الطرمخة سرطان الثقافة المصرية

مصطلح ” طرمخة ” هو مصطلح عامي مصري بحت يتم استخدامه للدلالة على التستر على أمر ما، لكن في طياته يكون الأمر أقرب للتستر على فضيحة أو فعل كارثي قد حدث، هذا هو الشائع عن معني ” طرمخة ” مصطلحا ولكن عندما تكون ” الطرمخة ” ثقافة متداولة من قديم الأزل فتلك هي الطامة الكبرى. 
“الطرمخة” تعد من الأساليب التي يتم بها إدارة الأمور في مصر وذلك منذ عهد قديم. تطورت ” الطرمخة ” حتى أصبحت منتقاة فلا تكون لأي شخص إلا ومعه اعتماد ال “VIP” داخل المجتمع. إذا نظرت إلى الأمور في مصر منذ بداية عهدها الحديث ستجد أن “الطرمخة” هي الرقم الصعب في إدارة تلك الأمور.. الطرمخة تعتمد في نجاحها على عامل واحد فقط وهو الزمن ” يلا الناس بتنسي ” . الطرمخة كانت الحاكم في أحداث أدت الى مقتل الآلاف في مصر.. حدثت الطرمخة في حريق قطار ليلة العيد، حدثت الطرمخة في غرق عبارة مات راكابها غرقا أو نهشا في البحر.. الطرمخة حدثث عندما استشهد 74 شهيدا في ملعب كرة قدم، الطرمخة حدثت في المليارات التي تمت سرقتها من أموال ذلك الشعب الفقير! الطرمخة حدثت عندما تم التخلي عن مياه النيل التي ناضل أجداد هذا البلد للحفاظ عليها وتحدث يوميا مع قلة منسوب المياه بشكل يومي. الطرمخة تحدث يوميا في حوادث العنف الأسري وفي جرائم الشرف المتكررة يوميا ” كل واحد في حاله”. الطرمخة تحدث في كل رشوة تخرج في إشارة مرور أو عند مكتب أي موظف ” الشاي بتاعي يا باشا” . الطرمخة أصبحت مبررة ويومية في كل حالة وفاة في المستشفيات الحكومية أو نتيجة الإهمال الصحي.. الطرمخة تحدث في جرائم حدثت وتحدث باسم الدين من تفجير للكنائس والجوامع وقتل الناس أثناء اداء صلواتهم . الطرمخة حدثت عندما تم قتل 5 اشخاص على يد الشرطة المصرية التي صرحت بأنهم من قاموا بقتل الطالب الإيطالي ريجيني عام 2016 حيث صرح رئيس البرلمان الإيطالي علانية قبل بضعة أيام أنه لا يثق في النيابة المصري. الطرمخة تحدث في التغاضي عن مرور المخدرات داخل البلاد عن طريق الحدود، الطرمخة تحدث عندما وجدنا مصر تتربع على عروش الفشل العالمي سواء عند حصولنا على المركز قبل الأخير في مستوى التعليم أو أن تكون القاهرة بلد غير آمن للزيارة نظرا لكمية التلوث التي تملأ شوارعها. الطرمخة تحدث عندما اعتلت مصر المركز الثالث عالميا في التحرش الجنسي حيث تتعرض نساء مصر لمختلف أشكال التحرش يوميا. الطرمخة ثقافة وروتين، خلقها الاعتياد على استباحة أجساد المواطنين، وعدم تجريمها في الوعى الحقيقي لضباط وأفراد الشرطة وبعد أن أصبح العالم أجمع في كهف صغير على الشبكة العنكبوتية في المجال الفضائي فقد أصبحت تلك الطرمخة مكشوفة ولكن لا وجود لردة فعل. والتعبير ( طرمخ ) بالرغم من طرافته له معاني عميقة ، تخيل أنك دفنت فضيحة في مكان ما .!. ثم أنشأت فوقها طريقا، وضعت الدقشوم وهرسته ثم رشيته بالزفت ..ثم فرشت الإسفلت فوقه ثم هرسته مرة أخرى .. وراحت السيارات تروح .. وتغدو .. فوق الطريق .. هل يمكن إخراج ماتم دفنه؟، هل يمكنك أن توقف الطريق وتوقف حال البشر لكي تحفر وتخرج المدفون؟! أعتقد أننا نعيش حاليا عصر الطرمخة … ذلك العصر الذي انتفض فيه شعب وبرلمان دولة على فستان ممثلة ولم بنتفضوا على كوارث تفشت في تلك الدولة. 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها