المقاطعة والانتخابات الموازية والـ97%

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وهو يدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية المصرية
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وهو يدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية المصرية

تعالت دعوات مقاطعة الانتخابات الرئاسية التي دعا إليها النظام المصري، والتي عقدت في شهر مارس/آذار، منذ فترة طويلة.  ولكن في الأسابيع الأخيرة ظهرت دعوة أخرى وهي في جوهرها تحتوي على دعوة للمقاطعة ولكنها مقاطعة إيجابية.  تلك الدعوة هي الدعوة إلى انتخابات موازية: انتخابات بدون تزوير – مصر 2018.

 المشكلة في المقاطعة السلبية هي أنها صعبة الإثبات حين يتحكم النظام في كل أجهزة الاعلام ويقرر ما يصل إلى الناس، فإنه سيدعي ما يريد وينكر الجلي، بالذات في غياب مراقبين محايدين على الأرض. والأمر الآخر أن المقاطعة السلبية لا تُظهر ما يريده الشعب. تُظهر فقط ما أو من لا يريده.

ولذا حاولنا العمل على إيجاد بديل يعطي من لم يستطيعوا إيجاد خياراتهم على ورقة التصويت الفرصة للتعبير عن رأيهم ويظهر ما يريده المصريون.

من قبل أن نبدأ كنا نعلم أن علينا أن نأخذ بعض الأمور في الاعتبار، أولها أننا نُجري انتخابات تعددية ليس من الممكن الاستنتاج من نتائجها من هو الفائز (مثلها مثل الدورة الأولى من انتخابات 2012).  لو أردنا معرفة من الفائز فذلك يحتاج إلى دورة إعادة بين الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات.

وأيضا أنه نظرا لمناخ الخوف المنتشر في مصر فإن احتمال تصويت مؤيد للسيسي بإدخال الرقم القومي أعلى بكثير من مؤيد أي مرشح آخر. وهكذا فإن النتائج يجب أن تُقرأ مع أخذ ذلك في الاعتبار.

وثالثا، عند قراءة النتائج لا بد أن نأخذ في الاعتبار أيضا أن المرشحين الـ 6 المدرجة أسماؤهم وصورهم صراحة كانت لديهم ميزة وتفوق مقارنة بآخرين يختارهم الناخبون عن طريق إدخال أسمائهم.

وأخيرا، أن هناك احتمالات لمحاولة حجب الموقع لمنع المصوتين من الوصول إليه من داخل مصر واحتمال تجييش الكتائب الالكترونية للتصويت لمرشح بعينه.

بدأنا في 17 من مارس/آذار وكل هذا نصب أعيننا.  وكان التصويت بطيئا في البداية ولكننا اعتمدنا على الإعلان في السوشيال ميديا للوصول الى المصوتين داخل مصر. وبدأ الاهتمام يزداد وبحلول يوم الـ 26 من الشهر، وبدأ الاقتراع داخل مصر كان هناك نشاط ملحوظ على موقعنا.  وفي نفس اليوم ظهر أيضا أن النظام يحاول منع المستخدمين في مصر من الوصول إليه.  ولأننا كنا نتوقع هذا فقد كنا مستعدين له بمواقع بديلة، وإن كانت هذه الصعوبة قد أثرت بالتأكيد في عدد المصوتين فإنها لم تنه التجربة.

بحلول 28 مارس/آذار يبدو أن النظام كان قد أدرك أنه لن يستطيع منعنا فقرر أن يشارك. ازداد عدد المصوتين للسيسي في ذلك اليوم ازديادا غير طبيعي. وصوت له في ذاك اليوم وحده أكثر من 3 أضعاف عدد الذين صوتوا له إجمالا خلال الـ 10 أيام السابقة!

حين أقفلنا باب الاقتراع مساء الـ 28 وراجعنا النتائج قررنا أنه يجب علينا أدبيا نشرها كما هي. سنقرر كيف نحللها نحن بناء على قراءتنا لكننا سنترك للجميع قرار تحليلها كما يريدون فهي ملك للشعب في آخر الأمر. )التفاصيل هنا: https://masr2018.info/report2.pdf)

إن عدد الذين صوتوا لم يتعد الخمسة آلاف ولكن بتحليل التنوع من ناحية السن ومكان التصويت ومكان الميلاد والجنس تبين لدينا أنها عينة جيدة التنوع يصح الاعتماد على خياراتها لرسم صورة لها مصداقيتها ووزنها عن رأي الشعب المصري.

بدأنا العمل فورا وأصدرنا تقريرا مبدئيا يوم 30 مارس ثم أعطينا أنفسنا فرصة للتداول والنقاش والتحليل أصدرنا تقريرا نهائيا (على مستويين مختلفين من التفصيل) يوم 5 أبريل/نيسان.

هناك بعض ما توصلنا إليه نظن أنه لن يختلف عليه اثنان، فبرغم أنه كانت للسيسي ميزة أو ميزات في الظروف الحالية كما شرحنا آنفا فإن 4 اختيارات تقاربت جدا في عدد الأصوات التي حصلت عليها، وهي: السيسي وعنان وخالد علي ومحمد مرسي (رغم أن الأخير لم يكن في قائمة الخيارات الرئيسية). وهذا يعني أنه لو كان قد سمح لمنافسين جادين بخوض الانتخابات لما كان من الممكن للسيسي أن يفوز من الدور الأول.  هذا والصوت الوحيد الذي خاطب الشعب كان السيسي فماذا لو كان قد سُمح للآخرين بالوصول بصوتهم إلى الشعب؟

واستنتجنا أيضا أنه لو صوت نفس الناخبين في دورة ثانية بين السيسي وأي من الاختيارات الأخرى القريبة له في نسبة الأصوات فرصة فوزه شبه معدومة.  فليس من المعقول أن من صوّت لمرسي أو عنان أو علي سوف يختار السيسي في جولة إعادة. ذلك الناخب سيصوت للمنافس، أيا كان أو سيبطل صوته على أسوأ تقدير.  نفس الشيء ينطبق على من صوت لقنصوة أو حازم أبو إسماعيل (وقد أخذ كل منهما فوق 5% من الأصوات). ومن جهة أخرى هناك احتمال أن يصوت من صوت لمرسى أو شفيق في الجولة الأولى أن يصوت للسيسي في العادة ولكن إجمالي ما حصلا عليه معا لا يتعدى الـ 5%. وبهذا ففي الإعادة لا يمكن للسيسي أن يفوز.

ما أبعد هذه الصورة عن الـ 97% التي أعطاها السيسي لنفسه بمنع المنافسين وتكميم الأفواه – وما خفي كان أعظم.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها