحن لسنا مثلهم ! غربة عميقة يحس بها ولعلها أعمق ممن هاجر من وطنه,  ويعلم أنه رغم ذلك له وطن ينتسب إليه حتى وإن كان بعيدا جدا .

أما هو فولد هنا وكبر هنا و لغته لغة هذا البلد و سلب حقه في أن يحس بالوطنية،  إما أن يحس بانتمائه لبلد لم ينشأ فيه ، ولا يحس فعلا أنه وطنه أو لا يحق له أن يحس بالوطنية أبدا.

كبر فنقم على من سلبه هذا الحق البديهي ؛ فحاول أن يقلد أبناء هذا البلد تمام التقليد عله يحظى باعتراف له بوطن فيجد أخيرا موطنه و يرحب به في موطنه من أهل هذا البلد .

وكأني أسمع لسان حاله يقول :” لماذا لا يحق لي أن يكون البلد الذي ولدت فيه وتكلمت لغته منذ صغري وطنا لي ؟ لماذا ؟ ما هذا الحكم الجائر ؟ لا تلوموني إن ضربتُ بكل شيء عرض الحائط و قلدت كل ما يفعله أبناء هذا البلد لأني أصبو إلى أن يعترفوا لي بانتمائي إلى وطن! “.

لعل نداءه يصل لمن أنجب أطفالا في الغربة فلا يحرمهم من أن يكون لهم وطن يحسون أنه فعلا وطنهم فيتجنبون بذلك كثيرا من التبعيات النفسية السلبية التي هم في غنى عنها.

 

هو ليس بمفرده هو واحد من آلاف الشباب من الذين استوطن آباؤهم في الغربة ورغم نشأتهم في بلد ما، حرمهم آباؤهم بأن يحسوا بالوطنية خوفا من أن يتنكروا لعقيدتهم أو تقاليدهم .

لكنهم لم يلاحظوا أنهم بمحاولتهم ربط أبنائهم عنوة ببلد لم يولدوا فيه ولم ينشؤوا فيه ولا يمكنهم أن يحسوا أنه وطنهم حقا، قد يجعلهم يحسون بالغربة الدائمة ، غربة من لا وطن له.. وكأني أسمع نداءه قائلا : ” لا تلوموني إن ضللت فقد حرمتموني حقا عظيما.

لم تقولوا لي وطنك هنا ، أنت من هذا البلد ولغتك لغة هذا البلد و أنت فرد من هذا البلد ، هو وطنك حتى وإن كانت عقيدتك مختلفة ؟. لو قلتم لي هكذا لأعطيتموني الأمان و لما بحثت أن أقلد هذا أو ذاك في كل ما يفعل كي يقر لي بأني ابن هذا الوطن ، الذي أحس في أعماقي أنه فعلا وطني الذي حرمتموني حقي في أن أنتسب إليه”.

لعل نداءه يصل لمن أنجب أطفالا في الغربة فلا يحرمهم من أن يكون لهم وطن يحسون أنه فعلا وطنهم فيتجنبون بذلك كثيرا من التبعيات النفسية السلبية التي هم في غنى عنها.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها