الكيان الصهيوني والغارة الثالثة على أفريقيا

 

نشهد هذه الأيام غارات صهيونية على أفريقيا وعالمنا العربي، تأخذ أشكالا مختلفة في كل قطر لكنها تظهر سافرة متبجحة في أفريقيا لا يخطئها البصر دون تردد واستحياء.

أما الغارة الأولى. فكانت مع فجر استقلال هذه الدول، حين وجدت وليدا غير شرعي  ورثته الدول الاستعمارية، ورأى بعض حكام أفريقيا في الكيان الصهيوني بسذاجة أو بحسن نية “ذلك البلد الصغير المساحة، قليل السكان، وبعيد الجغرافيا، والذي لا يشكل خطرا استعماريا على إفريقيا، بينما تتوفر فيها القدرات المادية والفنية للمساعدة في مرحلة البناء ولذلك ستصبح الشريك المثالي الذي يمكن الاستفادة من تجاربه وخبراته دون الخوف من العقابيل والسيئات”.

ويذكر أن دولة مثل الكونغو خرجت من الاستعمار البلجيكي بعد 52 سنة ولا تملك إلا ا30 شخص مؤهلين نسبيا ليتولوا مناصب إدارية.

وسارت العلاقة على نوع من الازدهار والنمو الى أن وصلت الى 25 دولة مطبعة سنة 67، حيث انكشفت حقيقة العقلية الصهيونية وطابعها العدائي، حين احتلت مزيدا من الأراضي العربية، وكان للدبلوماسية العربية دور في فضح هذا الكيان، وتشبيهه بنظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، فبدأت تتعزز شكوك الدول الأفريقية بهذا الكيان وتدهورت العلاقة وتقلصت الدول المطبعة الى 05 دول فقط في بداية 74، وكانت غينيا  أول دولة تبادر بقطع العلاقات.

ثم جاءت الغارة الثانية، وشعرت الدول الأفريقية بالخيانات من الدول العربية مع بداية اتفاقيات السلام من كامب ديفيد الى أوسلو مرورا بوادي عربة، فزادت خيبة أمل الأفارقة من العرب ولطالما اشتكوا من الوعود بالمساعدات العربية التي لا تجد طريقها الى التنفيذ، فعادت العلاقة من جديد ووصلت رقما قياسيا وصل الى 40 دولة مطبعة في نهاية التسعينيات، وفتحت سفارات في 11 دولة (إثيوبيا، إرتريا، كينيا، أنغولا، الكاميرون، نيجيريا، كوت ديفوار، السنغال، مصر، جنوب أفريقيا، وموريتانيا).

وجاءت الغارة الثالثة مع أحداث الربيع العربي وتداعياته من الثورة المضادة ،وجاء اقتراح مؤتمر هرتسيليا 2014م ليؤسس لأربعة مبادئ جديدة في العقيدة الأمنية الاسرائيلية لتصبح قادرة على مواجهة التغيرات الإقليمية السريعة، وهي ( الوقاية ، الاستباق ،التحالف مع الولايات المتحدة ، التكيف ) .بديلا عن مبدأ “بن غوريون” الذي يسمى بالقانون الشفوي والذي حدد العقيدة الأمنية منذ قيام الكيان الصهيوني الى اليوم والذي يقوم على:( الردع ، الإنذار المبكر ، التفوق العسكري ، والدفاع ) .ثم الاتجاه الى بناء قاعدة تحالفات اقليمية جديدة رسمية عبر ثلاث مستويات :تشمل دول الخليج والسعودية من خلال دعم مبادرة السلام .ثم منطقة شرق أفريقيا ولاسيما دول حوض النيل. ثم دول حوض المتوسط ولاسيما قبرص واليونان. ليتمكن من وتهديد الأمن القومي العربي والمغاربي بعدم تحوّل البحر الأحمر إلى بحيرة عربية ولمواجهة التأثير العربي والجزائري على الاتحاد الأفريقي. وكسب تأييد الأفارقة في المحافل والمنظمات الدولية.

والكيان الصهيوني اليوم يبشر بمالي من تشاد وسيبشر بالمغرب من مالي، ويهدد الجزائر من المغرب. وكما يسعى لأن يحول البحر الاحمر الى بحيرة صهيونية باحتلال المنافذ ومصادر المياه والثروة، سيسعى أن يحول الساحل الصحراوي الأفريقي الى ساحل صحراوي صهيوني بنشر السلاح والإرهاب، يهدد أفريقيا ويهدد المغرب العربي ويهدد الجزائر.

لتكون الغارة الثالثة استكمالا للتطبيع فيما تبقى من الدول الأفريقية في الغارتين الأولى والثانية.

 

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها