المأزق المصري

أعمال إنشائية بسد النهضة

يجتاح القلق الشديد أوساطا كبيرة من الشعب المصري خوفا على نيلهم العظيم الذى تقوم عليه حياتهم وعلى ضفافه أنشأ أجدادهم حضارتهم التي أدهشت العالم.

يتنامى القلق من الأخبار المتلاحقة من تصريحات المسؤولين الإثيوبيين عن بدء تحويل مجرى مياه النيل الأزرق لملء بحيرة سد النهضة في يونيو/حزيران 2017 والتي تستوعب أكثر من 95 مليار متر مكعب بعد إجراء تعديلات جديدة في التصميمات الإنشائية لزيادة القدرة الإنتاجية للكهرباء من 6000 ميغاوات إلي 6450 ميغاوات وبزيادة عدد التوربينات من 14 إلى 16 توربينا، وفق تصريحات وليد حقيقي المتحدث الرسمي باسم وزارة الري المصرية.

وأضاف المسؤول المصري خلال تصريحات صحفية لموقع إخباري مصري إن مصر بانتظار إنجاز المكاتب الاستشارية للتقارير الفنية. وأكد أن موعد التخزين في يونيو/حزيران 2017 معلن منذ زمن البدء في بناء السد.

ومن المقرر أن تنعقد لجنة خبراء سد النهضة بالمكاتب الاستشارية بالقاهرة مع المكتبين الاستشاريين الفرنسيين لمناقشة التقرير الأول للدراسات بشأن تأثيرات سد النهضة على مصر والتحديات الخاصة بتقنين تخزين المياه والتشغيل، والمنتظر أن تنتهي الشركات الاستشارية من الدراسات بعد 11 شهرا وتم إعطاء مهلة 4 أشهر أخرى للجنة الخبراء الفنيين المشكلة من خبراء البلدان الثلاثة لدراسة آليات وإمكانيات تنفيذ التوصيات التي انتهت إليها الدراسات والاتفاق سياسيا علي وسائل التخزين والملء والتشغيل بما لا يضر بمصالح مصر والسودان.

ومنذ وقع  عبد الفتاح السيسي في مارس/آذار 2015 على اتفاقية إنشاء سد النهضة متنازلا عن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل دون اعتبار للمخاطر الشديدة التي سيتعرض لها الشعب المصري، فقد استغلت إثيوبيا توقيعه في رفع الحظر عن تمويل بناء السد والتسريع بقوة في أعمال البناء دون توقف عند أي مخاوف لمصر.

وتعمدت إثيوبيا الغموض في التعامل مع الحكومة المصرية التي تهاونت تماما في التعامل مع تحذيرات الخبراء ومع تأزم الموقف المائي داخل البلاد.

فمنذ ثلاث سنوات ومياه الري في جميع محافظات مصر في تناقص مستمر وتتعدي المساحات المحرومة تماما من المياه المليون ونصف المليون فدان وتناقص مياه الشرب في معظم قري مصر ومدنها وحتي أرقى الأحياء في القاهرة والإسكندرية.

وفي مؤتمر للمنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة في تونس تحدث أحمد أبو الغيط وزير خارجية مصر الأسبق والأمين العام للجامعة العربية الحالي قائلا إن مصر ستفقد 35 مليار متر مكعب من حصتها السنوية من مياه النيل حال قررت إثيوبيا ملء خزان سد النهضة في 3 سنوات.

وأكد الدكتور محمد حافظ خبير السدود الدولي في حديثه مع قناة “مكملين” الفضائية أنه لن يصل لمصر من حصتها من مياه النيل سوى 14 مليار متر مكعب أثناء الملء وهي لا تكفي على مدار العام الوصول لمستوى فتحات السحب لماكينات شبكة مياه الشرب علي مستوي مصر.

كل هذا فضلا عن انعدام وجود مياه لري ثمانية ملايين فدان زراعة يعيش عليها 54% من شعب مصر هي مصدر رزقهم وطعامهم وأنشطتهم الاقتصادية واستقرارهم الاجتماعي.

وتفرض الحكومة المصرية جدارا من الصمت ومنع المعلومات حول جهودها لمواجهة المأزق الشديد الذي لم تتعرض له مصر من قبل، خاصة حول السد العالي الذي أقيم لتحقيق هذا الأمان المائي لمصر.

وعلى الرغم من الدعاوى القضائية وأحاديث الخبراء في الداخل والخارج بشأن حجم المخاطر الشديدة التي ستتعرض لها مصر فإن الحكومة المصرية تبدو عاجزة وغائبة تماما والوقت يمر.

فهل هناك صفقات معينة سرية دخل فيها السيسي بخصوص المياه لم يحن وقت الإعلان عنها ؟ أم ماذا ؟

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها