اليابان.. الكوكب الذي احببناه

تتكون اليابان من (6852) جزيرة وتعد معظم أراضيها غير خصبة , وتتعرض سنويا لـ (1500) زلزال، إلا أنها تملك الاقتصاد الثالث في العالم، وتحتل المرتبة الرابعة عالميا في الواردات والصادرات، ويُعد شعبها من بين أكثر الشعوب تعليما؛ إذ يملك معظمه شهادات تعليم عالٍ، ولا تتجاوز معدلات البطالة فيها 4%.

المعجزة اليابانية: لقد صعدت اليابان إلى مصاف كبريات الدول في قصة دراماتيكية حقيقية؛ فبعد انكسارها بالحرب العالمية الثانية، وقفت بعدها على قدميها في ما يشبه المعجزة ، فهي الدولة الوحيدة التي ضربت بقنبلتين ذريتين ونجت، وداوت جراحها لتصبح لاحقا قوة اقتصادية عالمية.

فقد أصبح الفرد الياباني مضرب المثل في العمل والتفاني والسعادة، ويكفيك أن تسأل أحدهم عن صورته الذهنية عن اليابان  ليجيبك عن “اليابان التي تزدهر طرقاتها بالنظام والنظافة، الدقة في المواعيد، الخدمات المتوفرة ، الوزراء النزيهين الذين يعتدزون للشعب بسبب انقطاع الكهرباء أو لأن مسنة يابانية تعدى عمرها 124 عاما، لا تحسن قراءة اسمها فيستقيل الوزير، اليابان التي يساعد فيها الجيران بعضهم بعضا على نقل المفروشات أثناء الانتقال إلى منزل جديد، شعب مسالم ومضياف يقدس تقاليد الضيافة للغرباء، مؤشرات نمو قياسية، بعقول عباقرة يصنعون الرجال الآليين كتسلية.

وهكذا تخرج الصور الجميلة عن اليابان إلى العالم : بأنه مكان تغمره السعادة، حيث تقف الحداثة والأصالة جنبا إلى جنب , والشعب سعيد مثالي.

اليابان

 

وفي اليابان وصلت الأمانة إلىحد لم يبلغه شعب أخر , فقد كانت هذه هي السنة الرابعة على التوالي التي يرتفع فيها حجم المبالغ النقدية التي تم تسليمها إلى الشرطة ، وهو أعلى رقم مسجل، وبلغت المفقودات النقدية المبلغ عنها 8.4 مليارات ين، مما يعني أنه تم تسليم 46.0٪ من المبالغ النقدية المفقودة.

ويجري مكتب مجلس الوزراء الياباني مسحا سنويا للرأي العام حول حياة الناس. وجد المسح في عام 2019 والذي نشرت نتائجه في العام الماضي، أن 73.8% من المستطلعة آراؤهم راضون عن أسلوب حياتهم . وتدعم هذه الأرقام القول إن معظم اليابانيين سعداء.

وففي الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة غالوب في الفترة من 1 – 10 فبراير/شباط عام 2019 اختار 30% من المشاركين عبارة ’’محبوبة جدا‘‘ بشأن اليابان، في حين أن 56% اختاروا عبارة ’’محبوبة تقريبا‘‘ عن اليابان، وبالتالي فإن ما مجموعه 86% من المستجيبين للمسح لديهم صورة إيجابية عن اليابان.

انخفاض معدل الجريمة: يعزى هذا الانخقاض في الجريمة في جزء كبير منه إلى التزام المواطنين اليابانيين بالقانون والنظام، بالاضافة إلى أنهم يتمتعون بعلاقات وثيقة بين الشرطة والمجتمع، حيث إن المجتمع الياباني متماسك نسبيا وخالٍ من الانقسامات العرقية أو الدينية الخطيرة.

أصبح الفرد الياباني مضرب المثل في العمل والتفاني والسعادة، ويكفيك أن تسأل أحدهم عن صورته الذهنية عن اليابان  ليجيبك عن ” اليابان التي تزدهر طرقاتها بالنظام والنظافة، الدقة في المواعيد، الخدمات المتوفرة ، الوزراء النزيهين الدين يعتدزون للشعب بسبب انقطاع الكهرباء

الصورة الإيجابية : يساهم الإعلام دوما في تبييض صورة شخص أو بلد ما، لكن ما حدث مع اليابان مختلف، ففي الدول العربية على سبيل المثال صارت صورة اليابان أمنية وحلما لكنه بعيد المنال عن الجميع، ليست كأمريكا أو أوربا، هي الأفضل من الأفضل.

وفي الجانب الآخر، إذا بحثنا عن الصورة الاخرى،فسنكتشف أن هناك جانبا آخر لليابان، وصورة واقعية ليست بيضاء تماما. فقد حدث أن كان هناك بعض الظواهر السلبية نتيجة هذه الثورة الاقتصادية والانقلاب الحضاري والتي ظهرت على المجتمع، فقد برزت لديهم بعض التعقيدات الاجتماعية المرتبطة بالمشاكل الإقتصادية، وضغط العمل والتمدن والتطور الحضاري.  

وإليكم بعضا من الصور والمظاهر السلبية في المجتمع الياباني:

الهوية: اليابان التي استقلت عن سيطرة أمريكا عام 1952 بالرغم من ربحها لمعركة التكنولوجيا، خسرت هويتها، وكان من الممكن لها التطور بدون انسلاخ وبدون ذوبان في ثوب الحضارة الغربية.

الانتحار: إن استمرار تزايد حالات الانتحار سيشكل تهديدا حقيقيا على وجود اليابان في المئة سنة المقبلة، ففي عام 2017  سجلت 26 ألف حالة انتحار .

العزوف عن الزواج والولادة : ومع تناقص المواليد سيصبح المجتمع الياباني يعج بالعجائز، مما يؤثر على اليد العاملة التي يحتاجها الاقتصاد في الصناعة والإنتاج، وأيضا لا نستطيع أن نغفل ظاهرة تناقص عدد الوفيات، وزيادة نسبة كبار السن، بسبب العناية الصحية الفائقة.

مافيا الياكوزا: في أحد الزلازل التي ضربت اليابان، قدمت منظمة الياكوزا المساعدات للسكان والمناطق المتضررة أسرع من الحكومة ذاتها، مما سلط الضوء على النفود الدي تملكه هذه المافيا، إذ تمتلك هذه المافيا القدرة على التدخل في عالم السياسة، مثلما توسّعت في عالم العقارات والإنشاءات والتكنولوجيا والمعاملات المالية، وأدارت “الياكوزا” مؤسسات عدة، وعلى مرّ العقود لجأ إليها كبار الشخصيات السياسية ورجال الأعمال ورؤساء الشركات والمشاهير من أجل حل مشكلاتهم، وقد قدرت الحكومة عدد أفرادها ب 150 ألف فرد، منتظمين ومحترفين للجريمة بكل انواعها.

العزلة الاجتماعية: لقد ظهر مصطلح أصبح متداولا “المنعزلون العاطلون عن العمل”، وتشير هذه الكلمة إلى شريحة من اليابانيين ممن تتراوح أعمارهم ما بين أكثر من ٢٠ عاماً إلى ٥٩ عاماً. وهم لا يعملون وغير متزوجين، ويقضون معظم الوقت وحدهم أو مع شخص فقط ربما من أسرهم.

وختاما، لقد ضمنت اليابان، مكانا لها على الصعيد الدولي من بين دول العالم التي تحظى بالإعجاب بمعجزتها الصناعية وجودة صناعاتها التي تشتهر بها.

وعلى الصعيد الشعبي أيضا فقد حظي اليابانيون بإعجاب كل مواطني العالم ، لما يتميزون به من ود وتواضع وإخلاص وتفان بالعمل وثقافة تحترم الإنسان وتقدس العمل، فقد أضحت اليابان اليوم صورة مشرقة بدولتها وبصناعاتها وبشعبها الخلوق، ولكن بالنهاية إن هذا الكوكب الياباني ليس مثاليا على المطلق , وإن جنةالحالمين باليابان: مليئة أيضا بالورود وبالأشواك .

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها